للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِيثاقَ النَّبِيِّينَ فيه غير وجه: أحدها أن يكون على ظاهره من أخذ الميثاق على النبيين بذلك. والثاني أن يضيف الميثاق إلى النبيين إضافته إلى الموثق لا إلى الموثق عليه، كما تقول:

ميثاق اللَّه وعهد اللَّه، كأنه قيل: وإذ أخذ اللَّه الميثاق الذي وثقه الأنبياء على أممهم، والثالث: أن يراد ميثاق أولاد النبيين وهم بنو إسرائيل على حذف المضاف. والرابع: أن يراد أهل الكتاب وأن يرد على زعمهم تهكما بهم، لأنهم كانوا يقولون: نحن أولى بالنبوة من محمد لأنا أهل الكتاب ومنا كان النبيون. وتدل عليه قراءة أبىّ وابن مسعود: وإذ أخذ اللَّه ميثاق الذين أوتوا الكتاب واللام في لَما آتَيْتُكُمْ لام التوطئة لأن أخذ الميثاق في معنى الاستحلاف «١» وفي لتؤمنن لام جواب القسم، و «ما» يحتمل أن تكون المتضمنة لمعنى الشرط، ولتؤمنن سادّ مسدّ جواب القسم والشرط جميعاً، وأن تكون موصولة بمعنى: للذي آتيتكموه لتؤمنن به. وقرئ: لما آتيناكم وقرأ حمزة: لما آتيتكم. بكسر اللام ومعناه: لأجل إيتائى إياكم بعض الكتاب والحكمة ثم لمجيء رسول مصدّق لما معكم لتؤمنن به، على أن «ما» مصدرية، والفعلان معها أعنى «آتيتكم» و «جاءكم» في معنى المصدرين، واللام داخلة للتعليل على معنى: أخذ اللَّه ميثاقهم لتؤمنن بالرسول ولتنصرنه، لأجل أنى آتيتكم الحكمة، وأن الرسول الذي آمركم بالإيمان به ونصرته موافق لكم غير مخالف.

ويجوز أن تكون «ما» موصولة. فإن قلت: كيف يجوز ذلك والعطف على آتيتكم وهو قوله (ثُمَّ جاءَكُمْ) لا يجوز أن يدخل تحت حكم الصفة، لأنك لا تقول: للذي جاءكم رسول مصدق لما معكم؟ قلت: بلى»

، لأنّ ما معكم في معنى ما آتيتكم، فكأنه قيل: للذي آتيتكموه وجاءكم رسول مصدق له. وقرأ سعيد بن جبير «لما» بالتشديد، بمعنى حين آتيتكم بعض الكتاب والحكمة،


(١) . قال محمود: «اللام في لما آتيتكم لام التوطئة لأن أخذ الميثاق في معنى القسم … الخ» قال أحمد: يريد على أن قوله: (رَسُولٌ) فاعل جاء، لأنه لا يخلو من الضمير وإلا فهذا القول صحيح على أن يكون الفاعل مضمراً، ورسول: خبر الموصول. ولم يرد الزمخشري إلا الأول، وهو ظاهر الآية.
(٢) . عاد كلامه، قال مجيبا عن السؤال: «قلت: بلى … الخ» قال أحمد: يريد أن الكلام وإن خلا من العائد إلا أنه في معنى كلام يتحقق فيه العائد فيجوز دخوله في الصلة، واللَّه أعلم.