العرَب تَزيدُ التاءَ مَعَ الْحِين والآن والأَوَان وَمن ذَلِك قَول أبي وَجْزةَ السَّعْدِيِّ:
(العاطِفُونُ تَحِينَ مَا مِنْ عاطِفٍ ... والمُطْعِمُونَ زَمانَ أيْنَ المُطْعِمُ)
وَأنْشد الْأَحْمَر:
(نَوِّلِيني قُبَيْلَ بَيْنِي جُمَانا ... وصِلِينِي كَمَا زَعمْتِ تَلَانا)
وَقَالَ أَبُو زُبَيْد الطائِيُّ:
(طَلَبُوا صُلْحَنَا وَلَا تَأَوَانٍ ... فَاجَبْنَا أنْ ليْسَ حِينَ بَقَاء)
وهاهُنا ردٌّ على أبي عبيد يطُولُ الكتابُ بِهِ فَلذَلِك آثرت تركَهُ قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الوَقْف على لاتَ بِالتَّاءِ والكسَائِيُّ يقف بِالْهَاءِ يَجْعَلهَا هَاء تَأنيث وحقيقةُ الوقفِ بالتاءِ وَهَذِه التَّاء نظِيرةُ التَّاء فِي الفِعْل نَحْو ذهبَتْ وجلسَتْ وَرَأَيْت زيدا ثُمَّتَ عَمْراً فَهَؤُلَاءِ الأحرُف بِمَنْزِلَة تَاء الأفْعال لِأَن التَّاء فِي الموضعَيْن دخَلَتْ على مَا لَا يُعْرَف وَلَا هُوَ من طَرِيق الأسماءِ فَإِن قَالَ قائلٌ نجَعلُها بمنْزِل كَانَ من الْأَمر ذَيْتَ وذَيْتَ قيل فَهَذِهِ هاءٌ فِي الوَقْف قَالَ الفارسيُّ: لَيْسَ للعِرْفان والجهالةِ فِي قَلب هَذِه التاءِ هَاء فِي الوَقْف وَلَا لَترْكها تاءٌ مَذهَبٌ وَلَكِن يَدلْ على أَن الوَقْف على هَذَا يَنْبَغِي أَن يكون بِالتَّاءِ أنَّه لَا خِلافَ فِي أَن الوقْفَ على الفِعْل بالتاءَ فَإِذا كَانَ الوقْف فِي الَّتِي فِي الفِعْل بالتاءِ ووَقعتِ المُنازَعَةُ فِي الحَرْف وجبَ أَن يُنْظر فيُلحقَ بالقبِيل الَّذِي هُوَ أشْبَهُ بِهِ فالحَرْف بالفِعْل أشبَهُ مِنْهُ بالاِسم من حيْثُ كَانَ الفِعْل ثانِياً وَالِاسْم أوَّلاً فالحَرْف بِهَذَا الثَّانِي أشبَهُ مِنْهُ بالأصْل وَأَيْضًا فالإبْدال فِي هَذَا الحَرْف ضَرْب من الاتِّساع والتَصَرُّفِ فِي الكَلِمة فَإِذا كَانَ ذَلِك قد مُنعه الَّذِي هُوَ أكثَرُ تَصرُّفاً من الحرْف وأشبَهُ بالأوَّلِ مِنْهُ فَأن يُمْنَعَهُ الحرْفُ الَّذِي لَا تَصَرُّف لَهُ وَالَّذِي يَقِلُّ اعتِقابُ التغييرِ عَلَيْهِ أجْدَرُ وأشبَهُ أَيْضا فَإِذا كانتْ هَذِه التاءُ فِي بعضِ اللُّغات تُتْرَك تَاء فِي الأسماءِ كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ عَن أبي الخَطَّاب وكما أنْشدهُ أَبُو الْحسن من قَوْله:
(بَلْ جَوْزِ تَيْهاءَ كظَهْر الحَجَفَتْ ... )
فإنْ تُتْرك تَاء فِي الحْرف وَلَا تُقْلَبَ أجْدَرُ فَبِهَذَا يُرَجَّح هَذَا القَوْلَ على قَول الكِسائِيّ فِي القِياس وعَملُها عِنْد سِيبَوَيْهٍ الرفْعُ والنَّصبُ فمرفُوعُها مضمّرٌ ومنْصُوبها مَظْهَر وَذَلِكَ عِنْده فِي الحِينِ خاصةٌ وعمَلُها عِنْد الكُوفِيِّينَ مُطًّرِد فِي كل شيءٍ وَهِي مُساوِيةٌ لليس يُظْهَر مرفُوعُها ويُضْمَر فَأَما قَول الْأَعْشَى:
(لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيْرةَ أمْ مَنْ ... جاءَ مِنْهَا بطائِفِ الأهْوالِ)
فَإِنَّمَا هِيَ كَتحِينَ من قَوْله ولاتَ حِينَ فمين جعل الوَقْفَ على لَا وَزَاد التاءَ فِي الحِينِ وَلَا تكُون لاتَ هاهُنا حَرْفاً عامِلاً عَمَلَ لَيْسَ على مذهَب سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ قد قَصَر عملَ لاتَ على الحِين ومعمولُ لاتَ هُنا إِنَّمَا هُوَ ذِكْرَى وَمن رأَى إِعْمَال لاتَ فِيمَا بعدَها مُطَّرِداً أجَاز أَن تكون لاتَ هاهُنا عاملةً فِي الذِّكْرَى
مَا جاءَ من صِفات المؤنَّث على فاعِلٍ
هَذَا البابُ يَسْتَوِي فِيهِ المذَكَّر والمؤنَّث ومذهَبُ الخليلِ وسيبويه فِي ذَلِك وَمَا كَانَ نحوَه أَن ذَلِك إِنَّمَا سُقطتِ الهاءُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لم يَجْرِ على الفِعْل وَإِنَّمَا يلزَمُ الفَرْقُ بيْنَ المذكَّر والمؤنَّث فِيمَا كَانَ جَارِيا على الفِعْل لِأَن الفِعْل لَا بُدَّ من تأنِيثِه إِذا كَانَ فِيهِ ضمِيرُ المؤنَّث كَقَوْلِك هِنْدٌ ذهبَت وموعِظةٌ جاءتْكَ ولُزُومُ التَّأْنِيث فِي