وَأنْشد أَيْضا:
(مَضَى ثَلَاثُ سِنِين] مُنْذُ حُلَّ بهَا ... وَعامُ حُلَّتْ وَهَذَا التَّابِعُ الخامي)
يُرِيد الْخَامِس قَالَ أَبُو عَليّ: فِي الْعُقُود كلهَا هُوَ المُوَفِّي كَذَا وَهِي المُوَفِّيةُ كَذَا كَقَوْلِك المُوَفِّي عشْرين والمُوَفِّيَة عشْرين
١ - هَذَا بَاب الْمُؤَنَّث الَّذِي يَقع عل الْمُؤَنَّث والمذكر وَأَصله التَّأْنِيث
اعْلَم أَن الْمُذكر قد يعبر عَنهُ بِاللَّفْظِ الْمُؤَنَّث فَيجْرِي حكمُ اللَّفْظ على التَّأْنِيث وَإِن كَانَ الْمعبر عَنهُ مذكراً فِي الْحَقِيقَة وَيكون ذَلِك بعلامةِ التأنيثِ وَبِغير علامةٍ فَأَما مَا كَانَ بعلامة التَّأْنِيث فقولُك هَذَا شَاة وَإِن أردْت تَيْساً وَهَذِه بقرة وَإِن أردْت ثوراً وَهَذِه حمامة وَهَذِه بَطَّةٌ وَإِن أردْت الذَّكَر وَأما مَا كَانَ بِغَيْر عَلامَة فقولك عِنْدِي ثلاثٌ من الْغنم وثلاثٌ من الْإِبِل وَقد جعلت الْعَرَب الْإِبِل وَالْغنم مؤنثين وَجعلت الْوَاحِد مِنْهُمَا مؤنث اللَّفْظ كأّنَّ فِيهَا هَاء وَإِن كَانَ مذكراً فِي الْمَعْنى كَمَا جعلت الْعين وَالْأُذن وَالرجل مؤنثات بِغَيْر عَلامَة فَإِن قَالَ قَائِل فَلم لَا يُقَال هَذِه طلحةُ لرجل يُسمى طَلْحَة لتأنيث اللَّفْظ كَمَا قَالُوا هَذِه بقرة للثور فَالْجَوَاب أَن طَلْحَة لقب وَلَيْسَ باسم مَوْضُوع لَهُ فِي الأَصْل وأسماءُ الْأَجْنَاس مَوْضُوعَة لَهَا لَازِمَة [ ... ] فَرَقَتِ الْعَرَب بَينهمَا وَقد ذكر سِيبَوَيْهٍ فِي الْبَاب أَشْيَاء مَحْمُولَة على الأَصْل الَّذِي ذكرته وَأَشْيَاء قريبَة مِنْهَا وَأَنا أسوق ذَلِك وأفسر مَا أحتاج مِنْهُ إِلَى تَفْسِيره قَالَ سيبوه: فَإِذا جئتَ بالأسماء الَّتِي تُبَيِّنُ بهَا العِدَّةُ أجريتَ الْبَاب على التَّأْنِيث فِي التَّثْلِيث إِلَى تسعَ عشرةَ وَذَلِكَ قَوْلك لَهُ ثلاثُ شياةٍ ذكورٌ وَله ثلاثةٌ من الشاءِ فأجريتَ ذَلِك على الأَصْل لِأَن الشَّاء أَصْلهَا التَّأْنِيث وَإِن وَقعت على الْمُذكر كَمَا أَنَّك تَقول هَذِه غَنم ذُكُور فالغنم مُؤَنّثَة وَقد تقع على الْمُذكر قَالَ أَبُو سعيد: يَعْنِي أَنَّهَا تقع على مَا فِيهَا من الْمُذكر من التيوس والكباش وَيُقَال هَذِه غَنَم وَإِن كَانَت كلُّها كِباشاً أَو تُيوساً وَكَذَلِكَ عِنْدِي ثَلَاث من الْغنم وَإِن كَانَت كباشاً أَو تيوساً لِأَنَّهُ جعل الْوَاحِد مِنْهَا كَأَن فِيهِ عَلامَة التَّأْنِيث كَمَا جعلت الْعين والرِجل كَأَن فيهمَا عَلامَة التَّأْنِيث وَقَالَ الْخَلِيل: قولُك هَذَا شاةُ بِمَنْزِلَة قَوْلك هَذَا رَحْمَة من رَبِّي قَالَ أَبُو سعيد: يُرِيد أَن تذكير هَذَا مَعَ تَأْنِيث شَاة كتذكير هَذَا مَعَ تَأْنِيث رَحْمَة والتأويل فِي ذَلِك كَأَنَّك قلت هَذَا الشَّيْء شاةٌ وَهَذَا الشَّيْء رحمةٌ من رَبِّي قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَتقول لَهُ خمسٌ من الْإِبِل ذكورٌ وخمسٌ من الْغنم ذُكُور من قِبَلِ أَن الْإِبِل وَالْغنم اسمان مؤنثان كَمَا أَن مَا فِيهِ الْهَاء مؤنث الأَصْل وَإِن وَقع على الْمُذكر قَلما كَانَ الْإِبِل وَالْغنم كَذَلِك جَاءَ تثليثها على التَّأْنِيث لِأَنَّك إِنَّمَا أردْت التَّثْلِيث من اسْم مؤنث بِمَنْزِلَة قَدَم وَلم يكسر عَلَيْهِ مُذَكّر للْجمع فالتثليث مِنْهُ كتثليث مَا فِيهِ الْهَاء كَأَنَّك قلت هَذِه ثَلَاث غنم فَهَذَا يُوضح وَإِن كَانَ لَا يتَكَلَّم بِهِ كَمَا تَقول ثلاثُمائةٍ فتدع الْهَاء لِأَن الْمِائَة أُنْثَى قَالَ أَبُو سعيد: قَول سِيبَوَيْهٍ الْغنم وَالْإِبِل وَالشَّاء مؤنثات يُرِيد أَن كل وَاحِد مِنْهَا إِذا قرن بِمَنْزِلَة مؤنث فِيهِ عَلامَة التَّأْنِيث أَو مؤنث لَا عَلامَة فِيهِ كَقَوْلِك هَذِه ثلاثٌ من الْغنم وَلم تقل ثَلَاثَة وَإِن أردْت بهَا كباشاً أَو تيوساً وَكَذَلِكَ ثَلَاث من الْإِبِل وَإِن أردْت بهَا مذكراً أَو مؤنثاً وَقَوله بِمَنْزِلَة قَدَم لِأَن القَدَمَ أُنْثَى بِغَيْر عَلامَة وَكَذَلِكَ الثَّلَاث فقولك ثَلَاث من الْإِبِل وَالْغنم لَا يفرد لَهَا وَاحِد فِيهِ عَلامَة التَّأْنِيث وَقَوله: وَلم يكسر عَلَيْهِ مُذَكّر للْجمع يَعْنِي لم يقل ثَلَاثَة ذُكُور فَيكون ذُكُور جمعا مكسراً لذكر فَتذكر ثَلَاثَة من أجل ذَلِك وَقَوله كَأَنَّك قلت هَذِه ثَلَاث غنم يُرِيد كأنَّ غنما تكسير للْوَاحِد الْمُؤَنَّث
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute