للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يسْتَعْمل فِيهِ التذكي عُمَانَ كَأَنَّهُ اسْم مؤنث كسُعَاد وَزَيْنَب وَمِنْهَا حِمْصُ وجُورُ وماهُ وَهِي غير منصرفة وَإِن كَانَت على ثَلَاثَة أحرف لِأَنَّهُ اجْتمع فِيهَا التَّأْنِيث والتعريف والعُجْمَة فعادلت العجمةُ سُكُون الْأَوْسَط فَلم يُصْرَف فَكَذَلِك كل مؤنث من الْآدَمِيّين إِذا سميتها باسم أعجمي على ثَلَاثَة أحرف وأوسُطها سَاكن لم تصرفها فِي الْمعرفَة وصرفتها فِي النكرَة نَحْو خَان ودلّ وخُسّ وَمَا أشبه ذَلِك إِذا سميت بهَا امْرَأَة أَو غَيرهَا من الْمُؤَنَّث وَلم يجز فِيهَا من الصّرْف مَا جا فِي هِنْد وَكَذَلِكَ إِن سميت امْرَأَة بحِمْصَ أَو جُور أَو ماه لم تصرفها كَمَا لَا تصرفها إِذا سميتها بدَلّ أَو خَان لِأَن ذَلِك كُله أعجمي وَمن أجل ذَلِك لَا تُصرف فارسُ ودِمَشْقُ لِأَنَّهُمَا أعجميان على أَكثر من ثَلَاثَة أحرف قَالَ الشَّاعِر:

(لِحَلْحَلَةِ القَتِيلِ وابْنِ بَدْرٍ ... وأهلُ دِمَشْقَ أنْدِيَةٌ تَبِينُ)

أردا أعجبوا لحلحلة وَمن ذَلِك واسِط التَّذْكِير غلب عَلَيْهِ وَالصرْف لِأَن اشتقاقه يدل على ذَلِك لِأَنَّهُ مكانٌ وَسَطَ البَصْرَة والكوفةَ فَهُوَ وَاسِط لَهما وَلَو كَانَ مؤنثاً لقيل وَاسِطَة وَمن الْعَرَب من يَجْعَلهَا اسْمَ أَرض فَلَا يصرف كَأَنَّهُ سمى الأَرْض بِلَفْظ مُذَكّر كامرأة يسميها بواسِطٍ وَقد كَانَ يَنْبَغِي على قِيَاس الْأَسْمَاء الَّتِي تكون صِفَات فِي الأَصْل أَن تكون فِيهِ الْألف وَاللَّام كَمَا يُقَال الحَسَنُ والحارِثُ وَمَا أشبه ذَلِك دخلت الألفُ واللامُ لِأَنَّهَا صفاتٌ غالبة وَلَكِن سمى الْمَكَان بِصفتِهِ وَالْعرب قد تفعل هَذَا لأَنهم رُبمَا قَالُوا الْعَبَّاس وعَبَّاسَ والحسنُ وحَسَنٌ وَقد قَالَ الشَّاعِر:

(ونَابِغَةُ الجَعْدِيُّ بالرَّمْلِ بَيْتُه ... عَلَيْهِ تُرابٌ من صَفِيح مُوَضَّعُ)

وَهُوَ النَّابِغَة بِالْألف وَاللَّام على أَنه صفة غالبة وَلكنه سَمَّاهُ بنابغةَ الَّذِي هُوَ صفة فَخرج عَن بَاب الصّفة الْغَالِبَة وَلم يذكر سِيبَوَيْهٍ واسطاً آخرَ غير الَّذِي بَين الْبَصْرَة والكوفة وَقد حَكَى غيرُه واسطاً بِنَجْدٍ وَقيل مَوضِع بِالشَّام قَالَ الشَّاعِر فِيهِ وَهُوَ الأخطل:

(عَفَا وَاسِطٌ من آلِ رَضْوَى فَنَبْتَلُ ... فَمُجْتَمَعُ الحُرِّيْنِ فالصَّبْرُ أَجْمَلُ)

وَيجوز أَن يكون واسطٌ بَين مكانين آخَرين وَقد حكى بَعضهم فِيهِ التأنيثَ وَمِمَّا يغلب فِيهِ التَّذْكِير وَالصرْف دابِقٌ قَالَ الراجز:

(ودابِقٌ وأَيْنَ مِني دابِقُ ... )

وَكَذَلِكَ مِنًى الصّرْف والتذكير فِيهِ أَجود وَإِن شِئْت أنثت وهَجَرُ يؤنث وَيذكر قَالَ الفرزدق:

(مِنْهُنَّ أيامُ صِدْقٍ قد بُلِيَتْ بهَا ... أيامُ فارسَ والأيامُ من هَجَرَا)

فَهَذَا أنث قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَسَمعنَا من الْعَرَب من يَقُول كجالِبِ التَّمْر إِلَى هَجَر يَا فَتى قَالَ أَبُو حَاتِم: هُوَ فَارسي معرّب إِنَّمَا هُوَ أَكَّرُ وَمثل للْعَرَب: " سِطِي مَجَرّ تُرْطِبْ هَجَرْ " يُرِيد تَوَسَّطِي السماءَ يَا مَجَرَّةُ وَلم يقل يُرْطِبْ بِالْيَاءِ وَذَلِكَ أَن المَجَرَّة إِذا تَوَسَّطَتْ السماءَ فَذَلِك وقتُ إرْطابِ النّخل وَأما حَجَرُ الْيَمَامَة وَهُوَ قَصَبَةُ الْيَمَامَة فيذكر ويُصْرف مِنْهُم من يؤنث فيُجْريه مُجْرى امرأةس سميت بِعَمْروٍ لِأَن حجرا شَيْء مُذَكّر سمي بِهِ الْمُذكر قَالَ سِيبَوَيْهٍ: فَمن الأَرَضِينَ مَا لَا يكون إِلَّا على التَّأْنِيث نَحْو عُمَانَ والزَّابِ ومنهما مَا لَا يكون إِلَّا على التَّذْكِير نَحْو فَلْجٍ وَمَا وَقع صفة كواسط ثمَّ صَار بِمَنْزِلَة زيد وَعَمْرو وأخُرج الألفُ وَاللَّام مِنْهُ وَجعل كنابغةَ الجَعْدِيِّ وَأما قُبَاءٌ وحِرَاءٌ فقد اخْتلف فيهمَا الْعَرَب فَمنهمْ من يذكر وَيصرف وَذَلِكَ أَنهم جعلوها اسْمَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>