للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القَوْل فِي بنت وَأُخْت وهَنْتِ وتكسيرها وَذكر كِلْتَا وثنتين وإبانة وَجه الِاخْتِلَاف فِيهِ إِذا كَانَ فصلا دَقِيقًا من فُصُول التَّذْكِير والتأنيث

قَالَ أَبُو عَليّ: بنْتق من ابْن لَيْسَ كصَعْبَةٍ من صَعْب لِأَن الْبناء صِيغ للتأنيث على غير بِنَاء التكذير فَهُوَ كحَمْرَاء من أَحْمَر وَلَيْسَ كصعبة من صَعب وَغير الْبناء عَمَّا كَانَ يجب أَن يكون عَلَيْهِ فِي أصل التَّذْكِير وأبدل التَّاء من الْوَاو وأُلْحِقَ الاسمُ بِهِ بشِكْس ونِكْسِ وَمَا أشبه ذَلِك وَبِهَذَا ردّ على من قَالَ إِن الدَّلِيل على أَن الْبَاء من ابْن مَكْسُورَة كَسْرُهُم الباءَ فِي بِنْت وشيءٌ آخر يدل على أَن بِنْتا لَا يدل على أَن أصل ابْن فِعْلٌ وَهُوَ أَنا وجدناهم يَقُولُونَ أُخْتٌ فَلَو كَانَ ابنٌ فِعْلاً لقَولهم بِنْتٌ لَكَانَ أَخٌ فُعْلاً لقَولهم أُخْتٌ فَكَمَا لَا يجوز أَن يكون أَخٌ فُعْلاً لقَولهم أُخْتٌ فَكَمَا لَا يجوز أَن يكون أَخٌ فُعْلاً وَإِن جَاءَ أُخْتٌ كَذَلِك لَا يجوز أَن يكون ابنٌ فِعْلاً وَإِن جَاءَ بِنْتٌ فَأَما قولُهم بَناتٌ فِي الْجمع فمما يدل على أَن أصل الْبَاء فِي ابْن الْفَتْح ورُدِّ فِي الْجمع إِلَى أصلِ بناءِ المذكرِ كَمَا رُدَّ أُخْتٌ إِلَى أصل بِنَاء الْمُذكر فَقيل بناتٌ كَمَا قيل أخواتٌ وَهَذَا الضَّرْبُ من الْجمع أ، ي الْجَمِيع بِالْألف وَالتَّاء قد يُرَدُّ فِيهِ الشَّيْء إِلَى أَصله كثيرا كَرَدِّهِمْ اللامات الساقطةَ فِي الْوَاحِد لَهُ نَحْو قَوْلهم فِي عِضَةٍ عِضَواتٍ فَكَمَا رُدُّوا الحرفَ الأصليَّ فِيهِ كَذَلِك رُدَّت الحركةُ الَّتِي كَانَت الأصلَ فِي بِنَاء الْمُذكر والمحذوف من أُخْت وَبنت الْوَاو أما فِي أُخْت فدليلُه قولُهم إخْوَة وأُخُوَّة وَإِمَّا بِنْتٌ فحمولة عَلَيْهِ وَأَيْضًا فَإِن بدل التَّاء من الْوَاو أَكثر من بدلهَا من الْيَاء وَهَذِه التَّاء لَا تَخْلُو من أَن تكون بَدَلا من لَام الْفِعْل أَو عَلامَة للتأنيث فَلَو كَانَت عَلامَة للتأنيث لَا نفتح مَا قبلهَا كَمَا ينفتح مَا قبلهَا فِي غير هَذَا الْموضع فَلَمَّا لم ينفتح علمنَا أَنه بدل وَأَنه لَيْسَ على حد طَلْحَة وثُبَة وَإِذا كَانَ بَدَلا فَلَا بُد أَن بِكَوْن من يَاء أَو وَاو وَلَا يجوز أَن يكون من الْيَاء لأَنا لم نجدهم أبدلوا التَّاء من الْيَاء إِلَّا فِي افتعل من اليَسَار وَنَحْوه وَفِي حرف وَاحِد كَقَوْلِهِم أَسْنَتُوا فَأَما أصلُ إِبْدَال التَّاء من الْوَاو دون الْيَاء فَذَلِك كثير جدًّا فَعلمنَا بذلك أَن التَّاء فِي بنتْ بدل من وَاو كَمَا كَانَت فِي أُخْت كَذَلِك وكما كَانَت فِي هَنْتٍ كَذَلِك والدليلُ على أَن التَّاء فِي هَنْتٍ بَدَلٌ من الْوَاو قولُه:

