وَقَالَ:
(يَسْتَنُّ أَعْدَاءَ قُرْيَانٍ تَسَنَّمها ... غُرُّ الغَمامِ ومُرْتَجَّاتُهُ السُّودُ)
وَلَو كَانَ التَّغَيُّر فِي هَذَا ثَابتا لَكَانَ وَفْقاً للمعنى فِي هَذَا الْموضع لِأَن الْمَعْنى كَانَ يكون أنظر إِلَى طَعَامك وشرابك لم يتَغَيَّر لما أَتَى عَلَيْهِ من طول الْأَيَّام أَلا ترى أَن تَطَاوُل الأوقاتِ على الشَّرَاب يَأْجِنُ لَهُ الشَّرَاب ويتغير وَقد حكى عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ أَنه قَالَ لم يَتَسَنَّ لم يتَغَيَّر من قَوْله {من حمإ مسنون} {الْحجر ٢٦} وأبدل من النُّون يَاء فَإِن كَانَ هَذَا ثَابتا عَن أبي عَمْرو أَو قَالَه من جِهَة الاستنباط من قَوْله تَعَالَى {من حمإ مسنون} {الْحجر ٢٦} فَلَيْسَ فِي مسنون هَذَا الْمَعْنى على مَا فسره أَبُو عُبَيْدَة وعَلى مَا عَلَيْهِ تَصَرُّفُ الْكَلِمَة فِي سَائِر الْمَوَاضِع وَقَالَ:
(تُضَمَّرُ بالأَصَائِلِ كَلَّ يَوْمٍ ... تُسَنُّ على سَنَابكِها قُرُونُ)
وَإِن قَالَ ذَلِك من حَيْثُ رَوَاهُ وسَمعه فَذَلِك وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى فِي قَوْله لم يَتَسَنَّنْ لم يَنْصَبَّ أَي هُوَ على حَاله وكما تركته ويدلك على أَن المَصْبُوب يجوز أَن يَقع عَلَيْهِ هَذَا اللَّفْظ وَإِن لم يكن على سُنَّة الطَّرِيق قَوْله
(تُسَنّ على سَنَابِكها قُرُونُ ... )
يَعْنِي وَقْعَ العَرَقَ الَّذِي يَنْصَبُّ عَلَيْهَا فِي الحُضْر وَهَذَا من ذَاك الأَصْل الَّذِي قَدَّمْتُ فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يخْتَص بطرِيق دون غَيره فَإِن قلت فِي الَّذِي لم يَتَسَنَّنْ أَنه على حَاله وَلم يَأْخُذ سَنَناً وَلَا سُنَّة كَانَ وَجْهاً أَيْضا وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة لم تأت عَلَيْهِ السِّنُون فيتغير يُرِيد أَبُو عُبَيْدَة أنَّ مَرَّ السنين عَلَيْهِ لم يُغَيِّرْهُ كَمَا تَقول مَا تَأتِينِي فتُحْدِثَنِي أَي مَا تَأتِينِي مُحَدِثاً أَي قد تَأتِينِي وَلَكِنَّك مَا تُحَدِّثنِي ابْن السّكيت أَصِلَ الماءُ أَصَلاً تَغَيَّرَ ريحُه وطَعْمُهُ من حَمْأةٍ فِيهِ الْأَصْمَعِي صَلَّ الماءُ كَذَلِك وَأنْشد
(وَصَادَفَتْ أَخْضَرَ الجَالَيْنِ صَلَاّلَا ... )
أبوعبيد ماءٌ صِرًى وصَرًى إِذا طالَ مُكْثُه وَتغَير وَقد صَرِيَ وصَرَّيْتُه ونُطْفَةٌ صَرَاةٌ وَقد صَرَى فلانٌ الماءَ فِي ظَهْرِهِ زَمَانا وَهُوَ مِنْهُ ابْن السّكيت مَاء صِرًى وصَرًى إِذا طالَ انْقاعُه حَتَّى يَصْفَرَّ يُقَال مَا يَبْقَى فِي الحوضِ من المَاء الْمُتَغَيّر صَرَاةٌ ابْن دُرَيْد مَاء طُلْحُومٌ آجِنٌ صَاحب الْعين طَحِلَ الماءُ طَحَلاً فَهُوَ طَحِلٌ فَسَدَ وتَغَيَّرَ ابْن دُرَيْد مَاء أَسْدَامٌ ومياه اَسْدام إِذا تَغَيَّرت من طُول القِدَم أَبُو عبيد مَاء سُدُمٌ مُنْدَفِنٌ الْأَصْمَعِي مِيَاهٌ أَسْدامٌ وَهِي الَّتِي وَقَعَت فِيهَا الأَقْمِشَة والجَوْلَانُ حَتَّى كَادَت تَنْدَفِنُ وَمَنْهَلٌ سُدُمٌ وسَدُومُ وَأنْشد
(وَمَنْهَلاً وَرَدْتُه سَدُوماً ... )
ابْن دُرَيْد عَوَّرْتُ البِئْرَ دَفَنْتُهَا غَيره عَوَّرْتُهَا اَفْسَدْتُ عَيْنَهَا فَنَضَبَ مَاؤُهَا صَاحب الْعين الجَوِيُّ المُنْتِنُ فوقَ الآجِنِ ابْن دُرَيْد طَهَلَ الماءُ أَجِنَ صَاحب الْعين طَهِلَ طَهَلاً ابْن دُرَيْد مَاء طَهِلٌ وطاهِلٌ ابْن السّكيت أَرْوحَ الماءُ تَغَيَّرَتْ رِيحُهُ وَقد تقدَّم فِي اللَّحْم
٣ - (نُعوتُ المَاء من قِبَل طَرْقِهِ)
ابْن السّكيت الطَّرْقُ الماءُ الَّذِي تَخُوضُهُ الإبلُ وتَبُولُ فِيهِ وتَبْعَرُ وَقد طَرَقَتِ الإبلُ الماءَ تَطْرُقُهُ طَرْقاً أَبُو عبيد مَاء مَطْرُوقٌ وطَرْقٌ ابْن دُرَيْد الأَطْرَاقُ جمعُ الماءِ الطَّرْقِ وَقَالَ تَغَشَّنَ الماءُ رَكِبَه البَعر وَمَا أشبه