للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قبيحاً. وَقد يَجِيء تفاعَلْت ليُرِيَك أَنه فِي حَال لَيْسَ فِيهَا من ذَلِك قَوْلك تغافَلْت وتعاميْت وتعاشَيْت وتعارَجْت وتكاسَلْت: إِذا أرَيْتَ من نَفسك مَا لَيْسَ فِيك قَالَ: إِذا تخازَرْت وَمَا بِي من خَزَرْ ثمَّ كسَرْت العينَ من غير عَوَرْ ألْفَيْتَني ألْوَى بعيدَ المُسْتَمَرّْ أَحمل مَا حُمِّلْت من خيرٍ وشَرّْ وَمعنى تخازرت: أَي صَغَّرْت عَيْني وَمَا كَانَت صَغِيرَة، وَيُقَال تَذاءَبتِ الرِّياحُ وتذَأبتْ: إِذا جَاءَت من كل وَجه.

هَذَا بَاب استفعَلْت

قَالَ سِيبَوَيْهٍ: تَقول اسْتَجدْته: أَي أصبته جيِّداً، واستكرَمته: أَي أصبته كَرِيمًا، واستعْظمْته: أَي أصبته عَظِيما، واسْتسْمَنْته: أَي أصَبْته سَمينا وَقد يَجِيء على غير هَذَا الْمَعْنى كَمَا جَاءَ تذاءبتْ وعاقبْتُ. قَالَ أَبُو عَليّ: اعْلَم أَن أصل استفعَلْت الشيءَ فِي معنى طلبته واستدعيته وَهُوَ الْأَكْثَر وَمَا خرج عَن هَذَا فَهُوَ يحفظ وَلَيْسَ بِالْبَابِ. قَالَ أَبُو عَليّ: وَأَنا أسوقه إِلَيْك على مَا قَالَه سِيبَوَيْهٍ وَيكون أَيْضا استفعلته على معنى أصبته وَهُوَ كالباب فِيهِ وَلذَلِك قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَقد يَجِيء على غير هَذَا الْمَعْنى كَمَا جَاءَ تذاءَبْت وعاقَبْت وَلَيْسَ بِالْبَابِ وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ، وَتقول استلأم: إِذا لبس اللأْمةَ واستخْلَف لأَهله كَمَا تَقول أخْلَف لأهْله وَالْمعْنَى واحدٌ. أَبُو عَليّ: اسْتَقَى لَهُم. قَالَ: وَفِي بعض النّسخ كَمَا قَالُوا استسقى لَهُم، وَتقول استَعْطَيْت: أَي طلبت العطِيَّة، واستعتبته: أَي طلبت إِلَيْهِ العُتْبى وَهُوَ الرِّضَا من العَتْب، واسْتفْهَمْت: أَي طلبت تفهيمي، وَكَذَلِكَ استخبَرْت واستشَرْت، واستخْرَجْته: أَي لم أزل أطلب إِلَيْهِ حَتَّى خرج وَقد يَقُولُونَ اخْتَرَجْته شبَّهوه باقتلعْته وانتَزَعْته، وَذكر أَبُو بكر مَبْرَمانُ عَن أَصْحَابه الَّذين أخذَ عَنْهُم التفسيرَ أَن استخرجتُه استدعيْت خُروجه وقتا بعد وقتٍ، واخترجْته أخرَجْته إِلَيْهِ، كَمَا تَقول انتزَعْته، وَقَالُوا قَرَّ فِي مَكَانَهُ واستقرَّ، كَمَا قَالُوا جَلَب الجُرْحُ وأجْلَبَ وَالْمعْنَى واحدٌ. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وأمّا استحقَّه فَإِنَّهُ يكون طلَبَ حَقَّه، واستخفَّه طلب خِفَّته، وَاسْتَعْملهُ طلب إِلَيْهِ العمَلَ، واستعجلت زيدا: إِذا طلبتَ عجَلته، فَإِذا قلت استعجلْت غير متعَدٍّ إِلَى مفعول فَمَعْنَاه طلبت ذَلِك من نَفسِي وكلَّفتها إيّاه، فالباب فِي استفعلت الشَّيْء أَن يكون للطَّلَب أَو للإضافة كَقَوْلِك عَلا قِرْنَه واستعلاه، وقَرَّ فِي الْمَكَان واستقرَّ وَمِنْه فِي التحوُّل من حَال إِلَى حَال، استَنْوَقَ الجملُ: إِذا تخلَّق بأخلاق النَّاقة، واستَتْيَسَت الشّاةُ: إِذا تشبَّهت بالتَّيْس. قَالَ أَبُو عَليّ: وَمثله استحْجَرَ الطِّينُ وكلّ مَا كَانَ للتحوُّل من حَال إِلَى حالٍ من هَذَا الْمِثَال فَإِنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ خَال من حرفَي الزِّيَادَة اللَّذَين هما السِّين وَالتَّاء. قَالَ: وَمن هَذَا الْبَاب: استنسرَ البَغاثُ، أَي صَار كالنسر، وَحكى ابْن السّكيت اسْتَسْعَلَت المرأةُ: أَي صَارَت كالسِّعلاة. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: فَإِذا أَرَادَ الرجل أَن يُدخِل نَفسه فِي أمرٍ حَتَّى يُضَاف إِلَيْهِ وَيكون من أَهله فإنّك تَقول تفعَّلَ وَذَلِكَ تشجَّع وتبصَّر وتحلَّم وتجلَّدَ وتمرَّأ وَتَقْدِيره تمرَّعَ: أَي صَار ذَا مُرُوءَة وَقَالَ حَاتِم طَيئ تحَلَّمْ عَن الأَدْنَيْنَ واستَبْقِ وُدَّهمْ وَلنْ تستطيعَ الحِلْم حَتَّى تحَلَّما وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَة تَجاهَلَ لِأَن هَذَا يطْلب أَن يصير حَلِيمًا وتجاهل يُري من نَفسه غير الَّذِي هُوَ فِيهِ وَقد مضى ذَلِك، وَقد يَجِيء تَقَيَّسَ وتنَزَّرَ على هَذَا يَعْنِي أَنه يُقَال للرجل تقَيَّس: إِذا دخل فِي نسب قيس حَتَّى يُضَاف إِلَيْهِ ويكونَ من أَهله وَكَذَلِكَ تنزَّر إِذا دخل فِي نسب نزارٍ وَقد دخل استفعل هُنَا قَالُوا تعظَّم واستعظم وتكبَّر واستكبر كَمَا شَارك تفاعلْتُ تفعَّلْتُ الَّذِي لَيْسَ فِي هَذَا الْمَعْنى ولكنَّه استثباتٌ وَذَلِكَ قَوْلهم تيقَّنت واستيقنت وتبيَّنت واستبَنْت وتثَبَّتُّ واستثبَتُّ وَمثل ذَلِك يَعْنِي تحلَّم، تقَعَّدتُه: أَي ريَّثته عَن حَاجته وعُقْته، وَمِنْه تهَيَّبَني أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>