(عَلَى هَنَوَاتٍ شأْنُهَا مُتَتابِعُ ... )

فالتاء بدل من الْوَاو وَذَلِكَ فِيهِ وَفِي أُخْت بَيِّنٌ لأخوات وهَنَوَاتٍ وَكَذَلِكَ فِي بنت تَقول فِي التَّاء أَنَّهَا بدل من الْوَاو وَأَن الْألف فِي كلا منقلبة عَن وَاو لإبدالك التاءَ مِنْهَا فِي كلتا وَلذَلِك مثله سِيبَوَيْهٍ بَشرْوَى فَإِن قَالَ قَائِل إِذا كَانَت التَّاء فِي أُخْت وَمَا أشبهه للإلحاق كَمَا ذكرتَ دون التَّأْنِيث فَلَا أَثْبَتَّهَا فِي الْجمع بِالتَّاءِ نَحْو أَخَوَات وَبَنَات وَلم تحذف كَمَا لَا تحذف سَائِر الْحُرُوف الملحقة فِي هَذَا الْجمع وَلَا فِي الْإِضَافَة فَالْجَوَاب أَن هَذِه التَّاء للإلحاق كَمَا قُلْنَا وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا قدمنَا وَإِنَّمَا حذف للإضافة وَهَذَا الضَّرْب من الْجمع لِأَن الْبناء الَّذِي وَقع الْإِلْحَاق فِيهِ إِنَّمَا وَقع فِي بِنَاء الْمُؤَنَّث دون الْمُذكر وَصَارَ الْبناء بِمَا اختصَّ بِهِ الْمُؤَنَّث بِمَنْزِلَة مَا فِيهِ عَلامَة التَّأْنِيث فحذفت التَّاء فِي الْمَوْضِعَيْنِ لذَلِك لَا لِأَنَّهُ للتأنيث وغُيِّرَ البناءُ فِي هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ ورُدَّ إِلَى التَّذْكِير من حَيْثُ حُذِفَتْ علامةُ التَّأْنِيث فِي هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ لِأَن الصِّيغَة قَامَت مقَام الْعَلامَة فَكَمَا غُيِّرَ مَا فِيهِ عَلامَة بحذفها كَذَلِك غُيِّرَتْ هَذِه الصِّيغَة بردّها إِلَى الْمُذكر إِذا كَانَت الصِّيغَة قد قَامَت مقَام الْمُذكر فَمن حَيْثُ وَجب أَن يُقَال طَلَحَات وطَلَحِيُّ وَجب أَن يُقَال أَخَوات وأَخَوِيُّ فَأَما قَول يُونُس فِي الْإِضَافَة إِلَى أُخْتٍ أُخْتِيٌ فَلَا يجوز كَمَا لَا فِي الْإِضَافَة إِلَى طَلْحَة إِلَّا الحذفُ لمعاقبة الياءين تاءَ التَّأْنِيث فِي مثل قَوْلهم زِنْجِيٌ وزَنْجٌ ورُومِيٌ ورُوم صَار بِمَنْزِلَة تَمْر لِأَن حذفهَا يدل التكثير وإثباتها يدل على التَّوْحِيد فَلهَذَا لم تثبت التَّاء مَعَ ياءَيِ

<<  <  ج: ص:  >  >>