للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومصدر تَبَتَّل تَبَتُّلاً وتَبْتيلاً مصدر بَتَّل فَكَأَنَّهُ قَالَ بَتِّل وَمِنْه: (واللهُ أنْبَتَكُم من الأرضِ نَباتا) . لِأَنَّهُ إِذا أَنْبَتهم فقد نَبَتوا ونَباتاً مصدر نَبَتَ فَكَأَنَّهُ قَالَ نَبَتُّم نَباتاً وَزَعَمُوا أَن فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود وأُنزِلَ الملائكةُ تَنْزيلاً لِأَن معنى أُنزِل ونُزِّل واحدٌ، وَقَالَ الْقطَامِي: وخَيْرُ الأمرِ مَا اسْتَقْبَلْتَ مِنْهُ وَلَيْسَ بأنْ تَتَبَّعَهُ اتِّباعا لِأَن تَتَبَّعت واتَّبَعْت فِي الْمَعْنى واحدٌ، وَقَالَ رؤبة: وَقد تَطَوَّيْتُ انْطِواءَ الحِضْبِ لِأَن معنى تَطَوَّيْت وانْطَوَيْت واحدٌ والحِضْب: الحَيَّة. وَقد يجيءُ المصدرُ على خِلافِ حروفِ الفِعل إِذا كَانَ الفِعلان متساويَيْن فِي الْمَعْنى كَقَوْلِك ... . وتَذْليلا حَسَنَاً وذَلَّلْته رِياضةً جَيِّدَة، قَالَ: فصِرْنا إِلَى الحُسْنى ورَقَّ كلامُنا ورُضْتُ فذَلَّت صَعْبةً أيَّ إذلالِ

هَذَا بَاب مَا لَحِقَتْه هاءُ التأنيثِ عِوَضاً عمّا ذَهَب

وَذَلِكَ قَوْلك أَقَمْته إِقَامَة واسْتَعَنْته اسْتِعانةً وأَرَيْته إراءةً مثل إراعةً وَإِن شِئْت لم تُعَوِّض وتركْتَ الْحُرُوف على الأَصْل قَالَ الله تَعَالَى: (لَا تُلْهيهم تِجارةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ وإقام الصلاةِ وإيتاءِ الزَّكاة) . قَالَ أَبُو عَليّ: اعْلَم أَن الأصلَ فِي هَذَا البابِ هُوَ أَن يكون الفعلُ على أَفْعَلَ وعينُ الْفِعْل مِنْهُ واوٌ أَو ياءٌ فَإِنَّمَا يعْتَلاّنِ وتُلقى حركتُهما على مَا قبلَهما وتُقلبُ كل وَاحِدَة مِنْهُمَا ألفا فِي الْمَاضِي وياءً فِي المستقبَل كَقَوْلِك أقامَ يُقيم وألانَ يُلين وَالْأَصْل أَقْوَم يُقْوِم وأَلْيَن يُليِن فألْقَيْت حركةَ الياءِ والواوِ على مَا قبلهمَا وقَلَبْتهما ألفا بعد الفتحة وياءً بعد الكسرة ثمَّ تعِلُّ المصدرَ لاعتلال الفِعل فَتَقول إِقَامَة وإلانةً وَكَانَ الأَصْل إقْواماً وإلْياناً كَمَا تَقول أَكْرَم يُكْرِم إكْراماً غير أَنَّك لمّا أَعْلَلْت الواوَ والياءَ فِي الْفِعْل أَعْلَلتهما فِي الْمصدر فألقَيْت حركتَهما على مَا فبلَهما فسكَنَتا وبعدهما ألف إفْعالٍ وَهِي الْألف الَّتِي فِي الإقْوام والإلْيان قبل الْمِيم وَالنُّون فَاجْتمع ساكنان أحدُهما عينُ الْفِعْل المعتلَّةُ والآخرُ ألفُ إفْعالٍ فأُسقِط أحدُهما وجُعِلت هاءُ التأنيثِ عِوَضاً من الحرفِ الذاهبِ فَقَالُوا إِقَامَة وإلانَةً وَكَذَلِكَ يعْمل فِي اسْتَفْعَل ويجيءُ مصدره كَقَوْلِك اسْتَعان يَسْتَعين اسْتِعْياناً واسْتَلْيَن يَسْتَلين اسْتِلْياناً وَاخْتلف النحويون فِي الذاهبِ من الحرفَيْنِ لِاجْتِمَاع الساكنين فَقَالَ الْخَلِيل وسيبويه الذاهبُ هُوَ الساكنُ الثَّانِي لأنَّ الساكنَ الثَّانِي زائدٌ وَالْأول أصليٌّ وَإِسْقَاط الزائدِ أَوْلَى وَقَالَ الْأَخْفَش وَالْفراء الذاهبُ هُوَ الأوَّل لِأَن حقَّ اجْتِمَاع الساكنين أَن يسْقط الأولُ مِنْهُمَا وَقد أجَاز سِيبَوَيْهٍ أنْ لَا تدخلَ الهاءُ عِوَضاً وَاحْتج بقوله عز وَجل: (وإقامِ الصَّلاةِ) . وَلم يفصل بَين مَا كَانَ مُضافاً وغيرَ مُضَاف وَذكر الفرَّاء أَن الْهَاء لَا تسْقط إِلَّا مِمَّا كَانَ مُضَافا والإضافةُ عوضٌ مِنْهَا، وَأنْشد: إنَّ الخليطَ أجَدُّوا البَيْنَ فانْجَرَدوا وأَخْلَفوكَ عِدَ الأمرِ الَّذِي وَعَدوا وَذكر أَن الأَصْل عِدَةَ الأمرِ وَالْهَاء سَقَطَت للإضافةِ وَأَن ذَلِك لَا يجوز فِي غير الْإِضَافَة. وَقَالَ خالدُ بن كُلْثُوم: عِدَى الْأَمر جمع عِدْوة والعِدْوَة: النَّاحِيَة والجانب من قَوْله عز وَجل: (إذْ أنتُم بالعِدْوَةِ الدُّنْيا وهم بالعِدْوَةِ القُصْوى) . وَإِنَّمَا أَرَادَ الشَّاعِر نواحيَ الأمرِ وجوانبَه وَأَجَازَ سِيبَوَيْهٍ أَقْمَته إقاماً وَلم يُجِزه

<<  <  ج: ص:  >  >>