فَإِذا كَانَ كَذَلِك لم يكن قولُ من قَالَ إِن مَثْنَى ونَحْوَهُ أَنه لم ينْصَرف لِأَنَّهُ عَدِلَ فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى بِمُسْتَقِيم وَإِذا كَانَ الْعدْل مَا ذَكرْنَاهُ من أَنه لَفْظٌ يُرَاد بِهِ لَفْظٌ آخَرُ لم يمتنِع أَن يكونَ العدلُ وَاقعا على النكرَة كَمَا يَقع على الْمعرفَة وَلم يجز أَن يتَكَرَّر الْعدْل فِي اسْم وَاحِد وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَقَوْل أبي إِسْحَاق فِي مَثْنَى وثُلاثَ ورُبَاعَ لم ينْصَرف بجهتين لَا أعلم أحدا من النَّحْوِيين ذكرهمَا وهما أَنه اجْتمع فِيهِ عِلَّتَانِ معدول عَن اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ وَأَنه عدل عَن تَأْنِيث خطأ وَذَلِكَ أَنه لَا يَخْلُو أَن يكون لَهَا عدل عَن اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثًا ثَلَاثًا وَعدل عَن التَّأْنِيث تكَرر فِيهِ الْعدْل كَمَا تكَرر الْجمع فِي أكالب ومساجد أَو يكون لما عدل عَن التَّأْنِيث كَانَ ذَلِك ثقلاً آخر من حَيْثُ كَانَ المعدول عَنهُ مؤنثاً وَلم يكن الأول الْمُذكر فَلَا يجوز أَن يكون الْعدْل متكرراً فِي هَذَا كَمَا تكَرر الْجمع فِي أكالب ومساجدَ والتأنيثُ فِي بُشْرَى وَنَحْوه لما قدمْنَاهُ من أَن الْعدْل إِنَّمَا هُوَ أَن يُرِيد بِاللَّفْظِ لفظا آخر وَإِذا كَانَ كَذَلِك لم يجز ن يتَكَرَّر هَذَا الْمَعْنى لَا فِي المعدول عَنهُ وَلَا فِي المعدول أَلا ترى أَنه لَا يَسْتَقِيم أَن يكون معدولاً عَن اسْمَيْنِ كَمَا لَا يجوز أَن يكون المعدول اسْمَيْنِ وَلَا يُوهِمَنَّكَ قَول النَّحْوِيين أَنه عدل عَن اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ أَنهم يُرِيدُونَ بمثنى العَدْلَ عَنْهُمَا إِنَّمَا ذَلِك تَمْثِيل مِنْهُم للفظه المعدول عَنْهَا كَمَا يفسرون قَوْلهم هُوَ خير رجل فِي النَّاس وَهُوَ خير اثْنَيْنِ فِي النَّاس أَن الْمَعْنى هما خير اثْنَيْنِ إِذا كَانَ النَّاس اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَخير النَّاس إِذا كَانُوا رجلا رجلا وَكَذَلِكَ يُرِيدُونَ بقَوْلهمْ مثنى معدول عَن اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ يُرِيدُونَ بِهِ اثْنَيْنِ الَّذِي يُرَاد بِهِ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ لَا عَن اللفظتين جَمِيعًا فَأَما المعدول فَإِنَّهُ لَا يكون إِلَّا اسْما وَاحِدًا مُفردا كَمَا كَانَ المعدول عَنهُ كَذَلِك أَلا ترى أَن جميعَ المعجدولات أسماءٌ مفردةٌ كَمَا أَن المعدول عَنْهَا كَذَلِك وَالْمعْنَى فِي المعدول الَّذِي هُوَ مَثْنَى وثُلَاثَ هُوَ الْمَعْنى الَّذِي فِي اثْنَيْنِ وثَلَاثٍ فِي أَنَّك تُرِيدُ بعد الْعدْل اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ كَمَا أردْت