(٢) . قال محمود: «إن قلت: كيف جاز أن يريد شقاوة أخيه وتعذيبه … الخ» قال أحمد: وهذا من دسه للمعتقد الفاسد في بيان كلامه، والفاسد من هذا اعتقاده أن في الكائنات ما ليس مرادا للَّه تعالى وتلك القبائح بجملتها، فإنها على زعمه واقعة على خلاف المشيئة الربانية، وهذا هو الشرك الخفي فإياك أن تحوم حول شركه والعياذ باللَّه فأما إرادته لإثم أخيه وعقوبته فمعناه: إنى لا أريد أن أقتلك فأعاقب، ولما لم يكن بد من إرادة أحد الأمرين: إما إثمه بتقدير أن يدفع عن نفسه فيقتل أخاه، وإما إثم أخيه بتقدير أن يستسلم وكان غير مريد للأول اضطر إلى الثاني، فلم يرد إذاً إثم أخيه لعينه، وإنما أراد أن الإثم هو بالمدافعة المؤدية إلى القتل ولم تكن حينئذ مشروعة فلزم من ذلك إرادة إثم أخيه. وهذا كما يتمنى الإنسان الشهادة. ومعناها أن يبوء الكافر بقتله وبما عليه في ذلك من الإثم، ولكن لم يقصد هو إثم الكافر لعينه، وإنما أراد أن يبذل نفسه في سبيل اللَّه رجاء إثم الكافر بقتله ضمنا وتبعا. والذي يدل على ذلك أنه لا فرق في حصول درجة الشهادة، وفضيلتها بين أن يموت القاتل على الكفر، وبين أن يختم له بالايمان فيحبط عنه إثم القتل الذي به كان الشهيد شهيدا، أعنى بقي الإثم على قاتله أو حبط عنه إذ ذلك لا ينقص من فضيلة شهادته ولا يزيدها، ولو كان إثم الكافر بالقتل مقصوداً لاختلف التمني باعتبار بقائه وإحباطه فدل على أنه أمر لازم تبع لا مقصود. واللَّه أعلم. (٣) . قوله «لأنه لا يريد إلا ما هو حسن» هذا مذهب المعتزلة أما عند أهل السنة، فاللَّه يريد كل كائن حسنا كان أو قبيحا كما تقرر في علم التوحيد. (ع) (٤) . عاد كلامه. قال: «فان قلت: لم جاء الشرط بصيغة الفعل والجزاء باسم الفاعل … الخ» قال أحمد: وإنما امتاز اسم الفاعل عن الفعل بهذه الخصوصية من حيث أن صيغة الفعل لا تعطى سوى حدوث معناه من الفاعل لا غير. وأما اتصاف الذات به فذاك أمر يعطيه اسم الفاعل. ومن ثم يقولون: قام زيد فهو قائم، فيجعلون اتصافه بالقيام ناشئا عن صدوره منه، ولهذا المعنى قوله تعالى: (لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ) عدولا عن الفعل الذي هو لنرجمنك إلى الاسم تغليظا. يعنون أنهم يجعلون هذه لثبوتها ووقوعها به كالسمة والعلامة الثابتة، ولا يقتصرون على مجرد إيقاعها به.