(٢) . عاد كلامه. قال: «إن قلت ما معنى قوله: (تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ … ) الخ» قال أحمد: وهذه العبارة من أبلغ العبارات، وأنهاها وهي ثلاث مراتب، فالأولى: فاض دمع عينه، وهذا هو الأصل. والثانية: محولة من هذه. وهي قول القائل: فاضت عينه دمعا حولت الفعل إلى العين مجازا ومبالغة، ثم نبهت على الأصل والحقيقة بنصب ما كان فاعلا على التمييز. والثالثة: فيها هذا التحويل المذكور، وهي الواردة في الآية، إلا أنها أبلغ من الثانية باطراح المنبهة على الأصل وعدم نصب التمييز، وإبرازه في صورة التعليل واللَّه أعلم. وإنما كان الكلام مع التعليل أبعد عن الأصل منه مع التمييز لأن التمييز في مثله قد استقر كونه فاعلا في الأصل في مثل: تصبب زيد عرقا، وتفقأ عمرو شحما، واشتعل الرأس شيبا، وتفجرت الأرض عيونا. فإذا قلت: فاضت عينه دمعا، فهم هذا الأصل في العادة في أمثاله. وأما التعليل فلم يعهد فيه ذلك. ألا تراك تقول: فاضت عينه من ذكر اللَّه كما تقول فاضت عينه من الدمع، فلا يفهم التعليل ما يفهم التمييز واللَّه الموفق.