جَبَى يَجْبَى وقَلَى يَقْلَى فَلم يصحّا عِنْده كصحّة أَبى يأبَى، وَقد حكى أَبُو زيد فِي كتاب المصادر جَبَوْتُ الخَراج أَجْبا وأَجْبو، وَقَوله وَأما غيرُ هَذَا فجَاء على الْقيَاس مثل عَمَرَ يَعْمُرُ يُرِيد غير الَّذِي ذكر من أَبَى يأْبَى مِمَّا فَاء الْفِعْل مِنْهُ من حُرُوف الْحلق لم يجِئ إِلَّا على الْقيَاس كَقَوْلِك هَرَبَ يهْرُبُ وحَزَر يحْزُرُ وحمَلَ يحْمِل، وَقد دلَّ هَذَا أَيْضا أَن سِيبَوَيْهٍ ذهب فِي أَبَى يَأْبَى أَنهم فتحُوا من أجل تَشْبِيه الْهمزَة الأولى بِمَا الْهمزَة فِيهِ أخيرة، وَمثله عَضَضْتَ تَعَضُّ الَّذِي حَكَاهُ هُوَ شَاذ.
هَذَا بَاب مَا كَانَ من الْيَاء وَالْوَاو
قَالُوا شَأَى يَشْأَى وسَعى يَسْعى ومَحَى يَمْحَى وصَغَى يَصْغَى ونَحَى يَنْحَى فَعَلوا بِهِ مَا فعلوا بنظائره من غير المعتل، وَمعنى شَأَى سَبَق يُقَال شَآني: سَبَقَني، وشاءنِي وشآني: شاقَني، وَقَالُوا بَهُوَ يَبْهُو لِأَن نَظِير هَذَا أبدا من غير المعتل لَا يكون إِلَّا يَفْعُل، ونظائر الأول مختلفات فِي يَفْعل، وَقَالُوا يَمْحو ويَصْغو ويَزْهو همُ الآلُ ويَنْحو ويَدْعو، وَقد تقدم من كلامنا أنّ فَعُلَ يَفْعُل لايُغَيِّره حرف الْحلق لِأَن مَا كَانَ ماضيه فعُلَ فَيَفْعُل لَازم لمستقبله فَلذَلِك يلْزم فِي بَهُوَ وَنَحْوه أَن يُقَال فِي مستقبله يَبْهُو. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَأما الْحُرُوف الَّتِي يلْزم سُكُون عين الْفِعْل فِيهَا فَإِن حُرُوف الْحلق لَا تقلب يَفْعِل ويَفْعُل إِلَى يفْعَل وَذَلِكَ فِيمَا كَانَ معتلاّ من ذَوَات الْيَاء وَالْوَاو وَمَا كَانَ مدغماً، فذوات الْيَاء نَحْو جاءَ يجيءُ وباعَ يبيعُ وتاهَ يتيهُ، وَذَوَات الْوَاو ساءَ يَسوءُ وجاعَ يَجوعُ وناحَ يَنُوحُ، والمُدغَم نَحْو دَعَّ يَدُعُّ وسَحَّ يسُحُّ وشَحَّ يشُحُّ لِأَن هَذِه الْحُرُوف الَّتِي هِيَ عينات أَكثر مَا تكون سواكن وَلَا تحرَّك إلاّ فِي مَوضِع الْجَزْم من لُغَة أهل الْحجاز يَعْنِي فِيمَا كَانَ مدغَماً أَنَّهَا تكون سواكن كذوات الْوَاو وَالْيَاء وَإِن كَانَ أهلُ الحِجازِ يُحَرِّكونَها فِي الْجَزْم كَقَوْلِك لم يَشْحُحْ وَلم يَشْحِحْ فَهَذَا لَا يُعمَل عَلَيْهِ لِأَن الْحَرَكَة فِيهِ غير لَازِمَة وَكَذَلِكَ حركته فِي فَعَلْنَ ويَفْعُلْنَ كَقَوْلِك رَدَدْنَ ويَرْدُدْنَ على أَن هَذَا يسكنهُ بعض الْعَرَب فَيَقُولُونَ ردَّنَ فَلَمَّا كَانَ السّكُون فِيهِ أَكثر جُعِلَتْ بِمَنْزِلَة مَا لَا يكون فِيهِ إِلَّا سَاكِنا يَعْنِي ذَوَات الْوَاو وَالْيَاء. قَالَ: وَزعم يُونُس أَنهم يَقُولُونَ كَعَّ يَكَعُّ ويَكِعُّ أَجود لما كَانَت قد تحرَّكُ فِي بعض الْمَوَاضِع جُعِلَت بِمَنْزِلَة يَدَعُ وَنَحْوهَا فِي هَذِه اللُّغَة وخالفتْ بَاب جِئْت كَمَا خالفتْها فِي أَنَّهَا قد تُحَرَّك أَرَادَ أَن الَّذِي يَقُول يَكَعُّ وماضيه كَعَعْت جَاءَ بِهِ على مِثَال صَنَع يَصْنَع لِأَن بَاب كَعَّ لما كَانَ عين الْفِعْل قد يحَرَّك فِي يَكْعَعْنَ وكَعَعْن صَار بِمَنْزِلَة صَنَعْنَ ويصنَعْنَ، وَخَالف بَاب جِئْت من ذَوَات الْيَاء وَالْوَاو لِأَن الْيَاء وَالْوَاو لَا تتحرَّكان إِذا كَانَتَا عينين. وأذكر هُنَا من الِانْفِرَاد والاشتراك مَا لم يذكرهُ سِيبَوَيْهٍ على نَحْو مَا ذكرت فِي الصَّحِيح، قَالُوا فِي الِانْفِرَاد زَهاهُم السَّراب يَزهاهم لم يذكر أهل اللُّغَة غير هَذَا وَذكر سِيبَوَيْهٍ يَزْهوهُم وَلم يأْتِ بِالْألف وَقَالُوا بالاشتراك والمجيء على الأَصْل مرّة وعَلى مَا يُوجِبهُ حرف الْحلق أُخْرَى، نَحَوْتُ ظَهري إِلَيْهِ أَنْحاهُ وأَنْحوه: أَي صَرَفْتُه، وشَحَوْتُ فَمي أَشْحاه وأَشْحوه: أَي فتحتُه، وبَعَوْتُ أَبْعو وأَبْعَى بَعْواً: أَي أجرَمْتُ وجَنَيْتُ، وسَحَوت الطِّين عَن الأَرْض أسْحاهُ وأَسْحوه: أَي قَشَرْتُه، ومَحَوْت اللوحَ أَمْحاه وأَمْحوه وَلَعَلَّه قد جَاءَ غير هَذَا وَإِنَّمَا أُورِدُ مَا يُحِيط بِهِ عِلْمي.
هَذَا بَاب الْحُرُوف السِّتَّة إِذا كَانَ وَاحِد مِنْهَا عينا وَكَانَت الْفَاء قبلهَا مَفْتُوحَة وَكَانَ فَعِلاً
إِذا كَانَ ثَانِيه من الْحُرُوف السِّتَّة فَإِن فِيهِ أَربع لُغَات مُطَّرِدَة فَعِلٌ وفِعِلٌ وفَعْلٌ وفِعْل إِذا كَانَ فعلا أَو اسْما أَو صفة فَهُوَ سواءٌ، وَفِي فَعِيل لُغَتان فَعيل وفِعيل إِذا كَانَ الثَّانِي من الْحُرُوف السِّتَّة مُطَّردٌ ذَلِك فيهمَا لَا ينكسر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute