للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله عز وَجل النَّفْسِيَّةُ نَحْو يَعْلَم ويَقْدِر ويَسْمَع وَيَرَى فَهَذَا بابٌ وَالثَّانِي وَهُوَ الأكثرُ الأغْلب مَا يدلُّ على عملٍ حادثٍ فِي الْحَقِيقَة إِمَّا من الْقلب أَو من غَيره نَحْو فَهِمَ وفَطِنَ وسُرَّ واغْتَمَّ واشْتَهى ... . كلُّها أفعالٌ حادثةٌ فِي الْحَقِيقَة وَإِنَّمَا يتصرَّف الأول تصرُّف هَذِه الْحَقِيقَة وَلَيْسَت ترجع إِلَى معنى حادثٍ فِي الْحَقِيقَة وَأما أفعالُ الجَوارحِ نَحْو جَلَسَ وذَهَبَ وضَرَبَ وكَسَرَ فَتَجْري فِي المتعدِّي وغيرِ المتعدِّي فَلَيْسَ وَإِن رَجَعَتْ إِلَى النَّفْس تخْرُج من معنى الْعَمَل الْحَادِث وَإِنَّمَا صِفاتُ الله عز وجلَّ الَّتِي تتَصَرَّف هَذَا التصرُّف إِذا رَجَعَتْ إِلَى النَّفْس خرجتْ من معنى الْعَمَل الحادثِ فالصِّفاتُ الراجِعة إِلَى النَّفس على وَجْهَين على مَا بَيَّنَّا.

٣ - (فصل فِي الْأَمْثِلَة الَّتِي لَا تَتَعَدَّى)

فَعَلَ يَفْعِل فَعْلاً عَجَزَ يَعْجِز عَجْزَاً فَعَلَ يَفْعِل فَعِلاً حَلَفَ يَحْلِف حَلِفَاً وضَرَطَ يَضْرِط ضَرِطَاً وحَبَقَ يَحْبِق حَبِقَاً فَعَلَ يَفْعِل فُعولاً جَلَسَ يَجْلِس جُلوساً فَعَلَ يَفْعُل فُعولاً قَعَدَ يَقْعُد قُعوداً وسَجَدَ يَسْجُد سُجوداً ودَخَلَ يَدْخُل دُخولاً وخَرَجَ يَخْرُجُ خُروجاً فَعَلَ يَفْعُل فَعالاً ثَبَتَ يَثْبُت ثَباتاً فَعَلَ يَفْعُل فَعْلاً سَكَتَ يَسْكُت سَكْتَاً فَعَلَ يَفْعُل فُعْلاً مَكَثَ يَمْكُث مُكْثاً فَعَلَ يَفْعُل فِعْلاً فَسَقَ يَفْسُق فِسْقاً فَعَلَ يَفْعُل فِعالَةً عَمَرَ المَنْزِلُ يَعْمُر عِمارَةً فَعِلَ يَفْعَل فَعْلاً حَرِدَ يَحْرَد حَرْداً فَعِلَ يَفْعَل فَعِلاً ضَحِكَ يَضْحَك ضَحِكَاً فَعَلَ يَفْعَل فُعالاً مَزَحَ يَمْزَح مُزاحاً فَهَذِهِ قوانينُ من المصادرِ وَالْأَفْعَال مَجْمُوعَة قدَّمتها توطِئَة وتسهيلاً وَأَنا الآنَ آخذُ فِي ذِكر الْجُمْهُور وتحليلِ مَا عَقَدَ مِنْهُ سِيبَوَيْهٍ والتنبيه على مَا شُبِّه من المتعدِّي بِغَيْر المتعدِّي وَمن غير المتعدِّي بالمتعدِّي وأبْدأ بتحليل كَلَام سِيبَوَيْهٍ عَقْدَاً عَقْدَاً لتَقِفَ على صِحَّة من القوانينِ ثمَّ أُتْبِع ذَلِك جميعَ مَا وَضعه أصحابُ المصادر كالأصمعي وَأبي زيد والفرَّاء. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: هَذَا بابُ بناءِ الْأَفْعَال الَّتِي هِيَ أعمالٌ تَعدَّاك إِلَى غيرِك وتوقِعُها بِهِ ومصادرها فالأفعال تكونُ من هَذَا على ثَلَاثَة أبْنِيَةٍ على فَعَلَ يَفْعِل وفَعَلَ يَفْعُل وفَعَلَ يَفْعَل وَيكون الْمصدر فَعْلاً وَالِاسْم فَاعِلا فَأَما فَعَلَ يَفْعِل وفَعَلَ يَفْعُل وفَعَلَ يَفْعَل وَيكون الْمصدر فَعْلاً وَالِاسْم فَاعِلا فَأَما فَعَلَ يَفْعُل ومصدرُه فَعْل قَتَلَ يَقْتُل قَتْلاًَ وَالِاسْم قاتِلٌ وخَلَقَه يَخْلُقه خَلْقَاً وَالِاسْم خالِقٌ ودَقَّه يدُقُّه دَقَّاً وَالِاسْم داقٌّ وَأما فَعَلَ يَفْعُل فنحو ضَرَبَ يَضْرِب وَهُوَ ضاربٌ وحَبَسَ يَحْبِس وَهُوَ حابِسٌ وَأما فَعِلَ يَفْعِل ومصدره والاسمُ فنحو لَحَسَه يَلْحَسه لَحْسَاً وَهُوَ لاحِسٌ ولَقِمَه يَلْقَمه لَقْمَاً وَهُوَ لاقِمٌ وشَرِبَه يَشْرَبه شَرْبَاً وَهُوَ شارِبٌ ومَلَجَه يَمْلَجُه مَلْجَاً وَهُوَ مالِجٌ وَمَعْنَاهُ مَصَّه ورَضِعه وَمِنْه مَا يُروى عَن النَّبِي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم أَنه قَالَ: (لَا تُحَرِّم الإمْلاجةُ وَلَا الإمْلاجتانِ) . يريدُ الرَّضْعة والرَّضْعَتَيْن. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقد جَاءَ بعضُ مَا ذكرنَا من هَذِه الْأَبْنِيَة على فُعول، قَالَ أَبُو عَليّ: يَعْنِي مِمَّا يتعدَّى لِأَن بناءَ الفِعل واحدٌ وَقد جَاءَ مصدَرُ فَعَلَ يَفْعُل وفَعَلَ يَفْعِل على فَعَلٍ وَذَلِكَ حَلَبَها يَحْلُبها حَلَبَاً وطَرَدَها يَطْرُدها طَرَدَاً وَسَرَق يَسْرِق سَرَقَاً وَقد جَاءَ المصدرُ على فَعِلٍ قَالُوا خَنَقَه يَخْنُقه خَنِقَاً وكَذَبَ يَكْذِب كَذِبَاً وَقَالُوا كِذَاباً وحَرَمَه يَحْرِمه حَرِمَاً وسَرَقَه يَسْرِقه سَرِقَاً وَقَالُوا عَمَلَه يَعْمَله عَمَلاً فجَاء على فَعَلٍ كَمَا جَاءَ السَّرَق والطَّلَب وَمَعَ ذَا أنَّ بناءَ فِعْله كبناءِ فِعْل الفَزَع فشُبِّه بِهِ، قَالَ أَبُو عَليّ وَأَبُو سعيد: يذكُر سِيبَوَيْهٍ هَذِه المصادرَ فِي الْأَفْعَال المتعدِّية وَالْأَصْل فِيهَا عِنْده أَن يكونَ المصدرُ على فَعْل بل الأَصْل فِي الْأَفْعَال الثُّلاثية كلِّها أَن تكون مصدرُها على فَعْل لِأَنَّهُ أخفُّ الأبْنية ولأنا نقُول فِيهَا كلّها إِذا أردنَا المرَّة الواحدةَ قُلْنَا فَعْلَة كَقَوْلِنَا جَلَسَ جَلْسَةً وقامَ قَوْمَةً وفَعْل هُوَ جمْع فَعْلَة كَمَا يُقَال تَمْرَة وتَمْر فَيكون الضَّرْب من الضَّربَة كالتَّمر من التَّمْرة وَمَا خرج من هَذَا فَهُوَ الَّذِي يذكرهُ فقد ذكر فَعَلَ وفَعِلَ ثمَّ قَالَ فِي عَمِلَ عَمَلاً إِنَّهُم شبَّهوه بالفزَع الَّذِي هُوَ مصدَرُ فَزِعَ وفَزِعَ لَا يتعدَّى وَالْبَاب فِي فَعِلَ الَّذِي لَا يتعدَّى إِذا كَانَ فاعلُه يَأْتِي على فَعِلٍ أَن يكون مصدَره على فَعَلَ كَقَوْلِنَا فَرِقَ فَرَقَاً فَهُوَ فَرِقٌ وحَذِرَ يَحْذَر حَذَرَاً فَهُوَ حَذِر. قَالَ أَبُو عَليّ: فشُبِّه العمَل وَهُوَ مصدر فِعْل يتعدَّى بالفزَع وَهُوَ مصدر فِعْل لَا يتعدَّى لاستِواء لفظِ فَزِعَ وعَمِلَ وَإِن اخْتلفَا فِي التعدِّي مثل الطَّلَب والسَّرَق على العَمَل، وَقد جَاءَ المصدرُ على فُعْل وَذَلِكَ نَحْو الشُّرْب والشُّغْل وعَلى فِعْل كَقَوْلِنَا قَالَ قِيلاً وَقَالُوا سَخِطَ سَخَطَاً شبَّهه بِالْغَضَبِ حينَ اتفقَ البناءُ يَعْنِي أَن سَخَطَاً مصدرُ فِعْل يتعدَّى وَقد شبَّهه بِالْغَضَبِ مصدرِ فِعْل لَا يتعدَّى لاتِّفَاقهمَا فِي وزن الفِعْل وَفِي الْمَعْنى، قَالَ: ويدُلُّك ساخِطٌ وسَخِطْته أَنه مُدْخَل فِي بابِ الْأَعْمَال الَّتِي تُرى وتُصْنَع وَفِي بعض النّسخ تُرى وتُسْمَع وَهِي موقَعَة بغَيْرهَا. قَالَ أَبُو عَليّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>