الْفَارِسِي من أَنه يُقَال أسْأيْتُ الْقوس: جعلتُ لَهَا سِئَةً فاصلُه الهمزُ على عكس مَا ذهب إِلَيْهِ ابْن السّكيت فَلَا يُقَال إِذا إنّ سِيَةَ هُمِزَت وَلَيْسَ أَصله الْهَمْز كَمَا لَا يُقَال ذَلِك فِي مائةٍ، وَأما قَول المنخل: عدَوْتُ على زَيازِئَةٍ وخَوْفٍ وأخشى أَن أُلاقيَ ذَا سِلاطِ فَزعم ابْن جني أَن السكرِي قَالَ زَيازِئَةٍ: عجلة رَوَاهُ عَن الجُحَى. قَالَ: وَقَالَ ابْن حبيب الزَّيازِئُ: الغِلَظْ من الأَرْض ورؤوس الآكام. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد تَزَأْزَأْت من الرّجل تَزَأْزُؤَاً شَدِيدا: إِذا فَرِقْت مِنْهُ. قَالَ ابْن جني: فالفعللة من هَذَا الزّأزأة ثمَّ كسَّرها وَجَاء بِالْهَاءِ لتوكيد الْجمع فَصَارَ آزِئَة ثمَّ أبدل الْهمزَة الأولى للتكرير والهمزة جَمِيعًا فَصَارَت زَيازِئَة وَإِذا كَانَت الغِلَظ ورؤوس الآكام فواحدتها زِيزاء ثمَّ كسِّر فَصَارَ فِي التَّقْدِير زَيازِئَّ كعِلْباءٍ وعلابِيَّ ثمَّ حذف الْيَاء الأولى وعوَّض مِنْهَا الْهَاء كَمَا حذفهَا فِي فرازين وعوَّض مِنْهَا الْهَاء فِي فَرازِنة فَصَارَت زَيازِية ثمَّ أبدل الْيَاء الْأَخِيرَة همزَة على غير قِيَاس كحَلأّْت السَّويق ولبَّأت بالحجِّ واسْتَنْشَأْت الرّيح فَصَارَت زَيازِئة وَهَذَا الْبَدَل لَيْسَ عَن ضَرُورَة لِأَنَّهُ لَو لم تبدل لَكَانَ الْوَزْن وَاحِدًا لكنه ضرْبٌ من التصرُّف فِي اللُّغَة.
(بَاب مَا تركتِ العربُ همزَة وَأَصله الهَمز)
من ذَلِك قَوْلهم لَيْسَ لَهُ رَوِيَّةٌ وَهِي من روَّأت فِي الْأَمر لم يهمزْهُ أحدٌ، وَلَو كَانَ قياسيّاً كخطيئةٍ لهُمِزَ مرَّةً وخُفِّف أُخْرَى، وَسَيَأْتِي ذكر شُرُوط التَّخْفِيف البدَليِّ وَكَذَلِكَ البرِيَّة وَهُوَ من يَرأ الله الخَلْقَ: أَي خلقهمْ. قَالَ الْفراء: إِن أُخِذَت البرِيَّةُ من البَرَى: وَهُوَ التُّرَاب فأصلها غير الْهَمْز، وَكَذَلِكَ النبيُّ وَهُوَ من نبَّأت: أَي أخْبرت لِأَنَّهُ أنبأ عَن الله وأُنبئ وَهُوَ أَيْضا تَخْفيف بدَلِيٌّ، وَمن زعم أَن أَصله غير الْهَمْز لِأَنَّهُ من النَّبْوَة وَهِي الِارْتفَاع من الأَرْض: أَي أَنه شُرِّفَ على سَائِر الخَلق فقد أَخطَأ، لِأَن سِيبَوَيْهٍ قَالَ وَلَيْسَ أحد من الْعَرَب إِلَّا وَهُوَ يَقُول تنبّأ مُسيلمةُ فَلَو كَانَ من النَّبوة كَمَا ذهب إِلَيْهِ غير سِيبَوَيْهٍ لقالوا تَنَبَّى مُسَيْلمَة، وَلَو كَانَ من النَّبأ عِنْد قوم وَمن النَّبوة عِنْد آخَرين لَكَانَ بعض الْعَرَب يَقُول تنبّأ مُسَيْلمَة وَبَعْضهمْ يَقُول تنبّى مُسَيْلمَة، كَمَا أَن سَنَة لما كَانَت من الْهَاء عِنْد قوم وَمن الْوَاو عِنْد آخَرين قَالُوا: سَنَهات وسنوات، وَكَذَلِكَ عِضَة قَالُوا مرَّة عِضاهٌ ومرّة عِضَوات قَالَ: هَذَا طريقٌ يأزِمُ المَأَزِما وعِضَواتٌ تَقطعُ اللهازِما فَكَذَلِك النَّبيُّ لَو كَانَ من النَّبْوة وَمن النّبأ لهُمز مرّة وتُرِكَ همزُهُ أُخْرَى، وَمِمَّا يدل أَن تخفيفه بدلي لَيْسَ على الْقيَاس قَوْلهم فِي جمعه أَنْبيَاء فجمعوه جمع مَا لَا يكون واحده إلاّ مُعْتلاًّ نَحْو غنِيٍ وأغنياءً وشقِيٍّ وأشقياءً وَإِن قَالَ قَائِل لَو كَانَ اصله الهمزَ لقيل فِي جمعه أَنْبِئاء لِأَن التكسير مِمَّا تُرَدُّ فِيهِ الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا كَمَا يُفعَل ذَلِك فِي التحقير، قُلْنَا إِن هَذَا بدلٌ لازمٌ أوَلا تراهم قَالُوا أعيادٌ فِي جمع عيد وَقد زَالَت العِلَّة الَّتِي من أجلهَا أبدلت الْوَاو فِي عيدٍ يَاء لِأَن العلَّة الَّتِي من أجلهَا قلبت إِلَى الْيَاء الانكسار فَإِنَّمَا أَصله الْوَاو إِذْ هُوَ من عادَ يعودُ فَلَيْسَ كلُّ بدَلٍ غيرَ لازمٍ وَلَا كلُّ بدل لازمٌ إِنَّمَا يُنتَهى فِي ذَلِك عِنْدَمَا انْتَهَت الْعَرَب، وَقد شرحت هَذَا أنعَمَ شرح فِي بَاب الخَبَر من هَذَا الْكتاب، وَزعم سِيبَوَيْهٍ أَن بعض أهل الْحجاز يهمزون النَّبِئ وَهِي لُغَة رَدِيئَة وَلم يستردئها سِيبَوَيْهٍ ذَهَابًا مِنْهُ إِلَى أَن أَصله غير الْهَمْز وَإِنَّمَا استردأها من حَيْثُ كثُرَ اسْتِعْمَال الْجُمْهُور من الْعَرَب لَهَا من غير همز. قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ يُونُس أهل مَكَّة يخالفون غَيرهم من الْعَرَب يهمزون النَّبِئَ والبريئَة وَذَلِكَ قَلِيل فِي الْكَلَام. ابْن السّكيت: وَمن هَذَا الْبَاب الذرِّيَّة من ذَرأ الله الخَلقَ: أَي خلَقَهم، والخابيةُ غير مَهْمُوز من خبَأْت الشيءَ وَيَقُولُونَ رأيتُ فَإِذا صَارُوا إِلَى الْفِعْل المستقبَل قَالُوا أَنْت ترى وَنحن نَرى وَهُوَ يَرى وَأَنا أرَى فَلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute