وأما إقناعه في تفصيله برجحانه عليه السلام في العلم بالله وبصفاته على واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد والنظام وأبى الهذيل والشيخين، فهو نقص عن منصبه العلى، وأقل العوام المقلدين لأهل السنة، راجح عند الله على أصحاب البدع والأهواء، وإن ملؤوا الأرض نفاقا، وشحنوا مصنفاتهم عناداً لأهل السنة وشقاقا، فكيف بكليم الله عليه أفضل الصلاة والسلام. (٢) . عاد كلامه. قال: «فان قلت ما معنى لن؟ قلت تأكيد النفي الذي تعطيه لا … الخ» قال أحمد. «لن» كما قال تشارك «لا» في النفي وتمتاز بمزية تأكيده. وأما استنباط الزمخشري من ذلك منافاة الرؤية لحال الباري عز وجل، ثم إطلاق الحال على الله تعالى مما يستحرز عنه، واستشهاده على أن «لن» تشعر باستحالة المنفي بها عقلا، مردود كثيراً بكثير من الآي، كقوله تعالى فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً فذلك لا يحيل خروجهم عقلا، ولَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ، لَنْ تَتَّبِعُونا. فهذه كلها جائزات عقلا، لولا أن الخبر منع من وقوعها، فالرؤية كذلك. (٣) . عاد كلامه. قال: «ثم حقق تعالى عند طلب الرؤية ما مثله عند نسبة الولد … الخ» قال أحمد: نسبة جواز الرؤية إلى الله تعالى عند الزمخشري كنسبة الولد إليه، وهذا مفرع على المعتقد السالف بطلانه، وليس له في هذا الفصل وظيفة إلا تتبع الشبه لامتناع الرؤية، تلقفها من كل فج. والحق أن دك الجبل إنما كان لأن الله عز وجل أظهر له آية من ملكوت السماء. ولا تستقر الدنيا لإظهار شيء من ملكوت السماء. وهذا هو المأثور عن السلف في هذه الآية. ومعناه عند أبى الحسن رحمه الله فعل فعلا سماه تجليا، وكان الغضب إما لأنهم طلبوا رؤية جسمانية في جهة، وإما لأنهم كتموا الخبر. بأنه لا يرى في الدنيا، وإما لأنهم كفروا بالاقتراح أو بالمجموع.