للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(يَا أُمَّةً وجَدَتْ مَالا بِلَا أحَدٍ ... إِلَّا لِظِرْبَى تَفاسَتْ بيْنَ أحْجارِ)

قَالَ أَبُو زيد: هُوَ الظَّرِبانُ وجمعُه ظَرَابِيُّ كَمَا تَرَى وَهِي الظِّرْبَى الظَّاء من هَذِه مكسورةٌ وَمن تِلْكَ مَفْتُوحَة وَكِلَاهُمَا جِمَاع وَهِي دابَّةٌ شبيهةٌ بالقِرْد وَحكى أَبُو الْحسن: أَن دِفْلَى تكون جمعا وتكونُ وَاحِدًا وَجَمِيع مَا ذكرته فِي هَذَا الْبَاب من فصل مقدَّم أَو قادمٍ فَهُوَ مذهبُ الْفَارِسِي وَهَكَذَا ذكره فِي كِتَابيه الإيضاحَ والإغْفال

١ - بَاب ألف التَّأْنِيث الَّتِي تلْحق قبلهَا ألفٌ فتُقْلَب الآخرةُ مِنْهُمَا همزَة لوقُوعها طَرَفاً بعد ألفٍ زائدةٍ

اعْلَم أنَّ أبنِيَة الأسماءِ الَّتِي تَلْحَقُها هَذِه العلامةُ على ضروب فَمِنْهَا فَعْلاءُ وَهِي لَا تكون أبَداً إِلَّا للتأنيثِ وَلَا تكُونُ همْزتُها إِلَّا منقلِبةٌ عَن أَلفه فَهِيَ فِي هَذَا الْبَاب مثل فُعْلَى فِي بَاب الألِلإ المقصورةِ وفَعَلى وفُعَلَى وتكونُ اسْما وصِفةً فَإِذا كَانَت اسْما كَانَ على ثَلَاثَة أضْرُب: اسمٌ غيرُ مصدَرٍ واسمٌ مصدرٌ واسمٌ يُرادُ بِهِ الجمعُ فمثال الأوّل قَوْلهم: الصَّحْراء والبَيْداءُ وسَيْناءُ والهَضَّاءُ قَالَ أَحْمد بن يحيى: وَهِي الجماعةُ من النَّاس وَأنْشد:

(إلَيْه تَلْجَأُ الهَضَّاءُ طُرًّا ... فَلَيْسَ بِقائِلٍ هُجْراً لِجَادِي)

والجَمَّاء من قَوْلهم جاؤُا الجَمَّاءَ الغَفِيرَ والجَرْباء - السماءُ والعَلْياءُ فَإِن قلت فَلِم لَا يكونُ العَلْياءُ صِفةً وَيكون مذكَّره الأعْلَى كَقَوْلِك الحَمْراء والأَحْمَر فَالْقَوْل أَن العلْياءَ لَيْسَ بوَصْف إِنَّمَا هُوَ اسْم أَلا تَرَى أنَّ استِعْمالهم إيَّاها استِعمال الْأَسْمَاء فِي نَحْو:

(ألَا يَا بَيْتُ بالعَلْياءِ بَيْتُ ... ولَوْلا حُبُّ أهْلِكَ مَا أَتَيْتُ)

وَلَو كَانَ صِفةً كالحمْراء لصَحَّت الواوُ الَّتِي هِيَ لامٌ من عَلَوْت كَمَا صَحَّت فِي القَنْواء والعَشْواء ونحوِ ذَلِك وَلَيْسَ الأعْلَى كالأحمر إِنَّمَا الأعْلَى كالأفْضَل لَا يُستَعْمل إِلَّا بالألفِ وَاللَّام أَو بِمن نَحْو زيد أَعْلَى من عَمْرو والزَّيدُونَ الأعْلَوْنَ وَفِي التَّنْزِيل: {وأنتُمُ الأعْلُونَ واللهُ مَعَكم} [مُحَمَّد: ٣٥] وَفِيه:

(إنَّك أنْتَ الأعْلَى) [طه: ٦٨] وَلَو كَانَ كالأحْمر لم يُجْمَع بِالْوَاو والنونِ فَأَما الكَلَاّءُ كَلَاّءُ البَصْرة فَزعم سِيبَوَيْهٍ أَنه فَعَّال بِمَنْزِلَة الجَبَّار والقَذَّاف وَهُوَ على هَذَا مذكَّر مصروفٌ ويدُلُّ على ذَلِك أَنهم قد سمَّوْا مُرْفَأَ السُّفُن المُكَلأَّ وَالْمعْنَى أَن الموضِعَ يَدْفَع الريحَ عَن السُّفُن المقرَّبةِ إِلَيْهِ ويحفَظُها مِنْهَا من قَوْله تَعَالَى: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكمْ بالليلِ والنهارِ} [الْأَنْبِيَاء: ٤٢] أَي يحفَظُكم وَقد زعم بَعضهم أَن قوما تركُوا صَرْفه فَمن تَرك صَرْفَه كَانَ اسْما وَهُوَ من كَلَّ مثلُ الهَضَّاء فِي التضعِيف والمعنَى أَنه موضِعٌ تَكِلُّ فِيهِ الريحُ عَن عَمَلها فِي غير هَذَا الموضِع قَالَ رُؤْبة:

(يَكِلُّ وَفْدُ الرِّيح مِنْ حيثُ انْخَرَقْ ... )

وَمثل الكَلَاّءِ فِي الْمَعْنى على هَذَا القَوْل تسميُتُهم لمُرْفا السُّفَن مَكَلأَّ أَلا ترى أَنه مفعال أَو مفعل [ ... ] وكَلَاّل وَقد يَقْصُرون بعض هَذِه الْأَسْمَاء المدودةِ كَقَوْلِهِم الهَيْجاء والهَيْجَا قَالَ الْفَارِسِي: وَسمعت

<<  <  ج: ص:  >  >>