للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد كفر» «١» ومنها ذكر الاستغناء عنه وذلك مما يدل على المقت والسخط والخذلان، ومنها قوله (عَنِ الْعالَمِينَ) وإن لم يقل عنه، وما فيه من الدلالة على الاستغناء عنه ببرهان، لأنه إذا استغنى عن العالمين تناوله الاستغناء لا محالة، ولأنه يدل على الاستغناء الكامل فكان أدلّ على عظم السخط الذي وقع عبارة عنه. وعن سعيد بن المسيب نزلت في اليهود، فإنهم قالوا: الحج إلى مكة غير واجب وروى أنه لما نزل قوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) جمع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أهل الأديان كلهم «٢» فخطبهم فقال، إن اللَّه كتب عليكم الحج فحجوا» فآمنت به ملة واحدة وهم المسلمون وكفرت به خمس ملل قالوا: لا نؤمن به ولا نصلى إليه ولا نحجه، فنزل (وَمَنْ كَفَرَ) وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم «حجوا قبل أن لا تحجوا، فإنه قد هدم البيت مرتين ويرفع في الثالثة» «٣» وروى «حجوا قبل أن لا تحجوا، حجوا قبل أن يمنع البر جانبه» «٤» وعن ابن مسعود: حجوا هذا البيت قبل أن تنبت


(١) . أخرجه الدارقطني في العلل. من رواية أبى النضر هاشم بن القاسم عن أبى جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس قال: رواه على بن الجعد عن أبى جعفر عن الربيع مرسلا. وهو أشبه بالصواب. ورواه البزار من حديث أبى الدرداء قال «أوصانى ابو القاسم صلى اللَّه عليه وسلم أن لا أشرك باللَّه شيئاً وإن حرقت، ولا أترك صلاة مكتوبة متعمداً. فمن تركها متعمداً فقد كفر، ولا أشرب الخمر، فإنها مفتاح كل شر» أخرجه من رواية راشد الحنانى عن شهر بن حوشب. وقال: راشد بصرى ليس به بأس. وشهر مشهور. والحديث عند الترمذي والنسائي وأحمد وابن حبان والحاكم من حديث بريدة دون قوله «متعمداً» ولفظه «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» قد تقدم في البقرة حديث جابر عند مسلم «بين العبد والكفر ترك الصلاة» وروى الترمذي من طريق عبد اللَّه بن شقيق قال «كان أصحاب محمد النبي صلى اللَّه عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة» وإسناده صحيح. الحاكم من حديث أبى هريرة رضى اللَّه عنه
(٢) . أخرجه الطبري من طريق جويبر عن الضحاك قال: «لما نزلت- فذكره» وهو معضل. وجويبر متروك الحديث ساقط
(٣) . أخرجه ابن أبى شيبة أخبرنا يزيد بن هارون عن حميد عن بكر بن عبد اللَّه المزني عن عبد اللَّه بن عمر قال «تمتعوا من هذا البيت، فانه- فذكره موقوفا» وقد روى مرفوعا: أخرجه ابن حبان والحاكم والبزار والطبراني من طريق سفيان بن حبيب عن حميد بهذا.
(٤) . لم أره هكذا. والذي في الدارقطني في آخر كتاب الحج من السنن من رواية عبد اللَّه بن عيسى الجندي عن محمد ابن أبى محمد عن أبيه عن أبى هريرة- رفعه «حجوا قبل أن لا تحجوا. قالوا: وما شأن الحج يا رسول اللَّه، قال: يفعله أعرابها على أذناب أوديتها، فلا يصل إلى الحج أحد» وعبد اللَّه ومحمد مجهولان، قاله العقيلي.