والحِجازيِّين فِي الْإِعْرَاب وَالْبناء وَاخْتِلَافهمْ فِيمَا آخِره رَاء وتمييز مَا يطَّرِد مِنْهَا مِمَّا لَا يطَّرِد وَاخْتِلَاف سِيبَوَيْهٍ وَأبي الْعَبَّاس فِي ذَلِك.
مَا جَاءَ فِي المُبهمات من اللُّغات
أُولاء فِيهَا ثلاثُ لُغَات أشهرُها أُولاء ممدودٌ ومكسور وأُلى مقصورٌ على وزن هُدىً وَقد زادوا فِيهَا هَا فَقَالُوا هاؤلاء وهَؤلاء وَكَانَ أَصله هاؤلاء هَا للتّنْبِيه فقصَروا لمَّل كثُر فِي كَلَامهم حَتَّى صَار كالكلمة الواحدةِ وواحدُ أُولاءِ للمذكَّر ذَا وللمؤنَّث تا وتي وتيكَ وتِلْكَ وَذي وذِه وَهِي مَبْنِيَّة كلُّها وَتقول فِي تَثْنِيَة ذَا ذانِ وَفِي تا تانِ وَفِي ذِي وذِهْ أَيْضا تانِ يجتَمِعْن فِي التَّثْنِيَة وتسٌطُ الألفُ لالتقاء الساكنيْن هِيَ وألفُ التَّثْنِيَة وأُلاء وهاؤلاء يُشار بِهِ إِلَى كلِّ جمْعٍ مذكرَّاً كَانَ أَو مؤنثاً مِمَّا يَعْقِل وَمِمَّا لَا يعقِل، قَالَ جرير: ذُمّ المنازلَ بعد مَنْزِلةِ اللَّوى والعَيشَ بعد أولئكَ الأيَّامِ وَقَالَ بعض الْأَعْرَاب: يَا مَا أُمَيْلِحَ غِزْلاناً شَدَنَّ لنا من هؤلَيَّائكُنَّ الضَّالِ والسَّمُرِ فجَاء بأولاء للأيام وللضال والسَّمُر وَيُقَال هَذَا وَلَا يُضاف هَذَانِ واللذانِ وغيرُهما من الْمُبْهم وَلَا تسقطُ النونُ للإضافة ويُقال ذانِ أَيْضا مثل هَذَانِ واللذان وَفِيه وَجه آخرٌ وَذَلِكَ أَن الَّذِي يَقُول فِي الْوَاحِد ذَلِك فيُدخل اللامَ للزِّيَادَة والبُعد يَقُول فِي التَّثْنِيَة ذانِك وَالَّذِي يَقُول ذاكَ فِي الْوَاحِد يَقُول ذانِك فِي التَّثْنِيَة وكلُّ مَا جَاءَ فِي التَّنْزِيل فَهُوَ بِاللَّامِ وَحكى ابْن السّكيت: أُولالِكَ بِمَعْنى أُولئك.
٣ - (مَا جَاءَ فِي الَّذِي وَأَخَوَاتهَا من اللُّغات)
الَّذِي عِنْد البَصْريين أَصله لَذٍ مثل عَمٍ لزِمَتْه الألفُ واللامُ فَلَا تُفارقانه ويُثنَّى فيُقال اللَّذان واللذَيْن على حدِّ مَا يُقَال فِي غَيره من الْأَسْمَاء الْقَابِلَة للتثنية ويجمعُ فَيُقَال الَّذيِن فِي الرّفْع والَّذين فِي الخفْض والنَّصْب على حدِّ الْأَسْمَاء التامَّة فَأَما الْألف وَاللَّام اللَّتَان فِي الَّذِي فَزعم الفارسيُّ أَنَّهَا زَائِدَة توهُّماً وَقِيَاسًا مِنْهُم وَهُوَ صَحِيح وَلم يَجْعَل تعرُّفَ الَّذي بِالْألف وَاللَّام وَلَكِن بالصِّلَة وَلَو كَانَ الَّذي إِنَّمَا حصل لَهُ التَّعْرِيف من أجل الْألف واللامِ لَا بالصلَة لوجَب أَن تكون مَنْ وَمَا الموصولتان نَكِرَتَيْن لِأَنَّهُ لَا ألفَ ولامَ فيهمَا وَإِن كَانَ الظاهرُ من كلامِ سِيبَوَيْهٍ غيرَ مَا ذهب إِلَيْهِ الفارسيُّ وَذَلِكَ أَن سِيبَوَيْهٍ قَالَ فِي بَاب الْحِكَايَة فِي آخر أَبْوَاب مَا لَا يَنْصَرف وَلَو سمَّيْت رجلا الَّ ? ذِي لم يجُزْ أَن تناديَه وَإِنَّمَا مَنَعَ سِيبَوَيْهٍ ذَلِك لِأَن الْألف وَاللَّام المعرَّفة لَا تَجْتَمع مَعَ النداء لِأَنَّهُمَا كِلاهما معرَّف فَلَا يجْتَمع تعريفان فنتجَ من ذَلِك أَن اللَّام فِي الَّذِي معرفةٌ لَيست زَائِدَة فقد ألزَم أَبُو عَليّ نَفسه هَذِه الحجَّة ثمَّ انْفَصل مِنْهَا بِمَا أذكُره لَك وَذَلِكَ أَنه قَالَ إِن قَالَ قائلٌ إِن اللَّام فِي الَّذِي معرفةٌ لَا زَائِدَة بِدَلِيل مَنْع سِيبَوَيْهٍ من نِدائه إِذا سمِّي بِهِ فإمَّا أَن تقولَ إِنَّهَا زَائِدَة فتدعَ قولَ سِيبَوَيْهٍ إِنَّهَا معرفَة وَإِمَّا أَن تَقول إِنَّهَا معرفَة فتدع قولَك إِنَّهَا زائدةٌ فَالْجَوَاب عَن ذَلِك أَن قَول سِيبَوَيْهٍ هُوَ الصَّحِيح وَإِنَّمَا اَمْتَنع من نداءِ الَّذِي وَإِن كَانَت اللامُ فِيهِ غَيْرَ معرفَة لِأَنَّهَا نائبةٌ مَنابَ اللامِ المعرفَة وَذَلِكَ أَن قَوْلنَا هَذَا الَّذِي ضَرَبَ زيدا محَال من قَوْلنَا هَذَا الضاربُ زيدا فَكَمَا لَا يجوز نِدَاء الضَّارِب وَفِيه الْألف وَاللَّام كَذَلِك لَا يجوز نداءُ الَّذي الَّتِي هِيَ نائبةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute