النُّون. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وحدَّثنا الْخَلِيل عَن الْعَرَب بذلك وأنشدنا بَيْتا لرجلٍ من أزدِ السَّراة وَهُوَ: عَجِبْتُ لمَوْلودٍ ولَيْسَ لَهُ أبٌ وَذي وَلَدٍ لم يَلْدَهُ أَبَوَانِ يُرِيد يَلِدْهُ فأسكنَ اللَّام فَاجْتمع ساكنان اللَّام وَالدَّال فَفتح الدَّال لِاجْتِمَاع الساكنين. قَالَ: وسمِعنا من الْعَرَب كَمَا أنْشدهُ الْخَلِيل ففتحوا الدَّال كي لَا يلتقي ساكنان حَيْثُ أسكنوا مَوضِع الْعين وحركوها بحركة أقرب المتحركات إِلَيْهِ وَهِي الْيَاء وَلم يَحْفِلوا بِاللَّامِ لسكونها لِأَن السَّاكِن حاجز غير حَصين وَزَعَمُوا أَنهم يَقُولُونَ وَرِكَ ووَرْك وكَتِفَ وكَتْف.
(بَاب مَا أُسكِن من هَذَا الْبَاب وتُرِك أول الْحَرْف على أَصله لَو حُرِّك)
لِأَن الأَصْل عِنْدهم أَن يكون الثَّانِي متحركاً وَغير الثَّانِي أول الْحَرْف وَذَلِكَ قَوْلهم شَهْدَ ولِعْبَ تسكن الْعين كَمَا أسكنتها فِي عَلْمَ وتَدَعُ الأول مكسوراً لِأَنَّهُ عِنْدهم بِمَنْزِلَة مَا حركوا فَصَارَ كأول إبِلِ سمعناهم ينشدون هَذَا الْبَيْت هَكَذَا للأخطل: إِذا غابَ عَنَّا غابَ عنَّا فُراتُنا وإنْ شِهْدَ أَجْدَى فَضْلُه وجَدَاولُهْ وَمثل ذَلِك نِعْمَ وبِئْسَ إِنَّمَا هما فَعِلَ قَالَ الْمُفَسّر لهَذَا الْبَيْت قد قدمنَا قبل هَذَا أَن مَا كَانَ على فَعِلَ وثانيه حرف من حُرُوف الْحلق فَفِيهِ أَربع لُغَات مِنْهَا فِعْلَ وَهُوَ الَّذِي أَرَادَ سِيبَوَيْهٍ فِي هَذَا الْموضع أَن شِهْدَ ولِعْبَ جَاءَ على أَصله لَو حُرِّك مَعْنَاهُ أَنه جَاءَ شِهِدَ ولِعِبَ ثمَّ أسكن من أجل ذَلِك وَمثل ذَلِك غُزْيَ الرجلُ لَا تُحوِّل الْيَاء واواً لِأَنَّهُمَا إِنَّمَا خُفِّفت وَالْأَصْل عِنْدهم التحريك وَأَن تُجْرى يَاء كَمَا أَن الَّذِي خفَّفَ الأصلُ التحركُ عِنْده وَأَن يُجْريَ الأول فِي خِلَافه مكسوراً وأصلُ غُزِيَ غُزِوَ لِأَنَّهُ من الغَزْوِ انقلبت الْوَاو يَاء لِأَنَّهَا طَرَفٌ وَقبلهَا كسرة فَكَأَن قَائِلا قَالَ إِذا سَكَّنا الزَّاي وَجب أَن تعود الْوَاو لِأَن الْعلَّة الَّتِي كَانَت تَقْلِبها يَاء قد زَالَت. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: هَذَا التَّخْفِيف لَيْسَ بِوَاجِب وَلَا هُوَ بناءٌ بُني عَلَيْهِ اللفظُ فِي الأَصْل وَإِنَّمَا هُوَ عَارض كَمَا أَن الَّذِي يَقُول عَلْمَ وكَرْمَ فِي عَلِمَ وكَرُمَ الأَصْل عِنْده عَلِمَ وكَرُمَ وَإِن خفَّف وَالدَّلِيل على أَن الأَصْل هَذَا أَنه لَو جعل الفعلَ لنَفسِهِ لقَالَ عَلِمْت وكَرُمْت فرَدُّوا الْبناء إِلَى أَصله فاعرف ذَلِك.
(بَاب أَسمَاء المصادر الَّتِي لَا يُشتَقُّ مِنْهَا أَفعَال)
أَبُو عبيد: هُوَ رجلٌ بَيِّنُ الرُّجولةِ وراجِلٌ بيِّنُ الرِّجْلَة وحُرٌّ بيِّنُ الحُرِّيَّة والحُروريَّة ورجلٌ غِرٌّ وَامْرَأَة غِرَّةٌ بَيِّنَةُ الغَرارة من قومٍ أَغِرَّاء ورجلٌ ظَهيرٌ بيِّنُ الظَّهارة وَهُوَ القويُّ وَامْرَأَة حَصانٌ بيِّنَة الحَصانة والحُصْن وفَرَسٌ حِصانٌ بيِّنُ التَّحُصُّن. قَالَ أَبُو عَليّ: غَلِطَ أَبُو عبيد فِي إِدْخَاله امْرَأَة حَصان تَحت هَذِه التَّرْجَمَة لِأَنَّهُ يُقَال حَصُنَتِ الْمَرْأَة. أَبُو عبيد: حافر وَقاحٌ بيِّنُ الوَقاحَة والوَقَح والقِحَة والقَحَة ورجلٌ عِنِّين بيِّن العِنِّينية وَقد عُنِّنَ عَن امْرَأَته وصَريحٌ بيِّنُ الصَّراحة والصُّروحة وفَرَسٌ ذَلولٌ بيِّنُ الذُّلِّ وذَليلٌ بيِّن الذُّلِّ والذِّلَّة ومَعْتوه بيِّن العَتْه والعَتَه أَيْضا وجاريةٌ بيِّنة الجَراية والجَراء وجَرِيٌّ بيِّن الجَراية: وَهُوَ الْوَكِيل وفلانٌ طريفٌ فِي النَّسَب وطَرِفٌ بيِّن الطَّرافة ومنَ الأقْعَد بيِّن القُعْدُد والقُعْدَد وعَقيمة بيِّنة العُقْم والعَقَم وعاقرٌ بيِّنة العُقْر وَقد عَقُرَت تَعْقُر وعَقِرَت تَعْقَر عُقاراً. قَالَ أَبُو عَليّ: وَقد أَسَاءَ فِي هَذَا الْموضع أَيْضا أشدَّ من تِلْكَ الْإِسَاءَة لِأَنَّهُ صَرَّح هُنَا بتصريف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute