للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دَاخِلا وَرُبمَا استُغني عَن انْفَعَل فِي هَذَا البابِ فَلم يسْتَعْمل وَذَلِكَ قولُهم طَرَدْته فذَهَب وَلَا يَقُولُونَ انْطَرد وَلَا فاطَّرَد كَمَا استغنوا بتَرَك عَن وَدَعَ ونظيرُ هَذَا من المُطاوَعة فَعَّلْته فتَفَعَّل كَقَوْلِك كَسَّرته فتَكَسَّر وعَشَّيْته فتَعَشَّى وغَدَّيته فتَغَدَّى وَفِي فاعَلْته تفاعَل كَقَوْلِك ناوَلْته فتَناوَل وفُتحت التاءُ لِأَن مَعْنَاهُ معنى الافْتِعال والانْفِعال يَعْنِي تاءَ تَفاعل فُتحت لِأَنَّهَا أوَّلُ فعلٍ ماضٍ سمِّي فاعلُه وَإِن كَانَت زَائِدَة للمطاوَعة كالانْفِعال والافْتِعال وَلَيْسَت بألفِ وصْل دخولُها لسكون مَا بعدَها وَنَظِير ذَلِك فِي بَناتِ الْأَرْبَعَة على مِثالِ تَفَعْلَلَ نَحْو دَحْرَجْته فَتَدَحْرَج وقَلْقَلْته فَتَقَلْقَل ومَعْدَدتُه فَتَمَعْدَد وصَعْرَرته فَتَصَعرر وَمعنى مَعْدَدته أَي حَمَلْته على الخشونة والصَّلابة، قَالَ الشَّاعِر: رَبَّيْته حتَّى إِذا تَمَعْددا وآض نَهْدَاً كالحِصانِ أَجْرَدا كانَ جزائي بالعَصا أَن أُجْلَدا وصَعْرَرْته: دَوَّرته. قَالَ: وَأما تَقَيَّس وتَنَزَّر وتتَمَّم فَإِنَّمَا يجْرِي على نَحْو كَسَّرته كَأَنَّهُ قَالَ تُمِّم فتَتَمَّمَ وقُيِّسَ فتَقَيَّس ونَزَّرهم فتَنَزَّروا وَمعنى قُيِّس: أَي نُسِب إِلَى قَيْس بنِ عَيْلَان بنِ مُضَر وتُمِّم: نُسب إِلَى تَميم بنِ مُرٍّ، ونُزِّر: نُسب إِلَى نِزار، وتَقَيَّس: انتسَب إِلَى قَيْس، وتَتَمَّم: انتسب إِلَى تَمِيم، وتنَزَّر: انتسب إِلَى نزار، وَقَالَ ذُو الرمة: إِذا مَا تَمَضَّرْنا فَمَا الناسُ غَيْرُنا ونُضْعِف إضعافاً وَلَا نتَمَضَّر أَي انتسَبنا إِلَى مُضَر، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَكَذَلِكَ كلُّ شيءٍ كَانَ على زِنة فَعْلَلةٍ عددُ حُروفه أربعةٌ مَا خَلا أَفْعَلت فَإِنَّهُ لم يُلحَق ببناتِ الأربعةِ يُرِيد أَن كلَّ شيءٍ من الْفِعْل كَانَ ماضيه على أَرْبَعَة أحرفٍ يجوز أَن يُزاد فِي أوَّله التاءُ مَا خلا أَفْعَلت فَإِنَّهُ لَا يُزاد فِيهِ التَّاء وَالَّذِي تُزاد فِيهِ التَّاء ثَلَاثَة أَبْنِية فَعْلَلْت وَمَا أُلحِق بِهِ نَحْو دَحْرَجْت وسَرْهَفْت وعَذْلَجْت تَقول فِيهِ تَسَرْهف وتَعَذْلج وفاعَلْت كَقَوْلِك عالَجْته فتعالَج وفَعَّلت كَقَوْلِك كَسَّرته فتَكَسَّر وَلَا تقع زيادةُ التَّاء فِي بَاب أَفْعَلت لَا تَقول أَكْرَمْته فتَأَكْرَم، وَلَا يجوز ذَلِك.

هَذَا بابُ مَا جَاءَ فُعِل مِنْهُ على غير فَعَلْت

وَذَلِكَ نَحْو جُنَّ وسُلَّ وزُكِمَ ووُرِدَ، وَمعنى وُردَ حُمَّ، وَكَذَلِكَ رُعِدَ ومَرْعود ومَورود ومحموم بِمَعْنى وَاحِد، وَقَالُوا على هَذَا مَجْنُون ومَسلول ومَحْموم ومورود، وَإِنَّمَا جَاءَت هَذِه الْحُرُوف على جَنَنْت وسَلَلْت وَإِن لم يسْتَعْمل فِي الْكَلَام كَمَا أَن رجلٌ أقطعُ جَاءَ على قَطِعَ كَمَا يُقَال أعوَرُ من عَوِرَ وَلَا يسْتَعْمل قَطِع استُغني عَنهُ بقُطِعَ، وَقَالَ بَعضهم رجلٌ محبوبٌ وَكَانَ حَقه أَن يُقَال فِي فِعْله حَبَبْته فَهُوَ مَحْبُوب، كَمَا يُقَال ودِدْته فَهُوَ مَودود والمستعمل أحببته وَقد قَالَ بَعضهم حَبَبْته قَالَ الشَّاعِر: فوَاللَّه لَوْلَا تَمْرُه مَا حَبَبْته وَلَا كَانَ أدنى من عُبَيْدٍ ومُشْرِقِ ويُروى: وَكَانَ عِياضٌ مِنْهُ أدنى ومُشْرِق. وَقد ذكر أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يزِيد الْمبرد فِي الْكَامِل أَن أَبَا رَجَاء العُطاردي قَرَأَ: (قُلْ إِن كنتُم تُحِبّونَ اللهَ فاتَّبعوني يُحِبُّكُم الله) وَذكر أَن فِيهِ شَيْئَيْنِ من الْمُخَالفَة أَحدهمَا أَنه فتح الْيَاء من يُحِبُّكم وَالْآخر أَنه أدغَم، وَذكر غير سِيبَوَيْهٍ أَن هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِي لَيست من أَفعَال الْآدَمِيّين وَقد جَاءَت على مفعول وفِعْله مِمَّا لم يُسَمَّ فَاعله إِذا نُسِب الْفِعْل إِلَى الله عزّ وجلّ كَانَ على أفْعَلَ نَحْو أجنَّه الله وأسَلَّه وأزكمَه وأورَدَه: أَي فَعَل الله بِهِ ذَلِك، وَمِمَّا أورَدَه غير سِيبَوَيْهٍ من هَذَا النَّحْو مَحْزون ومَزْكوم ومَكْزوز ومَقْرور. قَالَ أَبُو عبيد: وَإِنَّمَا ذَلِك لأَنهم يَقُولُونَ فِي هَذَا كُله قد فُعل ثمَّ بُنِي مفعول على هَذَا، قَالَ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>