للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسُكون التَّنْوِين كَمَا أَن من قَالَ إذٍ إِنَّمَا كسرهَا لذَلِك وَشبه ذَلِك بمِنْ فهرب إِلَى الفتحة استنكاراً لتوالي الكسرتين.

شرح مَا جَاءَ على ثَلَاثَة أحرف من حُرُوف الْمعَانِي

وَمَا جرى مجْراهَا من الظروف والأسماء الَّتِي لَيست بظرف ونبيِّن العِلَّة الَّتِي من أجلهَا فسِّرت مَعَاني هَذِه الْحُرُوف والأسماء المبهمة إِبْهَام الْحُرُوف ولِمَ صَار تَفْسِير مَا كثر اسْتِعْمَاله من الْحُرُوف وَمَا جرى مَجراها يُحتاج فِيهِ إِلَى النّظر وَالِاسْتِدْلَال وَلَا يُحتاج إِلَى ذَلِك فِي تَفْسِير الْغَرِيب، وَهل ذَلِك أَكْثَره بشغف أَحدهَا بالمواقع الَّتِي تقع فِيهَا على اخْتِلَاف وجوهها وَلم صَار تَفْسِير التَّفْسِير أشدَّ من التَّفْسِير الأوّل وَهل ذَلِك لِأَنَّهُ يوجَد التَّفْسِير الأول بَيانٌ فَإِذا طُلب بَيَان الْبَيَان أعوزَ التفسيرُ، وَالْجَوَاب عَن ذَلِك أَن الَّذِي جَاءَ على ثَلَاثَة أحرف من حُرُوف الْمعَانِي وَمَا جرى مجْراهَا فِي الْبناء من الْأَسْمَاء هُوَ مَا كَانَ فِي الْمرتبَة الثَّالِثَة لِأَنَّهُ فِي بَابه ونظائره إِذْ مَا كَانَ أكثرَ فِي نَفسه من الْحُرُوف فحقّه أَن يكون على حرفٍ وَاحِد ثمَّ يَلِيهِ مَا ينقُص عَنهُ فِي الكَثرة بمرتبة فَيكون على حرفين ثمَّ مَا نقص بمرتبتين فَيكون على ثَلَاثَة أحرف وَهِي تسعةٌ وَثَلَاثُونَ قسما تُؤخذ من أَبْوَاب الْحُرُوف للمعاني كَمَا قد بيَّنت وَإِنَّمَا أذكر هُنَا مِنْهُ شَيْئا للتّنْبِيه، وَأَنا آخذ فِي تَفْسِير مَا جَاءَ فِي هَذَا النَّحْو على ثلاثةِ أحرفٍ كَمَا فسَّرت بِبَاب الْحَرْف والحرفين. معنى (على) استعلاء الشَّيْء وَيجوز أَن يكون حرفا واسماً وفِعلا، فَمَا يتصرَّف على طَريقة فَعَلَ يَفْعَلُ وسيَفْعَل فَهُوَ فِعل كَقَوْلِك عَلا زَيْدٌ رَأسَ عَمروٍ بِسَيْفِهِ وَمَا كَانَ مِنْهَا اسْما فكقوله: غَدَت من عَلَيْهِ بعد مَا تمَّ خِمْسُها تَصِلُّ وَعَن قَيْضٍ ببَيْداءَ مَجْهَلِ فَهَذَا بِمَنْزِلَة من فَوْقه، وَمَا كَانَ مِنْهَا مَعْنَاهُ فِي غَيره فَهُوَ حَرٍف كَقَوْلِك: على زَيْدٍ مالٌ. و (إِلَى) مَعْنَاهَا الِانْتِهَاء وَالْفرق بَينهَا وَبَين حتَّى فِي معنى الْغَايَة أَن إِلَى على معنى الْغَايَة فِي الْمُفْرد لابتداء الْغَايَة بِمن. وَمعنى (حَسْبُ) اكْتَفِ وأكتفي، وَلذَلِك كَانَ جَوَاب حسب كجواب الْفِعْل وَلذَلِك قَالَ سِيبَوَيْهٍ هَذَا بَاب الْحُرُوف الَّتِي تجْرِي مجْرى الْأَمر وَالنَّهْي وَذَلِكَ قَوْلك حَسْبُكَ يَنَمِ النَّاس. قَالَ الفارسيّ: حَقِيقَة هَذِه الْكَلِمَة الاكتفاءُ تَقول أحْسبَني الشيءُ: أَي كفاني وَأنْشد: ونُقْفي وَليدَ الحَيِّ إِن كَانَ جائعاً ونُحْسِبُهُ إِن كَانَ لَيْسَ بجائع قَالَ: وَلذَلِك مثل سِيبَوَيْهٍ قَوْلهم هَذَا عربِيُّ حِسْبَةً حِين أَرَادَ إيضاحَ المصدَر فَقَالَ أَي اكتِفاءً، وَمن هَذَا الحَسَبُ عِنْده كأنَّه اكتفاءٌ بالمقدار وَقد تُوضَع هَذِه الْكَلِمَة فِي مَوضِع الْأَمر ثمَّ يُعبَّر عَنْهَا بِفعل لفظُه لفظُ الخبَر كَمَا يفعل ذَلِك فِي الْأَفْعَال الصَّرِيحَة وجعلوه اسْما فَقَالُوا حَسْبُكَ هَذَا، وَإِنَّمَا ذكرت هَذَا القسمَ الاسميََّّ الْأَخير وَإِن لم يكن من هَذَا الْبَاب لأُريكَ تصريفَ حَسْب. وَمعنى (قَطْ) معنى فِي الزَّمَان الْمَاضِي. ابْن السّكيت: مَا رأيْتُه قَطْ وقَطُّ وَقد أبنت ذَلِك فِيمَا تقدم وَحَقِيقَته الْقطع فِيمَا رَوَاهُ الْفَارِسِي. قَالَ: وَلذَلِك زعم النَّحويُّون أنّ قَطْ مخفَّفة من قَطُّ أَو لأنَّهم إِذا حقَّروه قَالُوا قُطَيْط فردّوا مَا ذهب مِنْهُ كَمَا يعتادون ذَلِك ويحافظون عَلَيْهِ فِي المعتلِّ والمخفَّف كَقَوْلِهِم فِي تَصْغِير دَمٍ دُمَيٌّ وبَخٍ بُخَيخ ورُبَّ رُبيب وَنَحْو هَذَا كثير. وَمعنى (غير) بدَلٌ واستثناء. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: اعْلَم أنَّ غير أبدا سوى الْمُضَاف إِلَيْهِ وَلكنه يكون فِيهِ معنى إلاّ وَهِي فِي بَاب الِاسْتِثْنَاء مَكَان إلاّ وَقد أبنت حَالهَا فِي بَاب الْبَدَل. وَمعنى (سوى) كمعنى غير إلاّ أَن غيرا اسمٌ وَسوى حرف وَمن حَيْثُ كَانَ مَعْنَاهَا معنى غيرٍ أُطلِق للشاعر أَن يَضَعهَا مَوضِع الِاسْم كَمَا أنْشد سِيبَوَيْهٍ: وَلَا ينطِقُ الفَحشاءَ مَن كانَ منهمُ إِذا جَلَسُوا مِنّا وَلَا من سِوائنا

<<  <  ج: ص:  >  >>