للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١ - بَاب مَا يذكر وَيُؤَنث

من ذَلِك فِي الْإِنْسَان (العُنُق) والتذكير الْغَالِب عَلَيْهِ قَالَ ابْن دُرَيْد: إِذا قلت عُنْقٌ فسكنت الثَّانِي ذَكَّرْتَ وَإِذا ثَقَّلْتَ الثَّانِي أنثته وَلَا أَدْرِي مَا عِلَّتُه فِي ذَلِك إِلَّا أَن يكون سَماعاً فَأَما سَائِر أسمائها كالهادِي والتَّلِيل والشِّرَاع فمذكر قَالَ أَبُو النَّجْم:

(على يَدَيْهَا والشِّراع الأَطْوَلِ ... )

وَكَذَلِكَ العُنُق واحدُ الأَعْنَاقِ من النَّاس وهم الْجَمَاعَات قَالَ الله تَعَالَى: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِين} [الشُّعَرَاء: ٤] فِيمَن قَالَ إِن الأَعْنَاقَ هَا هُنَا الْجَمَاعَة وَقد قيل إِنَّهَا جمع عُنُقٍ وَلكنه قَالَ خاضعين حِين أضَاف الأعناقَ إِلَى المذكرين فَهُوَ يشبه قَول الشَّاعِر:

(وتَشْرَقُ بالقولِ الَّذِي قد أَذَعْتَه ... كَمَا شَرِقَتْ صَدْرُ القَنَاةِ من الدَّمِ)

(الفُؤَادُ) يذكر وَيُؤَنث وَجمعه فِي الجِنْسَيْنِ أفْئِدَة قَالَ سِيبَوَيْهٍ لَا نعلمهُ كُسِّرَ على غير ذَلِك فَأَما مَا اسْتشْهد بِهِ ابْن الْأَنْبَارِي على تأنيثه من قَول الشَّاعِر:

(شَفَيْتُ النفسَ من حَيَّيْ إيادٍ ... بقَتْلَي مِنْهُم بَرَدَتْ فُؤَادي)

فكهذا يكون غلطُ الضَّعْفَة إِنَّمَا فُؤَادِي مفعول ببردتْ أَي بردتْ تِلْكَ القتلَى فُؤَادِي بقتِلي لَهُم قَالَ أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: سَقَيْته شَرْبَةً بَرَدَتْ فُؤَادَه وَقد حكى الْفَارِسِي عَن ثَعْلَب تأنيثَ الْفُؤَاد وَلم يستشهد عَلَيْهِ بِشَيْء (اللِّسَان) يذكر وَيُؤَنث وَفِي الْكَلَام كَذَلِك وَإِذا قُصِدَ بِهِ قَصْدَ الرسَالَة وَالْقَصِيدَة أَيْضا أنْشد قَول الشَّاعِر فِي التَّأْنِيث:

(أَتَتْنِي لِسَانُ بَنِي عامِرٍ ... أحادِيثُها بَعْدَ قَوْلٍ نُكُرُ)

قَالَ الْفَارِسِي واللسانُ اللُّغة وَأنْشد قَول الشَّاعِر

(نَدِمْتُ على لِسانٍ فاتَ مِنِّي ... فَلَيْتَ بِأَنَّهُ فِي جَوْفِ عِكْمِ)

فَهَذَا لَا يكون إِلَّا فِي اللُّغَة وَالْكَلَام لِأَن الندمَ لَا يَقع على الْأَعْيَان والعِكْمُ - العِدْلُ وَقَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ على ثَنَاء فَمن أنث اللِّسَان قَالَ أَلْسُنٌ لِأَن مَا كَانَ على وزن فِعَالٍ من الْمُؤَنَّث جمعه فِي الإلب أَفْعُلِّ كَقَوْل أبي النَّجْم:

(يأتِي لَهَا مِنْ أَيْمُنٍ وأَشْمُلِ)

وَمن ذكَّر فَجَمعه ألْسِنَةً لِأَن مَا كَانَ على فِعَال من الْمُذكر فجمعُه أَفْعِلَه كمِثَالِ وأَمْثِلَة وَإِزَار وآزِرَة وإناء وآنية وسِوار وأَسْوِرة وَيُقَال إِن لِسان النَّاس علينا حَسَنٌ وحَسَنة أَي ثنائهم (العاتِقُ) يذكر وَيُؤَنث وَأنْشد فِي التَّأْنِيث:

(لَا صُلْحَ بَيني فاعْلَمُوه وَلَا ... بَيْنَكُمُ مَا حَمَلَتْ عاتِقِي)

(سَيْفِي وَمَا كُنَّا بِنَجْدٍ وَمَا ... قَرْقَرَ قُمْرُ الْوَادي بالشَّاهِقِ)

وَقد دفع بَعضهم هَذَا الْبَيْت وَقَالَ هُوَ مَصْنُوع ذهب إِلَى تذكير العاتق وَهُوَ أَعلَى فَأَما العاتِق من الحَمام

<<  <  ج: ص:  >  >>