قبله فَلَا يَسْتَقِيم إِذا أَن يكون تكَرر اثْنَيْنِ هُنَا كتكرر الْجمع فِي أكالب وَنَحْوه لظُهُور هَذَا الْمَعْنى فِي هَذَا الضَّرْب من الْجمع وَخُرُوجه بِهِ عَن أبنية الْآحَاد الأوّلِ إِلَى مَا لَا يُكَسَّرُ للْجمع وَلَا يجوز أَيْضا أَن يكون مَثْنَى لَمَّا عُدِلَ عَن التَّأْنِيث كَانَ ثِقَلاً آخر لما لم يكن المعدولُ عَنهُ هُوَ الأوّل الْمُذكر فَصَارَ ذَلِك ثقلاً انْضَمَّ إِلَى الْمَعْنى الأوّل فَلم ينْصَرف وعَلى هَذَا الْوَجْه قصد أَبُو إِسْحَاق فِيمَا علمناه من فَحْوَى كَلَامه لِأَن الْعدْل إِن سلمنَا فِي هَذَا الْموضع أَنه عَن تَأْنِيث لم يكن ثقلاً مَانِعا من الصّرْف أَنَّهَا معدولة وعدلها عَن تَأْنِيث وَلم يمْنَعهَا من الصّرْف أَنَّهَا معدولة وَأَنَّهَا عدلت عَن التَّأْنِيث إِنَّمَا امْتنعت من للعدل والتعريف أَلا ترى أَن سِيبَوَيْهٍ يصرف جُمَعَ إِذا سميَ بِهِ رجلٌ فِي النكرَة فَإِن كَانَ لَا يصرف أَحْمد إِذا سميَ بِهِ فَذَلِك جُمَعُ لم ينْصَرف فِي التَّأْكِيد للعدل والتعريف والمعدول غير مؤنث ويدلك على أَن الْعدْل عَن التَّأْنِيث لَا يعْتد بِهِ ثقلاً وَإِنَّمَا المُعْتَدُّ بِهِ نفسُ الْعدْل وَهُوَ أَن يُرِيد ببناءٍ أَو لفظٍ بِنَاء ولفظاً آخر أَن التَّعْرِيف ثَان كَمَا أَن التَّأْنِيث كَذَلِك وَلم يكن الْعدْل عَن التَّعْرِيف ثقلاً معتدًّا بِهِ فِي منع الصّرْف أَلا ترى أَن لَو كَانَ معتدًّا بِهِ لوَجَبَ أَن لَا ينْصَرف عمر فِي النكرَة لِأَنَّهُ لَو كَانَ يكون فِي حَال النكرَة معدولاً ومعدولاً عَن التَّعْرِيف وَفِي صرف عمر فِي النكرَة فِي قَول جَمِيع النَّاس دلَالَة على أَن الْعدْل عَن التَّعْرِيف غير مُعْتَد بِهِ ثقلاً وَإِذا لم يعْتد بِهِ ثقلاً لم يجز أَيْضا أَن يعتدّ بِالْعَدْلِ عَن التَّأْنِيث ثقلاً وَإِنَّمَا لم ينْصَرف عمر فِي التَّعْرِيف للعدل والتعريف كَمَا لم ينْصَرف جُمَعُ لَهما فَإِذا زَالَ التعريفُ انْصَرف عُمَر وَلم يعتدَّ بِالْعَدْلِ فِيهِ عَن التَّعْرِيف ثقلاً فَذَلِك يَنْبَغِي أَن يكون المعدول عَن التَّأْنِيث لِأَن هَذَا إِنَّمَا هُوَ تَأْنِيث جَمْع وَلَا يدل جَرْيهُ على الْمُؤَنَّث إِذا كَانَ جمعا على أَن واحدَه مؤنث أَلا ترى أَنه جَاءَ فِي التَّنْزِيل: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وثُلَاثَ ورُبَاعَ} [فاطر: ١] فَجرى فِي هَذَا الْموضع على جَمْع واحدُه مُذَكّر فَلَو جَازَ لقَائِل أَن يَقُول إنّ مثنى وبابه معدول عَن مؤنث لما جرى على النِّسَاء وإحداهن مُؤَنّثَة لآخر أَن يَقُول إِنَّه مُذَكّر لِأَنَّهُ جَرَى صفةٌ على الأجنحة وواحدُها مُذَكّر وَهَذَا هُوَ القَوْل وَالْوَجْه وَإِنَّمَا جرى على النِّسَاء من حَيْثُ كَانَ تأنيثُها تأنيثَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute