للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مذكرة إِلا قُدَّام ووراءَ بِالدَّلِيلِ الَّذِي قدمنَا من التصغير قَالَ: وَزعم بعض من لَا أَثِق بِهِ أَن أمامَ مُؤَنّثَة وَمَا كَانَ من ذَلِك مَبْنِيا فلك أَن تَدَعَه على لَفظه وَلَا تَنْقُلَه إِلَى الْإِعْرَاب كَقَوْلِك ليتَ غير نافعة ولوْ غير مُجْدِيَةٍ وَلَك أَن تَقول ليتُ غيرُ نافعةٍ وَلوُّ غير مُجْدِيَةٍ إِذا جعلتهما اسْما للكلمتين تضم لَيْت وَلَو بِغَيْر تَنْوِين وَلَا تصرفه على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وعَلى مَذْهَب عِيسَى لَيْتٌ ولَوٌّ ولَيْتُ ولَوُّ منونةٌ وغيْرَ منونة وَإِن قلت ليتٌ وَلوٌّ غير نافعين وَقد جعلتهما للحرفين صرفتهما بِإِجْمَاع ونَكَّرْتَ فَقلت لَيْتٌ وَلوٌّ غير نافعين وَتقول إِن اللهَ يَنْهَاكُمْ عَن قِيلٍ وقالٍ وَمِنْهُم من يَقُول عَن قِيلَ وقالَ لَمَّا جَعَلَه اسْما وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ:

(أَصْبَحَ الدَّهْرُ وَقد أَلْوَى بِهِمْ ... غَيَر تَقْوَالِكَ مِنْ قِيلٍ وَقَالِ)

قَالَ سِيبَوَيْهٍ: والقوافي مجرورة وَقد أنكر المبردُ احتجاجَ سِيبَوَيْهٍ بجر القوافي على خفض قيل فَذكر أَنه يجوز أَن تكون القافية مَوْقُوفَة وَتَكون اللَّام من قِيلَ مَفْتُوحَة فَتَقول من قِيلَ وقالٌ وَقد رَدَّ الزجاجُ عَلَيْهِ ذَلِك فَقَالَ لَا يجوز الخبنُ فِي فاعلان من الرمل فغذا قُلْنَا قيلَ وقالْ وَجَعَلنَا اللَّام مَوْقُوفَة فقد صَار فِعْلَانُ مَكَان فاعِلَانْ وَإِذا أطلقناها صَار فاعلاتن وَمن قَالَ يَنْهَاكُم عَن قيلَ وقالَ قَالَ، لم أسمع بِهِ قِيلاً وَقَالا وَفِي الْحِكَايَة قَالُوا مُذْ شُبَّ إِلَى دُبَّ وَإِن جعلتهما اسْمَيْنِ قلتَ: مُذْ شُبِّ إِلَى دُبِّ وَهَذَا مَثَلٌ كَأَنَّهُ قَالَ مُذْ وَقْتِ الشبابِ إِلَى أَن دَبَّ على الْعَصَا من الكِبَرِ قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَتقول إِذا نظرتَ إِلَى الكتابِ هَذَا عمروٌ إِنَّمَا الْمَعْنى اسمُ عَمْرو وَهَذَا ذِكْرُ عمْرٍو وَنَحْو هَذَا إِلَّا أَنه يجوز على سَعَةِ الْكَلَام كَمَا تَقول جَاءَت القريةُ وَأَنت تُرِيدُ أَهلهَا وَإِن شِئْت قلت هَذِه عَمْرو أَي هَذِه الْكَلِمَة اسْم عَمْرو كَمَا تَقول هَذِه ألْفٌ وَأَنت تُرِيدُ هَذِه الدراهمُ ألْفٌ وَإِن جعلته اسْما للكلمة لم تصرف وَإِن جعلته للحرف صرفته قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَأَبُو جادٍ وهَوَّازٌ وحُطِيٌ بياء مُشَدّدَة كعمرو فِي جَمِيع مَا ذكرنَا وحالُ هَذِه الْأَسْمَاء حالُ عَمْرو وَهِي أَسمَاء عَرَبِيَّة وَأما كَلَمُون وصَعْفَصُ وقُرَيسياتُ فَإِنَّهُنَّ أعجميات لَا ينصرفن ولكنهن يقعن مواقع عَمْرو فِيمَا ذكرنَا إِلَّا ان قُرَيْسيات بِمَنْزِلَة عَرَفَاتٍ وأذْرِعَاتٍ قَالَ أَبُو سعيد: فصل سِيبَوَيْهٍ بَين أبي جادٍ وهَوَّاز وحُطِّيِّ فجعلهنَّ عربياتٍ وَبَين الْبَوَاقِي فجعلهن أعجميات وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاس يُجيز أَن يكنَّ كُلُهُنِّ أعجياتٍ وَقَالَ بعض المحتجين لسيبويه أَنه جَعلهنَّ عربيات لِأَنَّهُنَّ مفهوماتُ الْمعَانِي فِي كَلَام الْعَرَب وَقد جَرَى أَبُو جادٍ على لفظ لَا يجوز أَن يكون إِلَّا عَرَبيا تَقول هَذَا أَبُو جاد وَرَأَيْت أَبَا جاد وعجيبت من أبي جاد قَالَ الشَّاعِر:

(أتَيْتُ مُهَاجِرِينَ فَعَلَّمُونِي ... ثلاثةَ أَحْرفٍ مُتتابعاتِ)

(وخَطُّوا لي أَبَا جادٍ وَقَالُوا ... تَعَلَّمْ صَعْفَضاً وقُرَيْسِياتِ)

قَالَ أَبُو سعيد: وَالَّذِي يَقُول إنَّهُنَّ أعجمياتٌ غير مُبْعِدٍ عِنْدِي إِن كَانَ يُرِيد بذلك أَن الأَصْل فِيهَا العُجْمَة لِأَن هَذِه الْحُرُوف عَلَيْهَا يَقع تعليمَ الخَطِّ بالسُّرياني وَهِي معارف وَكَذَلِكَ جيمع مَا ذَكرْنَاهُ من الْحُرُوف مِمَّا لَا يدْخلهُ الألفُ وَاللَّام وَمَا كَانَ يدْخلهُ اللف وَاللَّام فَإِنَّهُ يكون معرفةٌ بهما ونكرةٌ عِنْد عدمهَا كالألف وَالْبَاء وَالتَّاء إِن شَاءَ الله تَعَالَى

١ - وَمن الْمُؤَنَّث الْمُضمر من غير تقدم ظَاهر يعود إِلَيْهِ وَلَيْسَ من الْمُضمر قبل الذّكر على الشريطة التفسيرية وَلَكِن للْعلم بِهِ

وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالحِجَابِ} [ص: ١٣٢] يَعْنِي الشَّمْس و {كُلُّ مَنْ عَلَيهَا فَان}

<<  <  ج: ص:  >  >>