للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويروى سُودٌ فقد جَاءَ فِي التَّمْيِيز سُوداً وَهِي جمَاعَة قَالَ أَبُو سعيد: وَلأبي إِسْحَاق أَن يفصل بَين هَذَا وَبَين سِنِين بأنَّ سُوداً إِنَّمَا جَاءَت بعد الْمُمَيز فَيجوز أَن يُحْمَل على اللَّفْظ مرةٌ وعَلى الْمَعْنى مرةٌ كَمَا تَقول كُلُّ رجل ظَرِيف عِنْدِي وَإِن شئتَ قلتَ ظريفٌ فتحمله مرّة على اللَّفْظ وَمرَّة على الْمَعْنى وَلَيْسَ قبل سِنِين شَيْء وَقَعَ بِهِ التَّمْيِيز فَيكون سِنِين مثل سُودًا وَاعْلَم أَن مائَة ناقصةٌ بِمَنْزِلَة رِئَةٍ وإِرَةٍ فلك أَن تجمعها مِئُونَ فِي حَال الرّفْع ومِئينَ فِي حَال النصب والجر وَإِن شئتَ قلتَ مِئينٌ فجعلتَ الإعرابَ فِي النُّون وألزمته الْيَاء وَإِن شِئْت قلت مِئَاتٌ كَمَا تَقول رِئَاتٌ وَأما قَول الشَّاعِر:

(وَحَاتِمُ الطَّائِيُّ وَهَّابُ المِئِي ... )

فقد اخْتلف النحويون فِي ذَلِك فَقَالَ بَعضهم أَرَادَ جمع الْمِائَة على الْجمع الَّذِي بَينه وَبَين واحده الْهَاء كَقَوْلِك تَمْرَة وتمر فَكَأَنَّهُ قَالَ مائةٌ ومِئٌ ثمَّ أطلق القافية للجر وَقَالَ بَعضهم أَرَادَ المِيءَّ وَكَانَ أَصله المَئيَّ على مِثَال فَعِيل لِأَن الذَّاهِب من الْمِائَة إِمَّا وَاو وَإِمَّا يَاء فَإِن كَانَت يَاء فَهِيَ مِئيٌ وَإِن كَانَت واواً انقلبت أَيْضا يَاء وَصَارَ لَفظهَا وَاحِدًا ثمَّ تُكْسَر الْمِيم وَذَلِكَ أَن بني تَمِيم يكسرون الْفَاء من فَعِيل إِذا كَانَت الْعين أحد الْحُرُوف السِّتَّة وَهِي حُرُوف الْحلق كَقَوْلِهِم شِعِير ورَحِيم فَيَقُولُونَ فِي ذَلِك مِيٌ وَأَصله مِئِيٌ وَمِمَّا جَاءَ على هَذَا الْمِثَال من الْجمع مَعِيزٌ جمع مَعَزٍ وكَلِيبٌ وعَبِيد وَغير ذَلِك مِمَّا جَاءَ على فعيل فعلى هَذَا القَوْل مِيٌ مشدد وَيجوز تخفيفها فِي القافية الْمقيدَة كَمَا ينشد بَعضهم قَول طرفَة فِي بَيت لَهُ:

(أَصَحَوْتَ اليومَ أَمْ شَاقَتْكَ هِرْ ... ومِنَ الحُبِّ جُنُونٌ مُسْتَعِرُّ)

وَقَالَ بعض النَّحْوِيين إِنَّمَا هُوَ مِئِينٌ فاضْطُرَّ إِلَى حَذْفِ النُّون كَمَا قَالَ:

(قَوَاطِناً مَكَّةَ مِنْ وُرْقِ الحَمِي ... )

فَإِذا بلغتَ الألفَ أضفته إِلَى واحدٍ فَقلت ألف دِرْهَم كَمَا أضفت الْمِائَة إِلَى وَاحِد حِين قلت مائَة دِرْهَم وَالْعلَّة فِيهِ كالعلة فِيهَا من قِبَلِ أَن الألفَ إِلَى غير قِيَاس مَا قبله لِأَنَّك لم تقل عشر مائَة كَمَا قلت تِسْعمائَة وضعت لفظا يدل على العقد الَّذِي بعد تِسْعمائَة غَيْرَ جارٍ على شَيْء قبله كَمَا فعلتَ ذَلِك بِالْمِائَةِ حِين لم تُجْرِها على غير قِيَاس التسعين فَإِذا جمعت الْألف جمعته على حد مَا تجمع الواحدَ وتَضِيف ثلاثتَه إِلَى جمَاعَة نوعِهِ فَتَقول ثلاثةُ آلافِ وعشرةُ آلَاف كَمَا قلت ثَلَاثَة أثوابٍ وعَشْرَةُ أثوابٍ وَإِنَّمَا خَالف جمعُ الْألف فِي الْإِضَافَة جمعَ الْمِائَة لِأَن الألفَ عشرتُه كثلاثته فَصَارَ بِمَنْزِلَة الْآحَاد الَّتِي عشرتُها كثلاثتها وَلَيْسَ عشرَة الْمِائَة كثلاثتها وَقد بَينا هَذَا فِيمَا تقدم وَلَيْسَ بعد الأَلَفِ شَيْء من الْعدَد على لفظ الْآحَاد فَإِذا تضاعفت أُعِيد فِيهِ اللفظُ بالتكرير كَقَوْلِك عشرةُ آلافٍ ألف وَمِائَة ألفٍ وألفٍ وَنَحْو ذَلِك وَإِنَّمَا قلت عشرةُ آلافٍ لِأَن الألفَ قد لزم إضافتُه إِلَى وَاحِد فِي تبيينه وَكَذَلِكَ جماعتُه كواحده فِي تبيينه بِالْوَاحِدِ من النَّوْع وَاعْلَم أَن الْألف مُذَكّر تَقول أخذتُ مِنْهُ ألفا وَاحِدًا قَالَ الله تَعَالَى: {بَثَلَاثَةِ آلَافٍ} [آل عمرَان: ١٢٤] فَأدْخل الْهَاء على الثَّلَاثَة فَدلَّ على تذكير الْألف وَرُبمَا قيل هَذِه ألفُ درهمٍ يُرِيدُونَ الدراهمَ

١ - بَاب ذكرك الِاسْم الَّذِي تُبَيِّنُ بِهِ العِدَّةَ كم هِيَ مَعَ تَمامهَا الَّذِي هُوَ من ذَلِك اللَّفْظ

فبناءُ الِاثْنَيْنِ وَمَا بعده إِلَى الْعشْرَة فاعلٌ وَهُوَ مُضَاف إِلَى الِاسْم الَّذِي يُبَيِّنُ بِهِ العَدَدُ ذكر سِيبَوَيْهٍ فِي هَذَا الْبَاب من كِتَابه ثانِي اثْنَيْنِ وثالثَ ثلاثةٍ إِلَى عَاشر عشرَة فَإِذا قلت هَذَا ثَانِي اثْنَيْنِ أَو ثالثُ ثلاثةٍ أَو رابعُ أَرْبَعَة

<<  <  ج: ص:  >  >>