للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا بَاب مَا كَانَ من هَذَا النَّحْو من بَنَات الواوِ الَّتِي الواوُ فيهنَّ فاءٌ

فكلُّ شيءٍ من هَذَا كَانَ فَعَلَ فَإِن المَصْدَر مِنْهُ والمكانَ والزَّمانَ يُبْنى على مَفْعِل وَذَلِكَ قَوْلك للمكان المَوْعِد والمَوْضِع والمَورِد وَفِي المَصْدَر المَوْجِدَة والمَوْعِدَة فيُزاد فِي المَصْدَر الهاءُ للتأنيثِ وَإِنَّمَا جَاءَ على مَفْعِل لِأَن مَا كَانَ فَعَلَ وأوَّلُه وَاو يلْزم مستقبَلهُ يَفْعِل وَأكْثر الْعَرَب بنوا المَفْعِل من فَعِلَ يَفْعَل على ذَلِك فَقَالُوا فِي وَجِلَ يَوْجَل ووَحِلَ يَوْحَل مَوْحِل ومَوْجِل وَذَلِكَ أَن يَوْجَل ويَوْحَل وأشباههما فِي هَذَا الْبَاب من فَعِلَ يَفْعَل قد يعتلُّ فتُقلَب الْوَاو مرّة يَاء وَمرَّة ألفا وتعتلُّ لَهَا الياءُ الَّتِي قَبْلَها حَتَّى تُكسر فَلَمَّا كَانَت كَذَلِك شَبَّهوها بالأوَّل لِأَنَّهَا فِي حالِ اعتلال وَلِأَن الْوَاو مِنْهَا مَوضِع الواوِ من الأول وهم مِمَّا يُشبِّهون الشيءَ بالشَّيْء وَإِن لم يكن مثلَه فِي جَمِيع حالاته وَمعنى قَوْله فتُقلَب الواوُ يَاء أَنه يجوز فِي يَوْجَل ويَوْحَل يَيْجَل ويَيْحَل وَقَوله وألفاً مرّة يَعْنِي قَوْلهم ياجَلُ وياحَلُ وَقَوله تعتلُّ لَهَا الياءُ يُرِيد أَنهم يَقُولُونَ يَيْجَل ويَيْحَل فيكسِرون الياءَ الأولى وحقُّها الفتحُ وَمِمَّا يقوِّي كسر المَوْجِل والمَوْحِل وَإِن كَانَ من وَجِلَ يَوْجَل أَنهم قَالُوا علاهُ المَكْبِر فِي الصَّحِيح وَهُوَ كَبِرَ يَكْبَر. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَحدثنَا يُونُس وَغَيره أَن نَاسا من الْعَرَب يَقُولُونَ فِي وَجِلَ يَوْجَل وَنَحْوه مَوْجَل ومَوْحَل وَكَأَنَّهُم الَّذِي يَقُولُونَ يَوْحَل فسلَّموه فَلَمَّا سَلِمَ من الإعلال وَكَانَ يَفْعَل كيَرْكَب وَنَحْوه شُبِّه بِهِ وَقَالُوا مَوَدَّة لِأَن الواوَ تَسْلَم وَلَا تُقلَب يَعْنِي فِي قَوْلهم ودَّ يوَدُّ وَلَا يُقَال يَيَد كَمَا يُقَال يَيْجَل فَصَارَ بِمَنْزِلَة الصَّحِيح إِذا قلت شَرِبَ يَشْرَب والمَشْرَب للمَصْدَر وَالْمَكَان. وَقد جَاءَ على مَفْعَلٍ من هَذَا الْبَاب أسماءٌ لَيست بمصادر وَلَا أَمْكِنة للْفِعْل فَمن ذَلِك مَوْحَدٌ: وَهُوَ اسْم معدول عَن واحدٍ فِي بَاب الْعدَد يُقَال مَوْحَد وأُحاد ومَثْنَى وثُناء ومَثْلَث وثُلاث ومَرْبَع ورُباع وَهَذَا سَيذكرُ فِي بَابه وَجَاء معدولاً كَمَا عُدِل عُمر عَن عامِر. ومَوْهَبٌ ومَوْءَلة: اسمان لرجلَيْن ومَوْرَقٌ اسْم وَقَالُوا فلانُ بنُ مَوْرَق والموَهَبة: الغدير من المَاء، ومَوْكَلٌ: اسْم موضعٍ أَو جبل. وَبَنَات الياءِ بِمَنْزِلَة غير المعتلِّ لِأَنَّهَا تَتِمُّ وَلَا تعتلُّ وَذَلِكَ أَن الياءَ مَعَ الْيَاء أخفُّ عَلَيْهِم أَلا تراهم قَالُوا مَيْسَرة وَقَالَ بَعضهم مَيْسُرة وَمعنى قَوْلنَا الياءُ مَعَ الْيَاء أخفُّ عَلَيْهِم أَنَّك تَقول يَسَرَ يَيْسِر ويَعَرَ يَيْعِر فتُثْبِت الْيَاء الَّتِي هِيَ فَاء الْفِعْل وَقبلهَا ياءُ الِاسْتِقْبَال وَتقول وَعَدَ يَعِدُ فتُسقِط الواوَ فَصَارَت الواوُ مَعَ الياءِ أَثْقَلَ من الياءِ مَعَ الْيَاء.

هَذَا بَاب مَا يكون مَفْعَلةٌ لَازِمَة لَهُ الهاءُ والفتحة

وَذَلِكَ إِذا أردْت أَن يكثُر الشيءُ بالمكانِ وَالْبَاب فِيهِ مَفْعَلة وَذَلِكَ قَوْلك مَسْبَعةٌ ومَأْسَدةٌ ومَذْأَبة: إِذا أردْت أَرضًا كثُر بهَا السِّباع والأُسْد والذئاب. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلَيْسَ فِي كل شيءٍ يُقَال هَذَا يَعْنِي لم تقُل العربُ فِي كل شيءٍ من هَذَا فَإِن قِسْت على مَا تكلَّمت بِهِ العربُ كَانَ هَذَا لَفْظَه. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلم يجيئوا بنظيرِ هَذَا فِيمَا جاوَز ثلاثةَ أحرف من نَحْو الضِّفْدَع والثَّعلب كراهيةَ أَن تَثْقُل عَلَيْهِم وَلِأَنَّهُم قد يستغنون بِأَن يَقُولُوا كثيرةُ الثعالبِ وَنَحْو ذَلِك وَإِنَّمَا اختصُّوا بهَا بناتِ الثلاثةِ لخفَّتِها وَلَو قلت من بناتِ الْأَرْبَعَة على قَوْلك مَأْسَدة لقُلت مُثَعْلَبَة لأنَّ مَا جاوزَ الثلاثةَ يكون نَظِير المَفْعَل مِنْهُ بِمَنْزِلَة المَفْعول يُرِيد أَن لفظ المَصْدَر والمكانِ والزمانِ الَّذِي فِي أوَّله الميمُ زائدةٌ فِيمَا جاوزَ ثلاثةَ أحرفٍ يجيءُ على لفظ الْمَفْعُول سواءاً وَفِي الثلاثةِ على غير لفظِ الْمَفْعُول أَلا ترى أَنَّك تَقول فِي الثَّلَاثَة للمَصْدَر المَضْرَب والمَقْتَل وللمفعول مَضْرُوب ومَقْتُول وَتقول فِيمَا جاوَزَ الثلاثةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>