(٢) . قوله «نصرته اللطمة» لعلها اللطيمة وهي العير التي تحمل الطيب وبز التجار، فحرر. (٣) . أخرجه ابن أبى شيبة وإسحاق والحاكم والطبراني. والطبري من طريق سماك بن حرب. عن عياض الأشعرى. قال: لما نزلت هذه الآية فذكره. ورواه البيهقي في الدلائل من وجه آخر عن سماك عن عياض عن أبى موسى قال تلوت عند النبي صلى اللَّه عليه وسلم (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ) الآية. فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قومك يا أبا موسى. أهل اليمن. (٤) . قوله «من أفناء الناس» في الصحاح «فناء الدار» ما امتد من جوانبها. والجمع أفنية. ويقال: هو من أفناء الناس، إذا لم يعلم ممن هو. (ع) (٥) . هكذا رواه. وهو وهم منه فان. هذا الكلام إنما ورد في آية الجمعة من طريق أبى العيث عن أبى هريرة وهو متفق عليه. وفي آية القتال رواه الترمذي من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه (٦) . قال محمود: «محبة العباد لربهم طاعته وابتغاء مرضاته، وأن لا يفعلوا ما يوجب سخطه وعقابه. ومحبة اللَّه لعباده أن يثيبهم أحسن الثواب على طاعتهم ويعظمهم ويثنى عليهم ويرضى عنهم. وأما ما يعتقده أجهل الناس وأعداهم للعلم وأهله وأمقتهم للشرع وأسوأهم طريقة، وإن كانت طريقتهم عند أمثالهم من الجهلة والسفهاء شيئاً، وهم الفرقة المفتعلة المتفعلة من الصوف، وما يدينون به من المحبة والعشق والتغني على كراسيهم خربها اللَّه، وفي مراقصهم عطلها اللَّه، بأبيات الغزل المقولة في المردان الذين يسمونهم شهداء، وصعقاتهم التي أين منها صعقة موسى يوم دك الطور، فتعالى اللَّه عنه علواً كبيراً. ومن كلماتهم كما أنه بذاته يحبهم كذلك يحبون ذاته، فان الهاء راجعة إلى الذات دون النعوت والصفات» انتهى كلامه. قال أحمد: لا شك أن تفسير محبة العبد للَّه بطاعته له على خلاف الظاهر وهو من المجاز الذي يسمى فيه المسبب باسم السبب والمجاز الذي لا يعدل إليه عن الحقيقة إلا بعد تعذرها، فليمتحن حقيقة المحبة لغة بالقواعد لينظر أهى ثابتة للعبد متعلقة باللَّه تعالى أم لا، إذ المحبة لغة: ميل المتصف بها إلى أمر ملذ واللذات الباعثة على المحبة منقسمة إلى مدرك بالحس، كلذة الذوق في المطعوم، ولذة النظر واللمس في الصور المستحسنة، ولذة الشم في الروائح العطرة، ولذة السمع في النغمات الحسنة، وإلى لذة تدرك بالعقل كلذة الجاه والرياسة والعلوم وما يجرى مجراها، فقد ثبت أن في اللذات الباعثة على المحبة ما لا يدركه إلا العقل دون الحس، ثم تتفاوت المحبة ضرورة بحسب تفاوت البواعث عليها، فليس اللذة برئاسة الإنسان على أهل قرية كلذته بالرئاسة على أقاليم معتبرة. وإذا تفاوتت المحبة بحسب تفاوت البواعث، فلذات العلوم أيضا متفاوتة بحسب تفاوت المعلومات فليس معلوم أكمل ولا أجمل من المعبود الحق، فاللذة الحاصلة في معرفته تعالى ومعرفة جلاله وكماله تكون أعظم، والمحبة المنبعثة عنها تكون أمكن. وإذا حصلت هذه المحبة بعثت على الطاعات والموافقات، فقد تحصل من ذلك أن محبة العبد ممكنة، بل واقعة من كل مؤمن، فهي من لوازم الايمان وشروطه، والناس فيها متفاوتون بحسب تفاوت إيمانهم. وإذا كان كذلك وجب تفسير محبة العبد للَّه بمعناها الحقيقي لغة، وكانت الطاعات والموافقات كالمسبب عنها والمغاير لها. ألا ترى إلى الأعرابى الذي سأل عن الساعة فقال له النبي عليه الصلاة والسلام «ما أعددت لها» قال: ما أعددت لها كبير عمل ولكن حب اللَّه ورسوله. فقال عليه الصلاة والسلام «أنت مع من أحببت» فهذا الحديث ناطق بأن المفهوم من المحبة للَّه غير الأعمال والتزام الطاعات، لأن الأعرابى نفاها وأثبت الحب وأقره عليه الصلاة والسلام على ذلك، ثم إذا ثبت إجراء محبة العبد للَّه تعالى على حقيقتها لغة، فالمحبة في اللغة إذا تأكدت سميت عشقاً، فمن تأكدت محبته للَّه تعالى وظهرت آثار تأكدها عليه من استيعاب الأوقات في ذكره وطاعته، فلا يمنع أن تسمي محبته عشقاً إذ العشق ليس إلا المحبة البالغة. وما أردت بهذا الفصل إلا تخليص الحق والانتصاب لأحباء اللَّه عز وجل من الزمخشري، فانه خلط في كلامه الغث بالسمين، فأطلق القول كما سمعته بالقدح الفاحش في المتصوفة من غير تحر منه، ونسب إليهم ما لا يعبأ بمرتكبه، ولا يعد في البهائم فضلا عن خواص البشر، ولا يلزم من تسمى طائفة بهذا الاسم غاصبين له من أهله، ثم ارتكابهم ما نقل عنهم مما ينافي حال المسمين به حقيقة، أن يؤاخذ الصالح بالطالح (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وهذا كما أن علماء الدين قد انتسب إليهم قوم سموا أنفسهم بأهل العدل والتوحيد، ثم خلعوا الربقة فجحدوا صفات اللَّه تعالى وقضاءه وقدره وقالوا: إن الأمر أنف، وجعلوا لأنفسهم شركا في المخلوقات وفعلوا وصنعوا، فلا يسوغ لنا أن نقدح في علماء أصول الدين مطلقاً لأنهم قد انتسب إليهم من لا حيلة لهم في نفيه عن التسمي بنعتهم، ولا يكلف اللَّه نفسا إلا وسعها، ولا شك أن في الناس من أنكر تصور محبة العبد للَّه إلا بمعنى طاعته له لا غير، وهو الذي يحاز إليه الزمخشري. وقد بينا تصور ذلك وأوضحناه. والمعترفون بتصور ذلك وثبوته ينسبون المنكرين إلى أنهم جهلوا فأنكروا، كما أن الصبى ينكر على من يعتقد أن وراء اللعب لذة من جماع أو غيره، والمنهمك في الشهوات والغرام بالنساء يظن أن ليس وراء ذلك لذة من رياسة أو جاه أو شبه ذلك، وكل طائفة تسحر بمن فوقها وتعتقد أنهم مشغولون في غير شيء. قال الغزالي: والمحبون للَّه يقولون لمن أنكر عليهم ذلك: إن تسخروا منا فانا نسخر منكم كما تسخرون.