وَيُقَال للْقَوْم المتفقين على الْأَمر: بَنو أُمّ، وللمختلفين: بَنو عَلَّة، قَالَ عديُّ بن زيد: إنَّ ابنَ أُمِّكَ لم تُنْتَظَرْ قَفِيَّتُه لمّا تَوارى ورمَى النّاسُ بالكَلِمِ يُخَاطب النّعمان بن الْمُنْذر، وَلم يكن أَخَاهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ مُوَافَقَته لَهُ ومَيله إِلَيْهِ، وقَفِيَّته: كرامته، وَالْمعْنَى أَنه لم تُؤخَّر قَفِيَّته ليُكرَم، وَإِنَّمَا أُخِّر ليُقتَل، تَوارى: حُبِس، ورامى النّاس بالكَلِم: ظنُّوا بِهِ، وَقَالَ القُطامي: كأنَّ النّاسَ كُلُّهُمُ لأمٍّ وَنحن لِعَلَّةٍ عَلَتِ ارتفاعا والعَلّة: الضّرة، وَالْجمع العَلَاّت، وَيُقَال لبني الضّرائر بَنو العَلاّت، ولبني الْأُم الْوَاحِدَة بَنو أم، وَيَقُولُونَ للحامل: هِيَ أُمّ ثالثٍ، وأُمّ رَابِع، وأُمّ خَامِس، قَالَ الفرزدق: جَهِيضُ فَلاةٍ أعجَلَتْه يَمامةٌ هَبوبُ الضّحى خَطَّارةٌ أُمّ رابِع أَي حَملته أَرْبَعَة أشهر، وَكَذَلِكَ يُقَال لَهَا إِذا ولدت، قَالَ: أَنْشدني أَحْمد بن يحيى ثَعْلَب: إِذا كانتِ السّتُّونَ أُمَّكَ لم يكنْ لدائكَ إلاّ أنْ تَموتَ طَبيبُ وإنَّ امْرأ قد سارَ سِتِّينَ حِجَّةً إِلَى مَنْهَلٍ من وِرْدِهِ لَقَريبُ قَالَ أَبُو حنيفَة: وَمَا من ريح من الرّياح أُمّهاتها وَلَا نُكْبها إلاّ وَقد رأيتُ بهَا الغُيوث الغِزار، وَإِن كَانَ مَا رأيتُ من أمطار الْجنُوب والصَّبا والنّكْباء التّي بَينهمَا أكثرَ يَعْنِي بأمهات الرّياح الصِّبَا والجنوبَ والشّمالَ والدّبُور وأُمّ وأُمَّهات وأُمَّاتٌ فِي النّاس، وأُمَّهاتٌ وأماتٌ أَيْضا فِي الْبَهَائِم، وَقد زعم بعض الرّواة أَنه لَا يُقَال فِي النّاس أمّات، وَلَيْسَ كَذَلِك، لِأَن الشّعر قد جَاءَ بِخِلَافِهِ، قَالَ الشّاعر: وأُمَّتُنا أكْرِمْ بهنَّ عَجائزاً وَرِثْنَ العُلا عَن كابرٍ بعدَ كابِرِ وَقَالَ ذُو الرّمة فأوقع الْأُمَّهَات على غير الْآدَمِيّين: وهامٍ تَزِلُّ الشّمسُ عَن أمَّهاته وأَلْحٍ تَراها فِي المَثاني تَقَعْقَعُ المَثاني: جمع مَثْناة: وَهِي الْحَبل، ولعامل البَثَنِيَّة مَكْسٌ يُؤْخَذ من كل من بَاعَ شَيْئا شيءٌ من ذَلِك الشّيء، ويُحمل إِلَيْهِ فِي طبق، فعرب الشّام يدعونَ ذَلِك الطّبق لُبَيْناً.
(بَاب الْأَبْنَاء)
وأبدأ بتعليل الابْن وأُري وَجه الِاخْتِلَاف فِيهِ ثمَّ أُرَجِّح بِمَا سقط إليّ من تَعْلِيل أبي عَليّ الْفَارِسِي، وأُتبع ذَلِك ذِكرَ بِنْتٍ، بل أُجَسِّمه بِهِ للاحتياج إِلَيْهِ، وَلَيْسَ للمُتَعَقِّب علينا فِي ذَلِك حُجّة لِأَنَّهُ إِنَّمَا حَمَلَنا على ذكره مَعَه مَا أحوَجَنا إِلَيْهِ من احْتج على أَن ابْنا فعلٌ بِدلَالَة قَوْلهم بِنْت، وَمن هُنَا احتجنا إِلَى تَعْلِيل أَخ وَأُخْت فِي تَعْلِيل هَذِه الْمَسْأَلَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى. بِسم الله الرّحمن الرّحيم، صلى الله على مُحَمَّد وعَلى آله وَسلم تَسْلِيمًا، غير وَاحِد: هُوَ الابْن، وَهُوَ أحد الْأَسْمَاء التّي فِيهَا ألف الْوَصْل من غير المصادر، وَقد قيل إِن الذَّاهِب مِنْهُ يَاء وَإِن الذَّاهِب مِنْهُ وَاو، وكل ذَلِك سأبين إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَجمع الابْن بَنون وَأَبْنَاء، وتصغيره: أبَيْنون، على غير قِيَاس، وَالْأُنْثَى ابْنَة، وبِنْت، والمصدر: البُنُوَّة. فَأَما وزن ابْن فقد ذكر أَبُو إِسْحَاق فِي كِتَابه الموسوم بمعاني الْقُرْآن عِنْد ذكره تَعْلِيل: (يُذَبِّحون أَبْناءَكُم)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute