للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(مَررْتُ على وادِي السِّباعِ وَلَا أَرَى ... كوادِي السِّباعِ حِين يُظْلِمُ وادِيَا)

(أقَلَّ بِهِ رَكْبٌ أتَوْه تَئِيَّةً ... وأخْوَفَ إلَاّ مَا وَقَى اللهُ سارِيضا)

قَالَ: أَرَادَ أقَلَّ بِهِ الركْب تَئِيَّة مِنْهُ ثمَّ قَالَ: وَمثل ذَلِك قَوْلهم اللهُ أكبَرُ قَالَ: فِي بابِ أوّل إِلَّا أَن الحذْف لزِم صِفَةَ عَام لِكَثْرَة استِعْمالهم إيَّاه حَتَّى استَغْنوْا عَنهُ ومثلُ هَذَا فِي الْكَلَام كثيرٌ والحذف يُستَعمل فِي قَوْلهم ابدَأْ بِهِ أوّلُ أكّثَرَ وَقد يجوز أَن يُظْهِرُوه إِلَّا أَنهم إِذا أظهَروا لم يجُزْ إِلَّا الفتْح قَالَ: وَسَأَلته رَحمَه الله عَن قَول العَرب: وَهُوَ قَلِيل مُذْ عامٌ أوَّلَ فَقَالَ: جعلُوه ظَرْفاً فِي هَذَا الْموضع وكأنَّه قَالَ مُذْ عامٌ قبلَ عامِك وَسَأَلته رَحمَه الله عَن قَوْله زيْدٌ أسْفَلَ مِنْك فَقَالَ هَذَا ظَرْف كَأَنَّهُ قَالَ زيدٌ فِي مكانٍ أسفَلَ من مكانِك وَفِي التَّنْزِيل: {والرَّكب أسفَلَ مِنْكُم} [الْأَنْفَال: ٤٢] ومثلُ الحذفِ فِي أوّل لكَثْرة استعمالهم إيَّاه قولُهم لَا عَلَيْك فالحَذْف فِي هَذَا الْموضع كَهَذا ومثلُه هَلْ لَك فِي ذَلِك وألك وَلَا تذكر لَهُ حَاجَة وَلَا هَل لَك حاجةٌ ونحوُ هَذَا أَكثر من أَن يُحْصى قَالَ الشَّاعِر:

(يَا لَيْتَها كانتْ لاِءَهْلِي إبِلَا ... أَو هُزِلَتْ من جَدْبِ عامٍ أوَّلَا)

يكون على الوَصْفِ وعَلى الظرْف وَهَكَذَا أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ أَو هُزِلت فَأَما الْفَارِسِي فأنشده أَو سَمِنَت وَهَذَا على الدُّعاءِ لَهَا أَو عَلَيْهَا قَالَ: وَمن جعل أوّلاً غير وصْف صَرَفه وَقَالُوا مَا تَرَكْتُ لَهُ أوَّلاً وَلَا آخِراً كَقَوْلِك قَدِيماً وَلَا حَدِيثاً وَأما مَا حُكِي من أَن بعضَهم قَرَأَ: {وقُولُوا للناسِ حُسْنَى} فشاذّ عَن الِاسْتِعْمَال وَالْقِيَاس وَمَا كَانَ كَذَلِك لَا يَنْبَغِي أَن يُؤْخَذ بِهِ إِلَّا أَن يكونَ جعل حُسْنَى مصدَراً كالرُّجْعَى والبُشْرَى وأفْعَلُ الَّذِي مؤنَّثُه الفُعْلَى يسْتَعْمل على ضَرْبَيْنِ أحدُهما أَن يتعَلَّق بِهِ مِنْ فَإِذا كَانَ كَذَلِك كَانَ للمذكر والمؤنَّث والاثنين والجَمِيع على لفظٍ واحدٍ تَقول مَرَرْت برجُل أفْضلَ من زيدٍ وبامرأةٍ أفضَلَ من زيدٍ وبرجلَيْنِ أفضَلَ من زيدٍ وَكَذَلِكَ الْجَمِيع وتَثنِيَةُ المؤنَّث وجمعُه فَإِذا دخلت الألفُ واللامُ عاقَبَتا مِنْ وَلم تَجتَمِعْ مَعَهُمَا تَقول زيدٌ الأفضَلُ وَلَا يجوز زيدٌ الأفضلُ من عمْرو لِأَن مِنْ إِنَّمَا تدخُل لتُحْدِثَ فِيهِ ضَرْباً من التَّخْصِيص فَإِذا دخلت لامُ التعريفِ جلعت الِاسْم بحيثُ تُوضَع اليدُ عَلَيْهِ وَهَذَا من حُرِّ الْعبارَة فَلَو أُلْحِقَت مِن مَعهَا لَكَانَ بِالنَّقْضِ للتعرِيف الحادِث باللامِ فَأَما قَول الْأَعْشَى:

(ولَسْتَ بالأكْثَرِ مِنْهُم حَصًى ... وإنَّما العِزَّةُ للكاثِرِ)

فتَعَلُّق من بالأكْثَر لَيْسَ على حَدِّ قَوْلك قومُك أكثَرُ من قومِ زيدٍ وَلَكِن على حَدِّ مَا يتعَلَّق بِهِ الظَّرْف أَلا تَرى تعلُّقَه بِهِ فِي قَول أوْس:

(فإنَّا رَأيْنا العِرْضَ أحْوَجَ سَاعَة ... إِلَى الصَّوْنِ مِنْ رَيْطٍ يَمَانٍ مُسَهَّمِ)

١ - هَذَا بَاب فُعْلَى الَّتِي لَا تكونُ مؤَنَّث أفْعَلَ وَمَا أشبههَا مِمَّا يختَصُّ بِبِنَاء التأنِيث وَلَا تكونث ألِفُها إِلَّا لَهُ

اعْلَم أنّ فُعْلَى هَذِه يختَصُّ بِنَاؤُها بالتأنيث وَلَا يكونَ لغيرهِ وَلَا يلزمُ دُخولُ الْألف واللامِ عَلَيْهَا معاقِبَةً لمِنِ الجارّةِ كَمَا جَازَ ذَلِك فِي فُعْلَى الَّتِي تقَدَّم ذكرُها وَهِي تَجِيء على ضَرْبين: أحدُهما أَن تكون اسْما غيْرَ وَصْف والآخَرُ أَن تكونَ وَصْفاً فالاسم على ضَرْبَيْن أحدُهما أَن يكونَ اسْما غَيْر مصدَر والآخَرُ أَن يكونَ مصدَراً وهذهِ قسْمة الفارسِيّ فالاسمُ غيْرُ المصدَر نَحْو البُهْمى وحُزْوَى وحُمَّى ورُؤْيَا وَزعم سِيبَوَيْهٍ أَن بَعضهم قَالَ بُهْماة وَلَيْسَ ذَلِك بِالْمَعْرُوفِ واختُلِف فِي طُغْيَا الَّتِي هِيَ اسمُ الصغِير من بَقر الوَحْش فحكاها أحمدُ بنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>