(٢) . قال محمود: «إن قلت لم لم يقولوا: إنما الربا مثل البيع … الخ» قال أحمد: وعندي وجه في الجواب عن السؤال الذي أورده غير ما ذكر، وهو أنه متى كان المطلوب التسوية بين المحلين في ثبوت الحكم، فللقائل أن يسوى بينهما طرداً، فيقول مثلا: الربا مثل البيع، وغرضه من ذلك أن يقول: والبيع حلال فالربا حلال. وله أن يسوى بينهما في العكس فيقول: البيع مثل الربا، فلو كان الربا حراما كان البيع حراما ضرورة المماثلة. ونتيجته التي دلت قوة الكلام عليها أن يقول: ولما كان البيع حلالا اتفاقا غير حرام، وجب أن يكون الربا مثله، والأول على طريقة قياس الطرد، والثاني على طريقة قياس العكس، ومآلهما إلى مقصد واحد، فلا حاجة على هذا التقرير إلى خروج عن الظاهر لعذر المبالغة أو غيره، وليس الغرض من هذا كله إلا بيان هذا الذي تخيلوه على أنموذج النظم الصحيح وإن كان قياسا فاسد الوضع، لاستعماله على مناقضة المعلوم من حكم اللَّه أيضا في تحريم الربا وتحليل البيع وقطع القياس بينهما، ولكن إذا استعملت الطريقتين المذكورتين استعمالا صحيحاً فقل في الأولى: النبيذ مثل الخمر في علة التحريم، وهو الإسكار، والخمر حرام فالنبيذ حرام. وقل في الثانية: إنما الخمر مثل النبيذ فلو كان النبيذ حلالا لكان الخمر حلالا، وليست حلالا اتفاقا فالنبيذ كذلك ضرورة المماثلة المذكورة، فهذا التوجيه أولى أن تحمل الآية عليه، واللَّه أعلم.