يَقُولُونَ حَزَنَه الأمرُ وَيَقُولُونَ يحْزُنه وَهَذَا خُلْف من نقْله وَإِنَّمَا أوردته للتحذير من اعْتِقَاده وَقد قدّمت من كَلَام سِيبَوَيْهٍ مَا دلَّ على ذَلِك، وحَزَنه مَقولة كثيرةٌ. أَبُو عبيد: وكل هَذَا يُقَال فِيهِ مفعول وَلَا يُقَال مُفْعَل إِلَّا حرفٌ واحدٌ وَهُوَ قَول عنترة: وَلَقَد نَزَلْتِ فَلَا تَظُنِّي غيرَه منِّي بمَنزِلة المُحِبِّ المُكْرَمِ وَقَالَ أزْعَقْته فَهُوَ مزعوق على هَذَا الْقيَاس حَكَاهَا عَن الْأمَوِي. وَقَالَ غَيره: زعَقْته بِغَيْر ألف فانزَعَق: أَي فَزِعَ فَإِذا كَانَ هَذَا فمزعوق على الْقيَاس وَأنْشد: تعلَّمْنَ أنَّ عَلَيْك سائقاً لَا مُبطِئاً وَلَا عنيفاً زاعقا لَبَّا بأَعْجازِ المَطِيِّ لاحِقا الُّلبُّ: اللَّازِم لَهَا لَا يفارقها، يُقَال رجل لبٌّ وامرأةٌ لَبَّة: لَطِيفَة قريبَة من النَّاس. قَالَ: وَقَالَ الفرّاء بُرَّ حَجُّكَ فَهُوَ مَبرور، فَإِذا قَالُوا أَبَرَّ الله حجَّك قَالُوا بِالْألف فَهُوَ مبرور، وَقَالُوا المبروز من أَبْرَزْتُ وأنشَد: أوْ مُذْهَبٌ جُدَدٌ على أَلواحِنَّ الناطِق المَبروز والمَختوم وَقَالَ المضعوف من أَضْعَفْت قَالَ لبيد: وعالَيْنَ مَضْعوفاً ودُرّاً سُموطُه جُمانٌ ومَرْجانٌ يَشُدُّ المَفاصِلا أَبُو عَليّ: يَشُكُّ ويشُدُّ وَقد قدمت تَفْسِير معنى الْبَيْت فِي بَاب الحَلي، وَمن هَذَا الْبَاب أَمرَضه الله من المَرض، وآرَضَه من الأَرْض: وَهُوَ الزُّكام، وأملأَه من المُلاءَة، وأَضأدَه من الضُّؤْدَة وَكله الزُّكَام وكل هَذَا يُقَال فِيهِ مَفعول وَلَا يُقَال مُفْعَل وَكَذَلِكَ مهموم من أَهمَّه الله تَعَالَى.
هَذَا بَاب دُخُول الزِّيادة فِي فَعَلْت
اعْلَم أَنَّك إِذا قلت فاعَلْته فقد كَانَ من غَيْرك إِلَيْك مثلُ مَا كَانَ منكَ إِلَيْهِ حِين قلت فاعَلْته وَمثل ذَلِك ضارَبته وفارَقْته وعازَّني وعازَرْته وخاصَمْته وَكَذَلِكَ سَائِر مَا يكون الْفِعْل فِيهِ بَين اثْنَيْنِ كقاتَلْته وشاتمته وَمَا أشبه ذَلِك فَإِن غلبَ أَحدهمَا كَانَ فعلُه على فَعل يفْعُل وَإِن كَانَ الْمُسْتَعْمل فِي الأَصْل على يفعِل وَلذَلِك قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَاعْلَم أَن يفعُلُ من هَذَا الْبَاب على مِثَال يَخْرُجُ، تَقول خاصَمَني فخَصَمْته أَخْصُمُه وَتقول غالَبني فغَلَبته أغْلُبه وشاتمني فشَتَمْته أَشْتُمُه إِلَّا أَن يكون فِيهِ من الْحُرُوف مَا يلْزم فِيهِ يفعِل أَو يفعَل فَيجْرِي عَلَيْهِ فَمن ذَلِك مَا لامُه أَو عينُه ياءٌ أَو فاؤُه واوٌ فَإِنَّهُ يَجِيء على فَعَل يفعِل لِأَن ذَلِك يلْزم فِيهِ فِي الأَصْل قِيَاس لَا ينكسر فَتَقول بايَعَني فبِعْته أَبيعُه وراماني فرمَيْته أَرْميه وواعَدَني فوَعَدْته أَعِده وواخَدَني فوَخَدْته أَخِدُه. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلَيْسَ فِي كل شَيْء يكون هَذَا أَلا ترى أَنَّك لَا تَقول نَازَعَنِي فنزَعْته استُغْنِي عَنْهَا بغَلَبْته وَأَشْبَاه ذَلِك. وَمِمَّا جَاءَ من هَذَا الْبَاب قَوْلك طاوَلْته فطُلْتُه أَطولُه، وَتقول طَالَ زيدٌ عمرا إِذا غلبَه فِي الطّول فغلَبَه وَيكون الْفِعْل متعدِّياً فَإِن لم تُرِدْ هَذَا لم يتعدَّ فعله وَكَانَ على فَعُلَ يفعُل كَقَوْلِك طَال يطول فَهُوَ طويلٌ قَالَ الشَّاعِر: إنَّ الفرزدَقَ صَخْرَةٌ عادِيَّةٌ طَالَتْ فَلَا تستطيعُها الأَوْعالا مَعْنَاهُ طَالَتْ الأوعالَ على معنى غلبَتْها فِي الطّول وَكَذَلِكَ من الطَّول الَّذِي هُوَ الْفضل هَذَا عقد سِيبَوَيْهٍ. وَزَاد أَبُو عبيد: أَن كل مَا كَانَ فِيهِ حرفٌ من حُرُوف الْحلق من هَذَا الْبَاب فإنَّ قَوْلك أفعَلُه مِنْهُ بِالْفَتْح كَقَوْلِك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute