وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مثلَ مَعيشةٍ فِي الاعتلال وَهَذَا مذهبُ سِيبَوَيْهٍ والخليل وَأبي عُثْمَان وَجَمِيع الْمُتَقَدِّمين من البَصْرِيِّين. قَالَ: وَقد ذهب بعض أَصْحَابنَا إِلَى أَن هَذَا الضَّرْب من الْأَسْمَاء إِنَّمَا اعتلَّ مَا اعتلَّ مِنْهُ لمناسَبَتِه الْفِعْل فَزعم أَن المَقال والمَعاش وَنَحْو ذَلِك إِنَّمَا اعتلَّ بجرْيه على الْفِعْل والْتِباسِه بِهِ فِي أَنه موضِعٌ لَهُ أَو مَصْدَر ولَعَمْري إنَّ مناسبةَ الْفِعْل تُوجب الإعلال ومُوافَقة الاسمِ للْفِعْل فِي الْبناء أَيْضا ضربٌ من المُناسبة والملابَسةِ يُوجب الإعلال ويدُلُّك على جَواز اعتلال هَذَا الضربِ أَعنِي مَقالاً ومَتاباً لمشابَهته الْفِعْل فِي الْبناء ومَجيئه عَلَيْهِ أَنا وجدناهم قد أعلُّوا نَحْو بابٍ ودارٍ ويومٍ راحٍ لمشابَهَته الْفِعْل فِي الْبناء والزِّنَة أَلا ترى أَن مَا خالَفه فِيهِ لم يُعِلُّوه نَحْو غَيَبَة وعِوَض وَغَيرهمَا من الْأَسْمَاء فَكَمَا أوجب موافقةُ الْفِعْل فِي الْبناء هَذَا الإعلال كَذَلِك يُوجِبهُ فِي بابٍ ومَقالٍ ومَثابةٍ وَإِن لم يكن مَصْدَراً للْفِعْل وَلَا مَكَانا لَهُ أَلا ترى أَن نَحْو بابٍ ودارٍ لم يُنَاسب الفعلَ فِي معنى أكثرَ من البناءِ وَإنَّهُ لَا مُلابَسة بَينهمَا فِي شيءٍ غَيْرِه وَقد استمرَّ الاعتلالُ فِيهِ مَعَ ذَلِك فَكَذَلِك يستمِرُّ فِي هَذَا الضربِ الَّذِي لَحِقَ أوَّله الزيادةُ وَإِن لم يُناسِب الفعلَ فِي معنى غير مُوافقة البناءِ للبناءِ وَاسْتدلَّ على مَا ذهب إِلَيْهِ من أنّ مَا لم يكن مناسِباً للْفِعْل من بابِ مَا لَحِقَه الزيادةُ فِي أَوله لَا يكون مُعتَلاًّ وَإِن وافَق الفعلَ فِي البناءِ بقَوْلهمْ الفُكاهة مَقْوَدة إِلَى الْأَذَى وبقولهم مَرْيَم ومَكْوَزة فَأَما مَرْيَم ومَكْوَزة فَلَيْسَ فيهمَا حجَّة لِأَنَّهُمَا اسمان عَلَمَان والأسماء الْأَعْلَام والألقاب قد يُخالَف بهَا مَا سواهَا وَيجوز فِيهَا مَا لَا يجوز فِي غَيرهَا فَأَما وزن مَعيشة عِنْد الْخَلِيل فَكَانَ أَصله مَعيشُة فنقلت حركتها إِلَى الْفَاء للإعلال لِأَنَّهُ على وزن الْفِعْل فتحركت الْفَاء بالضمة وصادفت الْيَاء سَاكِنة فَلَزِمَ أَن تقلبها واواً كَمَا فعل ذَلِك فِي بِيض جمع أَبْيَض أَو بَيوض فِيمَن قَالَ رُسْل أَلا ترى أَن أصل ذَلِك فُعْل مثل أَحْمَر وحُمْر ورُسْل إِلَّا أَن الضمة قلبت كسرة لتصح الْيَاء فَكَذَلِك تقاس معيشة فِي وزنك إِيَّاه بمَفْعُلة فَأَما أَبُو الْحسن فَلَا يُجِيز فِيهِ أَن يكون مَفْعُلة إِنَّمَا هِيَ عِنْده مَفْعِلة لَا غير وَلَا يرى أَن يقيسه على بِيض ويحتجُّ بِأَن الْجمع قد يُخَصُّ بالأشياء الَّتِي تكون فِي الْآحَاد فَلَا يقيس الْآحَاد عَلَيْهِ لَكِن يقصُر هَذِه العِبْرَة على الْجمع دون غَيره.
(بَاب مَفْعَلة ومَفْعِلة)
ابْن السّكيت: يُقَال عِلْق مَضَنَّة ومَضِنَّة وأرضٌ مَضَلَّ ومَضِلَّة ومَهْلَكة ومَهْلِكة وَهِي مَضْرَبة السَّيْف ومَضْرِبة السَّيْف ومَعْتَبة ومَعْتِبة ... . وَقَالَ: ... . مِنْهُ مَذَمَّة ومَذِمَّة.
(بَاب مَفْعَلة ومِفْعَلة بِمَعْنى وَاحِد)
ابْن السّكيت: مَبْنَاة ومِبْناة للنِّطَع ومَثْنَاة ومِثْناة للحَبْل ومَرْقَاة ومِرْقاة للدَّرَجة. وَقَالَ: وَالله لَتَعْلَمُنَّ أيُّنا أشَدُّ مَنْزَعة. وَقَالَ خَشَّاف الْأَعرَابِي: مِنْزَعة والمِنْزَعة: مَا يرجع إِلَيْهِ الرجل من أمره ورأيه وتدبيره وَحكى فِي غير هَذَا الْبَاب مَسْقَاة ومِسْقاة ومَطْهَرة ومِطْهَرة.
(بَاب مُفْعَل ومِفْعَل)
ابْن السّكيت: يُقَال مُغْزَل ومِغْزَل وَحكى الْكسَائي مَغْزَل، وَقَالَ غَيره: إِنَّمَا مَغْزَل من الغَزْل وَقد استثقلت الْعَرَب الضمة فِي حُرُوف فَكسرت ميمها وَأَصلهَا الضَّم من ذَلِك مِصْحَف ومِخْدَع ومِطْرَف ومِغْزَل ومِجْسَد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute