للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الرَّحْمَن: ٢٦] يَعْنِي الأَرْض وَزعم الْفَارِسِي أَن قَوْله تَعَالَى: {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً} [العاديات: ٥] من هَذَا الْبَاب أَبُو حَاتِم: وَقَول النَّاس لَا يُفلح فلَان بعْدهَا يُرِيدُونَ بعد فَعْلته الَّتِي فَعَلَ أَو بعد هَذِه المرَّة وَكَذَلِكَ قَوْلهم لَا تَذْهَب بهَا أَي بفَعْلَتِكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَمثل ذَلِك قَوْلهم وَالله لَتُتْخَمِنَّها يَعْنِي هَذِه الأُكْلَة والفَعْلة وَأما قولُهم أصبحتْ حارَّةٌ وأصبحت باردةٌ وأمْسَتْ مُقْشَعِرَّة فَإِنَّهُم يُرِيدُونَ الرّيح أَو الدُّنْيَا أَو الأَرْض أَو الْبَلدة أَو الْبقْعَة وَنَحْو ذَلِك وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {مَا تَرَكَ علَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [النَّحْل: ٦١] يُرِيد ظهر الأَرْض وَكَذَلِكَ مَا بهَا مثلُك أَي بالبلدة ومَلأْتها عَدْلاً أَي هَذِه الْبَلدة أَو هَذِه الأَرْض أَو هَذِه الْبقْعَة وَمثل ذَلِك مَا يَمْشِي فوقَها مِثْلُكَ

١ - هَذَا بَاب تَسْمِيَة الْمُذكر بالمؤنث

اعْلَم أَن كل مُذَكّر سميته بمؤنث على أَرْبَعَة أحرف فَصَاعِدا لم ينْصَرف وَذَلِكَ أَن أصلَ الْمُذكر عِنْدهم أَن يُسمى بالمذكر لِأَنَّهُ شَكْلُه وَالَّذِي يلائمه فَلَمَّا عدلوا عَنهُ مَا هُوَ لَهُ فِي الأَصْل وجاؤوا بِمَا لَا يلائمه وَلم يَك مُتَمَكنًا فِي تَسْمِيَة الْمُذكر فعلوا ذَلِك بِهِ كَمَا فعلوا ذَلِك بتسميتهم إِيَّاه بالمذكر فتركوا صرفه كَمَا تكروا صَرْفَ الأعجمي فَمن ذَلِك عَنَاق وعَقْرَب وعُقَاب وعَنْكَبوت وأشباهُ ذَلِك وَهَذَا الْبَاب مُشْتَمل على أَن مَا سمي بمؤنث على أَرْبَعَة أحرف فَصَاعِدا لم ينْصَرف فِي الْمعرفَة وَانْصَرف فِي النكرَة وشرطُ ذَلِك الْمُؤَنَّث أَن يكون اسْما مَوْضُوعا للْجِنْس أَو مصروفاً لتعريف الْمُؤَنَّث وَلم يكن مَنْقُولًا إِلَى الْمُؤَنَّث عَن غَيرهَا فَإِذا كَانَ من الْمُؤَنَّث اسْما لجنس نَحْو عنَاق وعقرب وعُقاب وعنكبوت إِذا سميت بِشَيْء مِنْهُنَّ أَو مَا يشبههن رجلا أَو سواهُ من الْمُذكر لم ينْصَرف فِي الْمعرفَة وَانْصَرف فِي النكرَة وَأما مَا صِيغ لتعريف الْمُؤَنَّث وَلم يكن قبل ذَلِك اسْما فنحو سُعَاد وَزَيْنَب وجَيْأل وتقديرها جيعل إِذا سميت بِشَيْء من هَذَا رجلا لم ينْصَرف فِي الْمعرفَة لِأَن سعاد وَزَيْنَب اسمان للنِّسَاء وَلم يوضعا على شَيْء يعرف مَعْنَاهُ فصارا لاخْتِصَاص النِّسَاء بهما بِمَنْزِلَة اسْم الْجِنْس الْمَوْضُوع على الْمُؤَنَّث وجَيْأَل اسْم معرفَة مَوْضُوع على الضَّبُع وَهِي مؤنث وَلم يوضع على غَيرهَا فَهِيَ كزينبَ وسعادَ فَإِذا كَانَت صفة للمؤنث على أَرْبَعَة أحرف فَصَاعِدا وَلم يكن فِيهِ علامةُ التَّأْنِيث فسميت بِهِ مذكراً لم يُعْتَدَّ بالتأنيث فَانْصَرف وَجعله سِيبَوَيْهٍ مذكراً وصف بِهِ مؤنث وَإِن كَانَت تِلْكَ الصّفة لَا تكون إِلَّا لمؤنث وَذَلِكَ أَن تَسْمِيَة بحائض أَو طامث أَو مُتْئِم وَذكر أَن تَقْدِيره إِذا قلت مَرَرْت بِامْرَأَة حَائِض وطامث ومُتئم بِشَيْء حَائِض وَكَذَلِكَ مَا وُصف من الْمُذكر بمؤنث كَقَوْلِهِم رجل نُكَحة وَرجل رَبْعَةٌ وجَمَلٌ خُجَأَة أَي كثير الضِّراب وَكَأن هَذِه الصّفة وصفٌ لمؤنث كَأَنَّك قلت هَذِه نفس خُجْأة وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:

(لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَاّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ) وَذَلِكَ وَاقع على الذّكر وَالْأُنْثَى وَقد قدَّمْتُ مذهبَ الْكُوفِيّين فِي هَذَا الْفَصْل عِنْد ذكري لنعوت الْمُؤَنَّث الَّتِي تكون على مِثَال فَاعل وَمن الدَّلِيل على مَا قَالَه سِيبَوَيْهٍ أَنا لَا ندخل على حَائِض الْهَاء إِذا أردنَا بهَا الِاسْتِقْبَال فَتَقول هَذِه حائضة غَدا فَلَمَّا احْتمل حَائِض دُخُول الْهَاء عَلَيْهَا علمنَا أَنَّهَا مُذَكّر وعَلى أَنَّهَا قد تؤنث لغير الِاسْتِقْبَال قَالَ الشَّاعِر:

(رأيتُ خُتُونَ العامِ والعامِ قَبْلَهُ ... كحائِضَةٍ يُزْنَى بِها غَيْر طاهِرِ)

وَكَذَلِكَ يُقَال امْرَأَة طالِقٌ وطالقةٌ فَلَمَّا كَانَت الْهَاء تَدْخُلُ على هَذَا النَّحْو علمنَا أَنَّهَا إِذا أُسْقِطَ الهاءُ مِنْهَا صَار مذكراُ وَذكر سِيبَوَيْهٍ أَنه سَأَلَ الخليلَ عَن ذِراع فَقَالَ كَثُر تسميتهم بِهِ الْمُذكر وتَمَكَّن فِي الْمُذكر وَصَارَ من أَسْمَائِهِ خاصَّة عِنْدهم وَمَعَ هَذَا إِنَّهُم يصفونَ بِهِ الْمُذكر فَيَقُولُونَ هَذَا ثَوْبٌ ذِراعٌ فقد تمكن هَذَا الِاسْم فِي الْمُذكر هَذَا قَول الْخَلِيل وَكَانَ القياسُ أَن لَا يصرف لِأَن ذِرَاعا اسْم مؤنث على أَرْبَعَة أحرف فقياسُه أَن لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>