هَذَا البابِ فنحوُ الدَّعْوَى والنَّجْوَى والعَدْوَى والرَّعْوَى قَالَ: وَهُوَ عِنْدي من ارْعَوَيْت وَلَيْسَت منقلِبةً والتَّقْوَى والفَتْوَى واللَّوْمَى - يريدُ بِهِ اللَّوْمَ وَأنْشد أَبُو زيد:
(أمَا تَنْفكُّ تَرْكبُنِي بِلَوْمَى ... لَهِجْتَ بهَا كَمَا لَهِجَ الفِصَالُ)
وَفِي التَّنْزِيل: {وإذْ هُمْ نَجْوَى} [الْإِسْرَاء: ٤٧] فافرادُها حيثُ يُرادُ بهَا الجمعُ يُقَوِّي انه مصدَرٌ وَقَالَ تَعَالَى: {مَا يَكُونُ من نَجْوَى ثَلاثةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُم} [المجادلة: ٧] وَقد جمعُوا فَقَالُوا أَنْجِيَةٌ قَالَ الشَّاعِر:
(تُرِيحُ نِقَادَهَا جُشَمُ بْنُ بَكْرٍ ... وَمَا نَطَقُوا بأنْجِيَةِ الخُصُومِ)
وأمَّا مَا كَانَ من فَعْلَى وَصْفاً فعلى ضربَيْنِ: أحدُهما أَن يكون مُفْرداً والآخَرُ أَن يكونَ جمْعاً فالمُفْرَد مَا كَانَ مؤَنَّثَ فَعْلانَ وَذَلِكَ نحوُ سَكْرانَ وسَكْرَى ورَيَّانَ ورَيَّا وحَرَّانَ وحَرَّى وصَدْيانَ وصَدْيَا وشَهْوانَ وشَهْوَى وظَمْآنَ وظَمْأَى وَهَذَا مستمِرٌّ فِي مؤَنَّث فَعْلانَ وَأما مَا كَانَ من ذَلِك جَمْعاً فَإِنَّهُ يكونُ جَمْعاً لِمَا كَانَ ضَرْباً من آفَة وداء وَذَلِكَ مثلِ جَرِيح وجَرْحَى وكَلِيم وكَلْمَى ووَجِيِّ ووجْيَا من الوَجَى وَقَالُوا زَمِنٌ وزَمْنَى وضَمِن وضَمْنَى وَمن ذَلِك أسِير وأَسْرَى ومائِقٌ ومَوْقَى وأحمَقٌ وحَمْقَى وأنْوَكُ ونَوْكَى وَرُبمَا تعاقب فَعْلَى وفُعَالَى على الْكَلِمَة كَقَوْلِهِم أَسْرَى وأُسَارَى وكَسْلَى وكُسَالَى ورُبَّما تَعَاقَبَ عَلَيْهِ فَعَالَى وفُعَالَى فَقَالُوا كَسَالَى وكُسَالَى كَمَا قَالُوا سَكَارَى وسُكَارَى
١ - بابُ مَا جَاءَ على فِعْلَى
وأمَّا مَا جَاءَ على فِعْلَى فَأن ألفَه يجوز أَن تكونَ للإلحاق وَيجوز أَن تكونَ للتأنيث فممّا جَاءَ ألِفُه للإلحاق وَلم يُؤَنَّث معْزًى كلُّهم ينوّنُه فِي النكِرة فَيَقُول مِعْزًى كَمَا تَرَى وَمِمَّا يدلُّ على أَن هَذِه الألفات المُلْحِقات تَجْرِي مَجْرَى مَا هُوَ من أنْفُس الكَلِم قَوْلهم فِي تحقير مِعْزًى وأرْطَى مُعيْزٍ وأُرَيْطٍ كَمَا يَقُولُونَ دُرَيْهم وَلَو كَانَت للتأنيث لم يَقْلِبوا الألفَ كَمَا لم يَقْلِبوا فِي حُبَيْلَى وأُخَيْرَى وأمَّا مَا جَاءَ فِيهِ الْأَمر أَن جَمِيعًا فِي هَذَا الْبَاب فذِفْرَى مِنْهُم من يَقُول ذِفْرىً أسِيلةٌ فينوِّن وَهِي أقلُّ اللغتين وألحَقَها بدِرْهم وهِجْرَعٍ وَمِنْهُم من قَالَ ذِفْرَى آسِيلةٌ فَلم يَصْرِف وأُشِذَّت فَإِذا كَانَت الألفُ للتأنيث فِي فِعْلَى وَلم تكن للإلحاق فَإِن الاِسمَ الَّذِي هِيَ فِيهِ على ضَرْبَيْنِ أحدُهما أَن يكونَ اسْما غيْر مَصدَر والآخَرُ أَن يكونَ اسْما مصدرا وَلم يجيءُ صِفةً وَقد جَاءَ جَمْعاً فِي شيءٍ قليلٍ فالاسم نَحْو الشِّيزَى والدِّفْلَى والدِّفْرَى فِيمَن لم يصْرِف والمصدر نحوُ ذِكْرَى فِي قَوْله تَعَالَى: {تَبْصِرةً وذِكْرَى لكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} [ق: ٨] وَقَالُوا السِّيمَى - للعلَامة والمُسَوّمةُ - المعلَّمة والعينُ مِنْهَا واوٌ قلبتْها الكَسرةُ وَلم تَجِيءُ فِعْلَى صفة فَأَما قَوْله تَعَالَى: {قِسْمةٌ ضِيْزَى} [النَّجْم: ٢٢] فَزعم سِيبَوَيْهٍ أَنه فُعْلَى فَجعله من بَاب حُبْلَى وأُنْثَى وَإِنَّمَا أبدلَ من الضمة كسرةً كَمَا أبدلها مِنْهَا فِي بِيضٍ قَالَ التَّوَّزِيُّ: وَحكى أحمدُ بن يحيى رجُلٌ كِيصيّ - إِذا كَانَ يأكُل وحْدَه وَقد كاصَ طعامَه كَيْصاً - إِذا أكله وحْدَه وَلَيْسَ هَذَا خِلافَ مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ حَكَاهُ منوَّناً وَلَكِن زعم سِيبَوَيْهٍ أَن فِعْلَى لَا يكون صِفةً إِلَّا أَن تَلْحَق تاءُ التَّأْنِيث نَحْو رجُلٌ عِزْهاةٌ وامرأةٌ سِعْلاة وَحكى أَحْمد بن يحيى الْكَلِمَة بِلَا هَاء فَهُوَ من هَذَا الْوَجْه خِلافُ قَول سِيبَوَيْهٍ وَأما فِعْلى الَّتِي تكونُ جَمْعاً فَمَا علمتُه جَاءَ إِلَّا فِي حرفين قَالُوا فِي جَمِيع حَجَلٍ حِجْلَى قَالَ الشَّاعِر:
(ارْحَمْ أُصِيْبِيتِي الذينَ كأنَّهم ... حِجْلَى تَدرَّجُ فِي الشَّرَبِّة وُقَّعُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute