للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبهاءها إِنَّمَا هُوَ بِهَذَا النَّوْع الشريف اللَّطِيف الْمُعْتَمِر لَهَا والمعني بهَا فوزنه على هَذَا فعلان وَقد ذهب بَعضهم إِلَى أَنه إفْعِلانٌ من نَسِيَ لقَوْله تَعَالَى (وَلَقَد عَهِدْنا إِلَى آدم من قبل فَنَسِيَ) وَلَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ إنْسِيَاناً وَلم تحذف الْيَاء مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَالك مَا يُسْقِطهَا فَأَما قَوْلهم أناسي فَجمع إِنْسَان شابهت النُّون الْألف لما فِيهَا من الخفاء فَخرج جمع إِنْسَان على شكل جمع حِرْباء وَأَصلهَا أنَاسِينُ وَلَيْسَ أناسي جمع إِنْسيٍّ كَمَا ذهب إِلَيْهِ بَعضهم لدلَالَة مَا ورد عَنْهُم من قَول رويشد أنْشدهُ أَبُو الْفَتْح عُثْمَان بن جني النَّحْوِيّ. أَهلا بِأَهْل وبيتا مثل بَيتكُمْ وبالأناسِينِ أبدالَ الأناسِينِ قَالَ يَاء أناسي الثَّانِيَة بدل من هَذِه النُّون وَلَا تكون نون أناسِين هَذِه بَدَلا من يَاء أناسي كَمَا كَانَت نون أثانين بَدَلا من يَاء أثاني جمع أثْنَاء الَّتِي هِيَ جمع الاثْنِ بِمَعْنى الِاثْنَيْنِ لِأَن معنى الأثانين ولفظها من بَاب ثنيت وَالْيَاء هُنَا لَام الْبَتَّةَ فَهِيَ ثمَّ ثَابِتَة وَلَيْسَت أناسين مِمَّا لامه حرف عِلّة وَإِنَّمَا الْوَاحِد إِنْسَان فَهُوَ إذْنَ كضِبْعانٍ وضَبَاعِين وسِرْحانٍ وسَرَاحِين وَلَا يكون إِنْسَان جمع إنسي لِأَن الله سُبْحَانَهُ قَالَ: (ونسقيه مِمَّا خلقنَا أنعاماً وأناسىَّ كثيرا) . بني آدم، ان ... . مِنْهُ بانسي ... إِنْسَان ... جَمِيعًا من بني آدم ... وانسي قد يكون لغَيرهم على مَا أريتك فَقَوْلهم أَي الْإِنْسَان على غير قِيَاس أَو على حذف الزَّائِد وَأما الأنْسُ فَجمع إنسيٍّ كزِنْجيٍّ وزِنْجٍ وَذَلِكَ أَن يَاء النّسَب تسْقط فِي هَذَا الضَّرْب من الْجمع كَمَا تسْقط فِيهِ هَاء التَّأْنِيث كَقَوْلِهِم طَلْحة وطَلْح وَذَلِكَ للمناسبة الَّتِي بَين يَاء النّسَب وهاء التَّأْنِيث قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَقَالُوا أناسِيّ وأناسِيَةَ فَعَوَّضوا الْهَاء وَأما أُنَاس فَجمع إنْسٍ كظئْرٍ وظُؤَار وثنْىٍ وثنُاء جمع عَزِيز وَسَتَأْتِي مِنْهُ نَظَائِر مَعَ، إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَإِذا أدخلُوا الْألف وَاللَّام فِي أُناس قَالُوا النَّاس هَذَا قَول سِيبَوَيْهٍ وَذَلِكَ أَنه ذكر اسْم الله عز وَجل فَقَالَ الأَصْل إلهٌ فَلَمَّا أدخلُوا اللَّام حذفوا الْهمزَة وَصَارَت اللَّام كَأَنَّهَا خَلَفٌ مِنْهَا ثمَّ قَالَ وَمثله أُناس فَإِذا أدخلت اللَّام قلت النَّاس إِلَّا أَن النَّاس قد يُفَارِقهُ اللَّام وَيكون نكرَة وَالله تَعَالَى لَا يكون فِيهِ ذَلِك فَخَرَجَ ظَاهر كَلَام سِيبَوَيْهٍ على أَن النَّاس لَا يجوز فِيهِ دُخُول الْهمزَة مَعَ اللَّام وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن اللَّام فِي الله تَعَالَى خلف من الْهمزَة وَلَيْسَت كَذَلِك فِي النَّاس ويدلك أَنَّهَا لَيست فِي النَّاس عوضا من الْهمزَة كَمَا هِيَ عوض مِنْهَا فِي اسْم الله تَعَالَى مَا أَنْت من اللَّام وَإِنَّمَا أَرَادَ سِيبَوَيْهٍ الْهمزَة مَعَ اللَّام لَا أَنه مسَاوٍ لاسم الله تَعَالَى وَإِنَّمَا أَرَادَ مثل ذَلِك فِي بعض أَحْوَاله فَأَما قَوْلهم أَنَسٌ فَهُوَ اسْم جمع آنسٍ كعازبٍ وعَزَبٍ فإمّا أَن يكون هُوَ الَّذِي يَأْنَس بِمَا أُوتيَه من الْعقل والنطق وَإِمَّا أَن يكون هُوَ الَّذِي أَنِسَتْ بِهِ هَذِه الدُّنْيَا وعُمِرَتْ فَيكون أَنَسٌ اسْم جمع آنسٍ الَّذِي هُوَ فِي معنى مأنوسٍ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>