للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَمَعْنَاه أحدُ ثلاثةٍ أَو بعضَ ثلاثةٍ أَو تمامُ ثلاثةٍ وقولُنا فِي تَرْجَمَة الْبَاب الِاسْم الَّذِي تُبَيِّنُ لَهُ العِدَّةُ كمْ هِيَ نعني ثَلَاثَة وقولُنا مَعَ تَمامهَا الَّذِي هُوَ من ذَلِك اللَّفْظ نعني ثَالِثا لِأَنَّهُ تمامُ ثلاثةٍ وَهَذَا التمامُ يُبْنَى على فَاعل كَمَا قُلْنَا فَيُقَال ثَانِي اثْنَيْنِ وثالثُ ثلاثةٍ وتُجْرَى الأوَّلَ مِنْهَا بِوُجُوه الْإِعْرَاب إِلَى عَاشر عشرةِ قَالَ الله تَعَالَى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثةٍ} [الْمَائِدَة: ٧٣] وَقَالَ {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ} [التَّوْبَة: ٤٠] وَقد كنتُ ذكرتُ فِي المبنيات من أحدَ عَشَرَ إِلَى تسعةَ عَشَرَ مَا فِيهِ كِفَايَة وَلَكِنِّي أذكر هَاهُنَا مِنْهُ جملَة فِيهَا مَا لم أذكرهُ هُنَاكَ إِذْ كَانَ هَذَا بَابه إِن شَاءَ الله تَعَالَى هَذَا الْبَاب يشْتَمل على ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا: وَهُوَ الْأَكْثَر فِي كَلَام الْعَرَب على مَا قَالَه سِيبَوَيْهٍ أَن يكون الأولُ من لفظ الثَّانِي على معنى أَنه تمامُه وبعضُه وَهُوَ قَوْلك هَذَا ثني اثْنَيْنِ وثالث ثَلَاثَة وعاشر عشرَة وَلَا ينوّن هَذَا فينصب مَا بعده فَيُقَال ثالثٌ ثَلَاثَة لِأَن ثَالِثا فِي هَذَا لَيْسَ يَجْرِي مَجْرَى الْفِعْل فَيصير بِمَنْزِلَة ضاربٍ زيدا وَإِنَّمَا هُوَ بعضُ ثلاثةٍ وأنتَ لَا تَقول بعضٌ ثَلَاثَة وَقد اجْتمع النحويون على ذَلِك إِلَّا مَا ذكره أَبُو الْحسن بن كَيْسَانَ عَن أبي الْعَبَّاس ثَعْلَب أَنه أجَاز ذَلِك قَالَ أَبُو الْحسن: قلتُ لَهُ إِذا أجزتَ ذَلِك فقد أجريته مُجْرى الْفِعْل فَهَل يجوز أَن تَقول ثَلَثْتُ ثَلَاثَة قَالَ نعم على معنى أتممت ثَلَاثَة والمعروفُ قَول الْجُمْهُور وَقَالَ بَعضهم سَبَعْتُ القومَ وأسبعتُهم - صَيَّرْتُهُم سَبْعَة وسَبَعْتث الحبلَ أَسْبَعَهُ - فتلتُه على سبع قُوًى وَكَانُوا ستَّةً فَأَسْبَعُوا - صَارُوا سَبْعَة وأسبعتُ الشيءَ وسَبَعْتُه - صيَّرتُه سبعةَ ودراهمُ وَزْنُ سبعةٍ لأَنهم جعلُوا عشرةَ دَرَاهِم وَزْنَ سَبْعَة مثاقيلَ وسُبعِ المولودُ - حُلِقَ رَأسه وذُبِحَ عَنهُ لسبعةٍ وسَبَّعَ اللهُ لَك - رَزَقَكَ سبعةَ أولادٍ وسَبَّعَ اللهُ لَك - ضَعَّفَ مثاقيلَ وسُبعِ المولودُ - حُلِقَ رَأسه وذُبِحَ عَنهُ لسبعةٍ وسَبَّعَ اللهُ لَك - رَزَقَكَ سبعةَ أَبَنْتُها فِي موَاضعهَا فَإِذا زدتَ على الْعشْرَة فَالَّذِي ذكره سِيبَوَيْهٍ بناءُ الأول وَالثَّانِي وَذَلِكَ حادي عشر وَثَانِي عشر وثالث عشر فَفتح الأول وَال ثَانِي وجعلهما اسْما وَاحِدًا وَجعل فتحهما كفتح ثَلَاثَة عشر وَذكر أَن الأصلَ أَن يُقَال حادِي عَشَرَ أَحَدَ عَشَرَ وثالِثَ عَشَرَ ثَلَاثَة عَشَر فَيكون حادي بِمَنْزِلَة ثالثٍ لِأَن الثَّالِث قد استغرق حروفَ ثَلَاثَة وَبني مِنْهَا فَكَذَلِك يَنْبَغِي أَن يسْتَغْرق حادي عشر حروفَ أَحَدَ عشر وَقد حَكَاهُ أَيْضا فَقَالَ: وَبَعْضهمْ يَقُول ثالثَ عَشَرَ ثلَاثَةَ عَشَر وَهُوَ القياسُ وَقد أنكر أَبُو الْعَبَّاس هَذَا وَذكر نه غير مُحْتَاج إِلَى أَن يَقُول ثالثَ عَشَرَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَأَن الَّذِي قَالَه سِيبَوَيْهٍ خلافُ مَذْهَب الْكُوفِيّين وكأَنَّ حجَّة الْكُوفِيّين فِيمَا يتَّجهُ فِيهِ أَن ثَلَاثَة عشر لَا يُمكن أَن يبْنى من لَفْظهمَا فَاعل وَإِنَّمَا يَبْنِي من لفظ أَحدهمَا وَهُوَ الثَّلَاثَة فَذكر عشر مَعَ ثَالِث لَا وَجه لَهُ وَقد قدَّمنا احتجاجَ سِيبَوَيْهٍ لذَلِك مَعَ حكايته إِيَّاه عَن بَعضهم وَيجوز أَن يُقَال: إِنَّه لما لم يُمكن أَن يبْنى مِنْهُمَا فَاعل وَبني من أَحدهمَا احْتِيجَ إِلَى ذكر الآخر لينفصلَ عَن مَا هُوَ أحدُ ثلاثةٍ مِمَّا هُوَ أحدُ ثلاثةَ عَشَرَ فَأتى بِالْفَظِّ كُله وَالضَّرْب الثَّانِي: من الضربين أَن يكون التَّمام يجْرِي مجْرى اسْم الْفَاعِل الَّذِي يعْمل فِيمَا بعده وَيكون لفظ التَّمام من عدد هُوَ أَكثر من المتمم بِوَاحِد كَقَوْلِك ثالثُ اثْنَيْنِ ورابعُ ثلاثةٍ وعاشرُ تسعةٍ وَيجوز أَن ينون الأولُ فَيُقَال رابعٌ ثَلَاثَة وعاشرٌ تِسْعَة لِأَنَّهُ مأخوذٌ من الْفِعْل تَقول كَانُوا ثَلَاثَة فَرَبَعْتُهُمْ وَتِسْعَة فعشرتهم فَنًّا عاشرُهم كَقَوْلِك ضربتُ زيدا فَنًّا ضارِبٌ زيدا وضاربُ زيد قَالَ الله تَعَالَى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَاّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَاّ هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: ٧] وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ فِيمَا زادَ على الْعشْرَة فِي هَذَا الْبَاب: هَذَا رابعٌ ثَلَاثَة عَشرَ كَمَا قلت خامِسُ أَرْبَعَةٍ وَلم يحكه عَن الْعَرَب والقياسُ عِنْد النَّحْوِيين أَن لَا يجوز ذَلِك وَقد ذكره الْمبرد عَن نَفسه وَعَن الْأَخْفَش نهم لم يجيزوه لِأَن هَذَا الْبَاب يَجْرِي مَجْرَى الْفَاعِل الْمَأْخُوذ من الْفِعْل وَنحن لَا نقُول رَبَعْتُ ثلاثةَ عَشَرَ وَلَا أعلم أحدا حَكَاهُ فَإِن صَحَّ أَن الْعَرَب قالته فقياسه مَا قَالَه سِيبَوَيْهٍ وَأما قَوْلهم حادي عَشَرَ وَلَيْسَ حادي من لفظِ واحدٍ وَالْبَاب أَن يكون اسمُ الْفَاعِل الَّذِي هُوَ تمامٌ من لفظِ مَا هُوَ تمامُه فَفِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا: أَن حادِي مقلوبٌ من وَاحِد استثقالاً للواو فِي أول اللَّفْظ فَلَمَّا قُلِبَ صَار حادِوٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>