(٢) . قال محمود: «والمعنى أن ما أعطى المطيعون من الأجر … الخ» قال أحمد: عقيدة أهل السنة: أن المطيع لا يستحق على اللَّه بطاعته شيئا، وأنه مهما أثيب به من دخول الجنة والنجاة من النار، فذاك فضل من اللَّه لا عن استحقاق ثابت، فهم يقرون هذه الآية في رجائها، وأما القدرية: فيزعمون أن المطيع يستوجب على اللَّه ثواب الطاعة، وأن المقابل لطاعته من الثواب أجر مستحق كالأجرة على العمل في الشاهد، ليس بفضل، وإنما الفضل ما يزاده العبد على حقه من أنواع الثواب وصنوف الكرامة، فلما وردت هذه الآية ناطقة بأن جملة ما يناله عباد اللَّه فضل من اللَّه، اضطر الزمخشري إلى ردها إلى معتقده، فجعل الفضل المشار إليه هو الزيادة التابعة للثواب، يعنى المستحق، ثم اتسع في التأويل فذكر وجهها آخر وهو: أن يكون المشار إليه، مزايا هؤلاء المطيعين في طاعتهم وتمييزهم بأعمالهم، وجعل معنى كونها فضلا من اللَّه أنه وفقهم لاكتسابها ومكنهم من ذلك لا غير، يعنى وأما إحداثها فبقدرهم. وهذا من الطراز الأول، والحق أن الكل أيضا فضل من اللَّه بكل اعتبار، لأن معتقدنا معاشر أهل السنة أن الطاعات والأعمال التي يتميز بها هؤلاء الخواص خلق اللَّه تعالى وفعله، وأن قدرهم لا تأثير لها في أعمالهم، بل اللَّه عز وجل يخلق على أيديهم الطاعات ويثيبهم عليها، فالطاعة إذاً من فضله وثوابها من فضله، فله الفضل على كل حال والمنة في الفاتحة والمآل، وكفى بقول سيد البشر في ذلك حجة وقدوة، فقد قال عليه أفضل الصلاة والسلام «لا يدخل أحد منكم الجنة بعمله ولكن بفضل اللَّه ورحمته» قيل: ولا أنت يا رسول اللَّه، قال «ولا أنا، إلا أن يتغمدني اللَّه بفضل منه ورحمة» قل بفضل اللَّه وبرحمته فبذلك فليفرحوا. اللهم اختم لنا باقتفاء السنة، وأدخلنا بفضلك المحض الجنة»