(لَحُبَّ المُؤْقِدانِ إلَيَّ مُؤْسَى ... )
على مَا ذَكرْنَاهُ وعَلى هَذَا يُرَى الهمزُ فِي يُؤْمِن بعْدَ اعتِقاد القَلْب البدَلِيِّ فَهَذَا شيءٌ عَرَض ثمَّ نعُود إِلَى غرضِنا المَغْزُوِّ فِي هَذَا الْبَاب وَيُقَال لَبْوة ولِبْوة وَلَا أَدْرِي أثَبْت هِيَ أمْ لَا فَمن قَالَ لَبؤُة قَالَ فِي الْجمع لَبُؤَات وَمن قَالَ لَبُوَة قَالَ فِي الْجمع لبُوَات وَمن قَالَ لَبْاة قَالَ فِي الْجمع لَبَآت وَقَالَ فِي التَّذْكِرَة: أُرَى لَبْأة مخفَّفة من لَبُؤَة على حَدِّ عَضُد وَحكى فِيهِ أَنه يُجْمَع اللَّبُؤة على اللَّبُؤ قَالَ: ونظيرُه مَا جماه سِيبَوَيْهٍ من قَوْلهم ثَمَرة وثَمَر وسَمُرة وسَمُر قَالَ: وَمِمَّا يدلُّ أنَّ لَبْأة أصلُها لَبُؤة قَوْلهم: " أخَذَ سَبْعةٍ " قَالَ فسَبْعة هُنَا مخفَّفة من سَبُعه واللَّبُؤة أنْزَق من الْأسد فَلهَذَا قَالُوا أخْذَ سَبْعة وَلم يَقُولُوا أَخذ سَبُع قَالَ: وَلم يستعملوه فِي هَذَا المَثَل إِلَّا مخفَّفاً والأمثال تُتْرك على أوائِل موضُوعاتها لَا تُغيَّرُ فَهَذَا قَوْله وَإِن كَانَ ابنُ السّكيت قد حكَى فِي قَوْلهم أخذَه أخْذَ سَبْعة وَجها آخَرَ مَعَ هَذَا لَا أدْرِي أبْعدَه أم قَبْله والحَمَامة تقع على المذكَّر والمؤنَّث أمَّا وُقُوعها على الْمُؤَنَّث فكثيرٌ مشهُور لَا يُحتاجُ إِلَّا الاستِشْهاد عَلَيْهِ لكَثْرته وشُهْرته وَإِذا كَانَ الشَّيْء فِيهِ عَلَم تأنيثٍ وَهُوَ يقَع على المذكَّر والمؤنَّث فَإِنَّمَا يُستَشْهد على وقُوعه للمذكَّر لَا للمؤنث قَالَ جرير فأوْقَع الحمامةَ على المذكَّر:
(إِذا حَنَّ مِنْ شَجْوٍ غَرِيبٌ ظَنَنْته ... حَمامةض وادس إثْرَ أُنثَى تَرنَّما)
وَقَالَ الْفراء: رُبَّما جعلت العرَبُ عِنْد موضِع الحاجةِ الأنْثَى مفرَدةً بِالْهَاءِ وَالذكر مفْرَداً بطرح الْهَاء فيكونُ الذَّكَر على لفظ الجمْعِ من ذَلِك قَوْلهم رأيْت نعاماص أقْرَعَ وَرَأَيْت حَمَاماً ذَكَراً وَرَأَيْت جَراداً على جَرَادةٍ وحَمَاماً على حَمَامة يُرِيدُونَ ذكرا على أُنثَى وَكَذَلِكَ قَوْله:
(كأنّ فَوْقَ مَتْنِه مَسْرَى دَبَى ... فَرْدٍ سَرَى فَوْقَ نَقاً غَبَّ صَبَا)
أَرَادَ الْوَاحِد من الدَّبَى قَالَ الْأَصْمَعِي: سَمِعت رجُلاً من بَنِي تَمِيم يَقُول بَيْض النَّعامة الذَّكَر يعنِي ماءَه وَقَالَ الْفراء: سمِعت الكسائِي يَقُول سَمِعت كلَّ هَذَا النَّوعِ من ال عرب بطرح الْهَاء إلَاّ من ذَكَره إِلَّا قَوْلهم رأيتُ حَبَّةً على حَيَّةٍ فَإِن الْهَاء لم تُطْرَح من ذَكَره وَذَلِكَ أَنه لم يُقَلْ حَيَّة وحَيٌّ كثيرٌ كَمَا قيل بَقَرة وبَقَر كثيرٌ فَصَارَت الحيّةُ اسْما موضُوعاً كَمَا قيل حِنْطة وحبَّة فَلم يُفْرَد لَهَا ذكَر وَإِن كَانَ جَمْعاً فأجْرَوْه على الْوَاحِد الَّذِي يجمَع التَّأْنِيث والتذكِيرَ أَلا تَرَى أنَّ ابنَ عِرْسٍ وسامًّ أبْرصَ وابنَ قِتْرةَ قد يُؤَدِّي عَن الذكَر وَالْأُنْثَى وَهُوَ ذكَر على حَاله قَالَ الأخطل فذكَّر الحيَّة:
(إنَّ الفَرَزْدقَ قد شالَتْ نَعامَتُه ... وعَضَّه حَيَّةٌ من قَوْمِه ذَكَرُ)
ويُقال للذَّكَر من الحَيَّات الحَيُّوت وَأنْشد:
(ويَأْكُل الحَيَّة والحَيُّوتَا)
وَلَيْسَ الحَيُّوت من لفظ حَيَّة وَقد أريتُك وجهَ تَعْلِيله فِي بَاب الحَيَّات وأنعمْت أيضاحَه هُنَاكَ فَإِنَّهُ قد يخفَى على النَّاظر فِي دَقِيق الصتريفِ الماهرِ بتنْقِيحه
وَمِمَّا يدخُله الهاءُ على جِهَة الاشتِقاق
قَوْلهم خُزَزٌ للذكَر من الأَرانِب وعِكْرِشَة للأُنثى وَهُوَ كَقَوْلِهِم وَعِلٌ وأُرْوِيَّة فَأَما الأرْنَب فَهُوَ واقِع على