للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يؤدّ زكاته فهو الذي ذكر الله تعالى وإن كان على ظهر الأرض «١» فإن قلت: فما تصنع بما روى سالم بن الجعد رضى الله عنه أنها لما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تباً للذهب تبا للفضة» قالها ثلاثاً. فقالوا له: أىّ مال نتخذ؟ قال «لساناً ذاكراً، وقلباً خاشعاً، وزوجة تعين أحدكم على دينه «٢» وبقوله عليه الصلاة والسلام «من ترك صفراء أو بيضاء كوى بها» «٣» وتوفى رجل فوجد في مئزره دينار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كية» وتوفى آخر فوجد في مئزره ديناران، فقال «كيتان» «٤» قلت: كان هذا قبل أن تفرض الزكاة، فأمّا بعد فرض الزكاة، فالله أعدل وأكرم من أن يجمع عبده مالا من حيث أذن له فيه، ويؤدّى عنه ما أوجب عليه فيه، ثم يعاقبه. ولقد كان كثير من الصحابة كعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله وعبيد الله رضى الله عنهم يقتنون الأموال ويتصرفون فيها، وما عابهم أحد ممن أعرض عن القنية، لأنّ الإعراض اختيار للأفضل، وإلا دخل في الورع والزهد في الدنيا، والاقتناء مباح موسع لا يذمّ صاحبه، ولكل شيء حدّ. وما روى عن علىّ رضى الله عنه:


(١) . تقدم الكلام عليه.
(٢) . كذا ذكره مرسلا، وهو معروف من رواية سالم بن ثوبان أخرجه الطبري والطبراني في الأوسط من طريق موثل بن إسماعيل عن الثوري عن الأعمش ومنصور وعمرو بن مرة عن سالم بن أبى الجعد عن ثوبان بهذا، ورواه الترمذي وأحمد في الزهد من رواية إسرائيل عن منصور ومده به، وليس فيه «تبا الذهب تبا الفضة» بل فيه: فقال بعض أصحابه «لو علمنا أى المال خير فنتخذه» قال البخاري وغيره: سالم لم يسمع من ثوبان، ورواه ابن ماجة وأحمد وأبو نعيم في الحلية من رواية عبد الله بن عمرو بن مرة عن أبيه عن سالم عن ثوبان، ورواه ابن ماجة وأحمد وأبو نعيم في الحلية من رواية عبد الله بن عمرو بن مرة عن أبيه عن سالم عن ثوبان قال «لما نزلت قالوا: فأى المال نتخذ؟ قال عمر: فأنا أعلم لكم ذلك فأوضع على بعيره فأدرك النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في أثره فقال:
يا رسول الله أى المال نتخذ؟ - الحديث» وفي الباب عن على أخرجه عبد الرزاق عن الثوري عن أبى حصين عن أبى الضحى عن جعدة بن سبرة عنه، وعن بريدة أخرجه ابن مردويه من رواية الحكم بن ظهير عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه. وعن بعض الصحابة أخرجه أحمد من رواية سعيد عن سالم بن عطية عن عبد الله بن عطية عن عبد الله بن أبى الهذيل حدثني صاحب لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «تبا للذهب تبا للفضة» فحدثني صاحبي أنه انطلق مع عمر، فقال: يا رسول الله. فذكر نحوه.
(٣) . أخرجه البخاري في التاريخ والطبري وابن مردويه من طريق عبد الله بن عبد الواحد الثقفي عن أبى النجيب الشامي «كان نعل سيف أبى هريرة من فضة، فنهاه عنه أبو ذر وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك صفراء أو بيضاء كوى بها» وفي الباب عن أبى أمامة، أخرجه الطبراني بلفظ «ما من عبد يموت فيترك صفراء أو بيضاء إلا كوى بها» وعن ثوبان أخرجه ابن مردويه والطبراني في مسند الشاميين من رواية أرطاة بن المنذر عن ابن عامر عنه، بلفظ «ما من أحد يترك صفراء أو بيضاء من ذهب أو فضة إلا جعل صفائح ثم كوى بها» .
(٤) . أخرجه أحمد وابن أبى شيبة وأبو يعلى والطبراني والطبري من طريق شهر بن حوشب عن أبى أمامة، بلفظ مروه في الموضعين. ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث ابن مسعود بالشطر الثاني.