للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مضمرٍ ردّت إِلَى أَصْلهَا وَهُوَ الْبَاء فَقيل بِهِ لأَفْعَلَنَّ، أنْشد أَبُو زيد: رأى بَرْقاً فأوضَعَ فَوق بَكْرِ فَلَا بِكَ مَا أسالَ وَلَا أغاما وَأنْشد أَيْضا: أَلا نادَتْ أُمامةُ باحتمالِ غَداةَ غدٍ فَلَا بِكَ مَا أُبالي

شرح ألف الِاسْتِفْهَام

أما الْألف فَإِنَّهَا أمُّ الِاسْتِفْهَام وَلذَلِك قَوِيتْ وتمَكَّنَتْ فِي بَابهَا، وَلم تَدُلَّ إِلَّا على طَريقَة الِاسْتِفْهَام.

شرح لَام الْأَمر

ولامُ الْأَمر موضوعةٌ ليُتوصَّل بهَا إِلَى الْأَمر من الْفِعْل وَفِيه حروفُ الزِّيَادَة وَهِي تَنْقَسِم إِلَى ضربيْن: ضَرْبٌ يُجاء بهَا فِيهِ من غير اضْطِرار إِلَيْهَا وَذَلِكَ إِذا أمرتَ الحاضرَ كَقَوْلِك لِتَضْرِبْ وضَرْبٌ يجاء بهَا فِيهِ اضطراراً وَذَلِكَ إِذا كَانَ بينَك وَبَين مأمورك وَسيط وَلم يكُ هُوَ حَاضرا كَقَوْلِه تَعَالَى: (ثمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُم) . فَأَما لَام الِابْتِدَاء ولامُ القسَم الَّتِي هِيَ فِي الْجَواب فثِنتان فَأَما الَّتِي للابتداء فللإعلامِ بالقَطْع والاستئناف وَأما الَّتِي للقسم فلِرَبْط الحَلفِ بالمَحلوف عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ لَهَا من النُّون فِي الْمُضَارع الموجِب للتَّأْكِيد فَإِن رأيتَ لاماً لم يتقدَّمها قسَم وَلم يَجُز أَن تكونَ لامَ ابتداءٍ فالقسَم مضمرٌ كنحو مَا نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ من قَوْله تَعَالَى: (ولَئِنْ أرْسَلْنا ريحًا فَرَأَوهُ مُصْفَرَّاً لَظَلُّوا) فَهَذَا على إِضْمَار الْقسم. قَالَ أَبُو عَليّ: وَمثله قَوْله تَعَالَى: (لَئِنْ بَسَطْتَ إليَّ يَدَكَ لتَقْتُلَني) . فَأَما لَام التَّعْرِيف وسِينُ التَّنْفِيس: فقد أبنتهما فِي العَقْد لِقِلَّة مَا يَقْتَضِيانه من التَّفْسِير.

٣ - (تَفْسِير مَا جَاءَ مِنْهَا على حَرْفَين شرح مِن)

أما مِنْ فتكونُ على أَرْبَعَة أوْجُه ابتداءُ الْغَايَة والتبعيضُ والتَّبْيينُ وزائدةٌ فابتداء الْغَايَة نَحْو خَرَجْت من بَغْدَاد إِلَى الْكُوفَة والتبعيض هَذَا من الدَّراهِم والتبيين اجْتَنِبوا الرِّجْس من الْأَوْثَان وَمن هَذَا الْبَاب الثِّياب من الخَزِّ والأبواب من الْحَدِيد وَهَذَا تَبْيِين يخصِّص الجملةَ المتقدّمة قبلَ هَذَا وَأما الزَّائِدَة فَتكون فِي غير الْوَاجِب خاصّة من نَحْو النَّفي والاستفهام كَقَوْلِك مَا جَاءَنِي من رجل فَمن هَهُنَا زائدةٌ لاستغراق الجِنس وَتقول مَا أَتَانِي من أحدٍ فَتكون زَائِدَة للتَّأْكِيد وَالْأَصْل أَن تكونَ لابتداء الغايةِ لِأَنَّهُ ابْتِدَاء فصل الْجُمْلَة فِي نَحْو قَوْلك أخذتُ من الطَّعام قَفيزاً فابتدأ القَفيزَ وَلم يَنْتَهِ إِلَى آخر الطَّعَام فالقَفيز ابتداءُ الْأَخْذ إِلَى أَن لَا يبْقى مِنْهُ شَيْء وَفِي كلِّ تبعيض معنى الِابْتِدَاء بِالْبَعْضِ الَّذِي انتهاؤُه الكُلُّ وَأما الَّتِي للتَّبيين فَهِيَ مُخَصَّص الْجُمْلَة الَّتِي قبلهَا كَمَا أَنَّهَا فِي التَّبْعِيض تخصص الْجُمْلَة الَّتِي بعْدهَا فَأَما زيادتها لاسْتغراق الجِنس فِي قَوْلك مَا جَاءَنِي مِنْ رجل فَإِنَّمَا جعلت الرجل ابتداءَ غَايَة نَفْي الْمَجِيء إِلَى آخر الرِّجَال فَمن هَهُنَا دَخلهَا معنى استغراق الْجِنْس وَأما زيادتها للتَّأْكِيد فِي مَا جَاءَنِي مِنْ أحد فَلِأَنَّهَا لمَّا كَانَت لاستغراق الْجِنْس وَكَانَ أحدٌ أَيْضا جِنْسا كَذَلِك صَارَت بِمَنْزِلَة مَا جَاءَنِي أحدٌ للتَّأْكِيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>