للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَمَنْ يَتَوَكَّلُ علَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(وَمِمَّا يؤنث من سَائِر الْأَشْيَاء وَلَا يذكر)

(الرِّيح) أُنْثَى هِيَ عِنْد سِيبَوَيْهٍ فِعْلٌ وَعند أبي الْحسن فُعْلٌ وَكَذَلِكَ جِيدٌ عِنْده فُعْلٌ وَلَيْسَ تعليلُ هَذَا هُنَا من غَرَضِنا وياؤه منقلبة عَن وَاو بِدَلِيل قَوْلهم فِي الْجَمِيع أَرْواحٌ وَأما رِيَاحٌ فياؤه منقلبة عَن وَاو للكسرة الَّتِي قبلهَا وَقد قَالُوا فِي جمعهَا أَرايِيح وَهُوَ عِنْدِي مِمَّا عاقَبُوا بَينه وَأَسْمَاء الرّيح مُؤَنّثَة، وَأَنا أذكر مَا يحضرني من أسمائها وأبدأ بمعظمها وَهِي الجَنُوب والشَّمَال والدَّبُور الَّتِي من دُبُر الْكَعْبَة والقَبُول من تِلْقائها والشَّمَالُ تَأتي من قُبُلِ الحِجْر والجَنُوب من تلقائها وَقد دَبَرَتْ تَدْبُرُ دُبُوراً وقَبَلَتْ تَقْبُلُ قُبُولاً وجَنَبَتْ تَجْنُبُ جُنُوباً وشَمَلَتْ تَشْمُلُ شُمُولاً وَفِي الشَّمَالِ لُغاتٌ قد قدَّمت ذكرهَا وأذكر هُنَا مِنْهَا شَيْئا للِاحْتِيَاط يُقَال شَمْأَلٌ وشَمَلٌ وشَأْمَلٌ وشَمَأَلٌ وشَمُولٌ وشَمْلٌ وَإِن شِئْت قلتهَا كلهَا بِالْألف وَاللَّام وَقد قدَّمتُ أَن هَذِه الْأَسْمَاء الْأَرْبَعَة تكون صفة واسماً وَالْعرب تَقول هَبَّت الشَّمالُ وهَبَّتْ شَمَالاً وَكَذَلِكَ فِي سَائِر لغاتها وَجَمِيع أَسمَاء الرِّيَاح يكون ذَلِك فِيهِ فِيمَا ذكر الْفَارِسِي وَهُوَ الْقيَاس فِي قَول من جعلهَا وَصفا وَقد تُضَاف هَذِه الرِّيَاح كلهَا وَمن أَسمَاء الجَنُوب الأَزْيَبُ وَلَا فِعْلَ لَهَا والنُّعَامَى وَقد اَنْعَمَتْ وَذكر الْفَارِسِي أَن جَمِيع الْأَفْعَال المشتقة من هَذِه المثالات الَّتِي هِيَ أَسمَاء الرِّيَاح مَبْنِيَّة على فَعَلَتْ إِلَّا النُعَامَى فَإِنَّهُ يُقَال أَنْعَمَتْ وَمن أسمائها الهَيْفُ والهَوْفُ قَالَ ابْن السّكيت: هَيْفٌ وهُوفٌ وَلَا فِعْلَ لَهَا وَمن أَسمَاء الشَّمالِ الجِرْبِيَاء ونِسْعٌ ومِسْعٌ وَقد قَدَّمت اشتقاقَ هَذَا كُله فَأَما قَول الْهُذلِيّ:

(قد حَالَ بَيْنَ دَرِيسَيهِ مُؤَوِّبَةٌ ... نِسْعٌ لَهَا بِعضاه الأرْضِ تَهْزِيزُ)

فَزعم الْفَارِسِي أَن نِسْعاً بدل من مُؤَوِّبَةٌ وَهُوَ بدل الْمعرفَة من النكرَة

(وَمن أَسمَاء الصِّبَا) إِيرٌ وأَيْرٌ وهِيرٌ وهَيِّر فَهَذِهِ أَسمَاء مُعظم الرِّيَاح

(وَمن أَسمَاء الرِّيَاح) الصَّرْصَرُ - وَهِي الْبَارِدَة والبَلِيلُ - وَهِي الَّتِي فِيهَا بَرْد ونَدًى والحَرْجَفُ - وَهِي القَرَّةُ فَهَذَا مَا جَاءَ من أسمائها بِغَيْر عَلامَة وصافُتها الَّتِي لَا عَلامَة فِيهَا تَجْرِي هَذَا المَجْرَى والبَلِيلُ والحَرْجَفُ عِنْد الْفَارِسِي صِفَتانِ غَلَبَتا غَلَبَةَ الْأَسْمَاء فَأَما الإِعْصَار فمذكر وَهُوَ عِنْده وَعند سِيبَوَيْهٍ اسْم وَلَا يكون صفة لِأَنَّهُ لَا يكون فِي الصِّفَات على مِثَال إفْعال وَإِنَّمَا هُوَ بِنَاء خُصَّ بِهِ الِاسْم وَغلب عَليّ المصادر فَأَما الإسْكَافُ الَّذِي هُوَ الصَّانِع والإسْوَارُ الَّذِي هُوَ جَيِّدُ الثيباِ على ظَهْرِ الفَرَس أَو الجَيِّد الرَّمِيْ بِالسِّهَام ففارسيان والهَيْجُ - الرّيح الشَّدِيدَة والخَزْرَجُ - ريح الجَنُوب وَقيل الشَّدِيدَة وَقيل هِيَ الرّيح الْبَارِدَة قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:

(غَدَوْنَ عُجَالَى وانْتَحَتْهُنَّ خَزْرَجٌ ... مُقَفِيَةٌ آثارَهُنَّ هَدُوجُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>