الْجمع وَهَذَا الضَّرْب من التَّأْنِيث لَيْسَ بحقيقي أَلا ترى أَنَّك تَقول هِيَ الرجالُ كَمَا تَقول هِيَ النِّسَاء فَلَمَّا كَانَ تأنيثُ النِّسَاء تَأْنِيث جمع جرت عَلَيْهِ هَذِه الْأَسْمَاء كَمَا جرت إِلَى غير النِّسَاء مِمَّا تأنيثه تَأْنِيث جمع لِأَن تَأْنِيث الْجمع لَيْسَ بحقيقي وَإِنَّمَا هُوَ من أجل اللَّفْظ فَهُوَ مثل الدَّار وَالنَّار وَمَا أشبهَ ذَلِك وَقد جرت هَذِه الْأَسْمَاء على الْمُذكر الْحَقِيقِيّ قَالَ الشَّاعِر:
(أَحَمَّ اللهُ ذلكَ مِنْ لِقَاءٍ ... أُحَادَ أًحَادَ فِي شَهْرٍ حَلَالِ)
فَأُخَادَ أًحَادَ جَار على الفاعلين فِي الْمصر حَالا وَقَالَ الشَّاعِر أَيْضا:
(وَلَقَدْ قَتَلْتُكُمْ ثُنَاءَ وَمَوْحَداً ... )
وبيتُ الْكتاب جَرَى فِيهِ مَثْنَى ومَوْحَد على ذئاب وَهُوَ جمعٌ فَإِنَّمَا نَرى أَن النَّحْوِيين رَغِبُوا عَن هَذَا القَوْل الَّذِي ذهب إِلَيْهِ أَبُو إِسْحَاق لهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ مِمَّا يدْخل عَلَيْهِ فَأَما مَا ذكره من قَوْله قَالَ أَصْحَابنَا إِنَّه اجْتمع فِيهِ عِلَّتَانِ أَنه عدل عَن تَأْنِيث وَأَنه نكرَة والنكرة أصل الْأَشْيَاء فَهَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَن يخففه لِأَن النكرَة تخفف وَلَا تعدّ فرعا فَاعْلَم أَنه غلط بَيِّنٌ فِي الْحِكَايَة عَنْهُم وَلم يَقُلْ فِيمَا علمت أحدٌ مِنْهُم فِي ذَلِك مَا حَكَاهُ عَنْهُم وَإِنَّمَا يذهبون فِي امتناعهم من الِانْصِرَاف إِلَى أَنه معدول وَأَنه صفة قَالَ وَقَالَ أَبُو الْحسن وَغَيره من أَصْحَابنَا: النكرةُ وَإِن كَانَت الأصلَ فَإِذا عدل عَنْهَا الِاسْم كَانَ فِي حكم الْعدْل عَن الْمعرفَة فِي الْمَنْع من الصّرْف إِذا انْضَمَّ إِلَيْهِ غَيره لمساواته فِي الْمَعْنى الَّذِي ذَكرْنَاهُ المعرفةَ يدلك على ذَلِك امتناعُه من الصّرْف فِي النكرَة عِنْدهم وَلَيْسَ يَصح أَن يمْنَع من صرفه إِلَّا مَا ذَكرْنَاهُ عَنْهُم من الْعدْل وَالصّفة وَقَالَ الْفراء الْعَرَب لَا تجَاوز رُباعَ غير أَن الْكُمَيْت قد قَالَ:
(فَلَمْ يَسْتَرِيثُوكَ حَتَّى رَمَيْتَ ... فَوْقَ الرِّجَالِ خِصالاً عُشاراً)
فَجعل عُشَار على مَخْرَج ثُلاثَ وَهَذَا مِمَّا لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَقَالَ فِي مَثْلَثْ ومَثْنَى ومَرْبَعُ إِن أردْت بِهِ مذهبَ الْمصدر لَا مَذْهَب الصَّرْفِ جَرَى كَقَوْلِك ثَنْيْتُهُم مَثْنًى وثَلَثْتُهُمْ مَثْلَثاً ورَبَعْتُهُمْ مَرْبَعاً
١ - بَاب تَعْرِيف الْعدَد
قد اخْتلف النحويون فِي تَعْرِيف الْعدَد فَقَالَ البصريون: مَا كَانَ من ذَلِك مُضَافا أدخلنا الْألف وَاللَّام فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute