للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أُولَئِكَ أَوْلَى من يَهُودَ بِمَدْحَةٍ ... إِذا أنتَ يَوْمًا قُلْتَها لم تُؤَنَّبِ)

وَلَو سميت بمجوس أَو يهود أَو عُمانَ لم تصرفه لِاجْتِمَاع التَّأْنِيث والتعريف فِيهَا كَمَا أَنَّك لَو سميته بعقرب أَو عَناق لم تصرفه وَاعْلَم أَن يهودَ ومَجُوسَ قد يأتيان على وَجه آخر وَهُوَ أَن تجعلها جمعا لِيَهُودِيّ ومجوسيّ فتجعلهما من الجموع الَّتِي بَينهَا وَبَين وَاحِدهَا يَاء النِّسْبَة كَقَوْلِهِم زِنْجِيٌ وزِنْجٌ ورُومِيّ ورُومٌ وأعْرابيّ وأعرابٌ فَزِنْجِيٌ واحدٌ وزَنْج جمع وأعرابي وَاحِد وأعراب جمع فَكَذَلِك يهوديّ وَاحِد ويهودٌ جمع فَهَذَا مَصْرُوف وَهُوَ نكرَة وتدخله الْألف وَاللَّام للتعريف فَيُقَال الْيَهُود وَالْمَجُوس كَمَا يُقَال الْأَعْرَاب والزنج وَالروم وَهَذَا الْجمع الَّذِي بَينه وَبَين واحده الْيَاء كالجمع الَّذِي بَينه وَبَين واحده الْهَاء كَقَوْلِنَا تَمْرَة وتمر وشَعيرة وشَعِير وَقد مضى الْكَلَام فِي نَحوه وَأما نَصَارَى فَهُوَ عِنْد سِيبَوَيْهٍ جمع نصران للمذكر ونصرانة للمؤنث والغالبُ فِي الِاسْتِعْمَال النسبةُ نصرانيّ ونصرانية وَالْأَصْل نَصْرَانٌ مثل نَدْمَانٍ ونَدْمَانَةٍ فَإِذا جمع رَدّ إِلَى الأَصْل فَيُقَال نَصَارى كَمَا يُقَال نَدَامَى قَالَ الشَّاعِر:

(فَكِلْتَاهُمَا خَرَّتْ وأَسْجَدَ رَأْسُها ... كَمَا سَجَدَتْ نَصْرَانَةٌ لم تَحَنَّفِ)

فجَاء نَصارَى على هَذَا وَإِن كَانَ غير مُسْتَعْمل فِي الْكَلَام كَمَا جَاءَ مَذاكيرُ ومَلَامِحُ فِي جمع ذَكَرٍ ولَمْحَةٍ وَلَيْسَ بِجمع لَهما فِي الْحَقِيقَة وتقديرهما أَنَّهُمَا جمعُ مِذْكِيرِ ومَلْمَحَةٍ وَإِن كَانَا غير مستعملين وَقَالَ غير سِيبَوَيْهٍ نَصَارَى جمع نَصْرِيِّ ونَصْرِيَّة كَمَا أَن مَهَارَى من الْإِبِل جمع مَهْرِيِّ ومَهْرِيِّة وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ فِي أَن نَصَارَى جمعٌ نكرةٌ لَيْسَ مثلَ يهودَ ومجوسَ فِي التَّعْرِيف قولَ الشَّاعِر:

(صَدَّتْ كَمَا صَدَّ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُ ... ساقِي نَصَارَى قُبَيْلَ الفَصْحِ صُوَّامِ)

فوصف نَصارى بِصُوَّام وَهُوَ نكرَة وَقد يَقُول هم اليهودُ والمجوسُ والنَّصارَى وهم يَهُودٌ ومَجُوسٌ كُلُّ ذَلِك على الْمَعْنى وَمن هَذَا الْبَاب الرُّومُ والعُرْبُ والعَربُ والعُجْمُ والعَجَمُ لِأَنَّهَا أَسمَاء فأنثتْ على ذَلِك وَكَذَلِكَ يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ وَقَالُوا هم الأبْنَاء لأبناءِ فارسَ والنَّسَبُ إِلَيْهِ أبْنَاوِيٌ وَلم يَرُّدُوه إِلَى واحده لِأَنَّهُ غَلَبَ فَصَارَ كاسم الْوَاحِد كَمَا قَالُوا فِي الْأَنْصَار أنصاريّ وَقَالُوا أبناوِيٌّ لأَنهم توهموه قَبيلَة فِي حَدِّ النَّسَبِ

(وَمن الْأَنْوَاع) الإنسُ والجِنُّ مؤنثان وَفِي التَّنْزِيل: {قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتِ الإنسُ والجِنُّ} [الْإِسْرَاء: ٨٨] وَفِيه: {تَبَيَّنَتِ الجِنُّ} [سبأ: ١٤] فَأَما قَوْلهم جِنَّة فقد يكون الجُنُونَ وَقد يكون جمع جِنِّ كحِجَارٍ وحِجَارة وَقَالُوا جِنِّيٌ وجِنٌ وإنْسِيٌ وإنْسٌ على حَدِّ زِنْجِيٍّ وزَنْج وَالْأُنْثَى بِالْهَاءِ

١ - هَذَا بَاب تَسْمِيَة الْأَرْضين

إِذا كَانَ اسمُ الأرضِ على ثَلَاثَة أحرف خَفِيفَة وَكَانَ مؤنثاً أَو كَانَ الغالبَ عَلَيْهِ المؤنثُ كعُمَانَ فَهُوَ بِمَنْزِلَة قِدْرٍ وشَمْسٍ ودَعْدٍ قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وبَلَغَنَا عَن بعض الْمُفَسّرين أَن قَوْله تبَارك وَتَعَالَى: {اهْبِطُوا مِصْرَاً} [الْبَقَرَة: ٦١] إنام أَرَادَ مِصْرَ بِعَينهَا قَالَ أَبُو عَليّ وَأَبُو سعيد: اعْلَم أَن تَسْمِيَة الْأَرْضين بِمَنْزِلَة تَسْمِيَة الأناسِيّ فَمَا كَانَ مِنْهَا مؤنثاً فسميت باسم فَهِيَ بِمَنْزِلَة امْرَأَة سميت بذلك الِاسْم وَمَا كَانَ مِنْهَا مذكراً فَهُوَ بِمَنْزِلَة رجل سمي بذلك الِاسْم وَإِنَّمَا يَجْعَل مؤنثاً ومذكراً على تَأْوِيل مَا تَأَوَّلُ فِيهِ فَإِن تأَوَّلُ فِيهِ أَنه بلد أَو مَكَان فَهُوَ مُذَكّر وَقد يغلب فِي كَلَام الْعَرَب فِي بعض ذَلِك التأنيثُ حَتَّى لَا يسْتَعْمل التَّذْكِير وَفِي بعضه يغلب التَّذْكِير ويقلُّ فِيهِ استعمالُ التَّأْنِيث وَفِي بعضه يُسْتَعمل التأنيثُ والتذكيرُ وَرُبمَا كَانَ التأنيثُ الأغلبَ فمما غلب فِيهِ التأنيثُ وَلم

<<  <  ج: ص:  >  >>