للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَا لم يكن فِيهِ حرفُ الْحلق فِي مَوضِع عينِه أَو لامِه لم يَجُزْ فِيهِ ذَلِك، فَإِن قَالَ قَائِل: إِذا قُلْتُمْ إنَّ الواوَ تسْقط لوقوعها بَين ياءٍ وكسرةٍ استِثقالاً لذَلِك فهَلَاّ أسقطتموها لوقوعها بينَ ياءٍ وضَمَّة وَهِي أثقلُ فِي قَوْلك وَضُؤَ الرجلُ يَوْضُؤُ ووَسُم يَوْسُم: إِذا صَار وَسيماً، ووَقُحَ الخافِرُ يَوْقُح قيل لَهُ إِنَّمَا أتمُّوا هَذَا البابَ لِأَنَّهُ لزم طَرِيقا وَاحِدًا لَا يمكنُ فِيهِ التغييرُ فِي وَزْنِه فلمَّا لَزِمَهم ذَلِك التزَموا التمامَ فِيهِ وَهُوَ أَن بابَ وَعَدَ ووَزَنَ هُوَ على فَعَلَ وفَعَلَ يَجِيء مستقبلُه على يَفْعِل ويَفْعُل فأقْصَروا على يَفْعِل مِنْهُ لما ذكرنَا من العَّلة فَكَانَ اقتصارهم على يَفْعِل تغييراً لما يوجِبه القياسُ فِي مستقبَلِ فَعَلَ فَحَمَلهم التغييرُ فِي ذَلِك أَن حذفوا الواوَ أَيْضا وَهُوَ تغييرٌ آخَرُ لما فِيهِ من الاستثقال فكأنهم أتْبَعوا التغييرَ التغييرَ وَهَذَا الطريقُ يسلُكه سِيبَوَيْهٍ كثيرا وَأما وَسُم يَوْسُم فَإِنَّهُ على فَعُلَ ويلزَم مستقبَل فَعُل يَفْعُل فلمَّا لم يُغيَّر مستقبَله الَّذِي هُوَ واجِب فِي الصَّحِيح فِي مثل ظَرُف وكَرُم لم تحذف الواوُ مِنْهُ لِأَن الأَصْل هُوَ يَفْعُل فِيهِ وَإِن ثبتَتْ الْوَاو فَلَمَّا لم يُغيَّر أحدُهما لم يغيَّر الآخرُ وَمِمَّا يقوِّي ذَلِك أَن فَعَلَ لَا يَأْتِي ... . إِذا كَانَ فِي موضعِ عينِه أَو لامِه حرفٌ من حُرُوف الحلقِ فيجعلُ على يَفْعَلُ كَمَا يُجعَل على مَا كَانَ ماضيه على فَعِلَ وَإِن قَالَ قَائِل فقد تقع الواوُ بينَ ياءٍ وكسرةٍ فِي مثل يُوقِنُ ويُوصِل فهَلَاّ حُذفَت فالجوابُ فِيهِ نحوُ مَا ذكرنَا أنَّ مستقبلَ أفعلَ لَا يتغيَّر عَن يَفْعِلُ كَمَا أنَّ مُستقبلَ فَعُلَ لَا يتغيَّر عَن يَفْعُلُ وَمَعَ ذَلِك فإنَّ الواوَ الساكنةَ إِذا كَانَ مَا قبلهَا ضمةٌ فَهِيَ كالإشباع للضمة والاستثقال لَهَا أقلُّ وَقد ذكر سِيبَوَيْهٍ أَن من الْعَرَب من يقولُ يَجُدُ وَذَلِكَ قليلٌ وحذفوا الواوَ من يَجُدُ لِأَن الأصلَ فِيهِ يَجِدُ فسقطتِ الواوُ من أجلِه وَقَالُوا وَرِمَ يَرِمُ ووَرِعَ يَرِعُ وَرَعَاً ووَرَمَاً ويَوْرَعُ لُغَة ووَغِرَ صَدره يَغِرُ ووَحِرَ يَحِرُ وَحَرَاً ووَغَرَاً ويَوْغَرُ ويَوْحَر أَكثر ووَلِيَ يَلِي ووَثِقَ يَثِقُ ووَمِقَ يَمِقُ ووَرِثَ يَرِثُ ووَفِقَ يَفِقُ ووَرِيَ الزَّنْدُ يَرِي، قَالَ الْفَارِسِي: وَقد قرئَ فَمَا وَهِنُوا والمستقبلُ يَهِنُ فَهُوَ من هَذَا البابِ إِذْ لم نَسْمَعْ يَوْهَن فَأَما قَوْلهم: إِذا عَزَّ أخوكَ فَهِنْ. فَهُوَ من هانَ يَهينُ يُقَال هانَ الرجلُ يَهينُ مثلُ لانَ يَلينُ يَرويه عَن الزَّجَّاج وَلَا يكون من وَهِنَ يَهِن لِأَن هَذَا إِنَّمَا هُوَ ضعفٌ وضدُّه القُوَّة وَلَيْسَ ضِدُّ اللِّين القُوَّة إِنَّمَا ضِدُّه الصَّلابة فَكَذَلِك عَزَّ اشتدَّ وصَلُبَ وَلَو كَانَ عَزَّ قَوِيَ وَكَانَ فِي الْكَلَام مَوْجُودا لقلنا إِن هِنْ من وَهِنَ يَهِن فَهَذَا نقلُ أبي عَليّ، وَقد حكى أَبُو عبيد: وَهَنْت فِي أمرِكَ ووَهِنْتَ وَقد كَثُر فِي المعتَلِّ من هَذَا الْبَاب فَعِلَ يَفْعِل على قِلَّته فِي الصَّحِيح والسببُ فِي ذَلِك كراهَتُهم الجمعَ بينَ واوٍ وياءٍ لَو قَالُوا وَلِيَ يَوْلِي ووَرِثَ يَوْرِث ووَثِقَ يَوْثِق فَحَمَلُوهُ على بناءٍ تسقطُ فِيهِ الواوُ وَمَا كَانَ من الياءِ فَإِنَّهُ لَا يسقطُ مِنْهُ الياءُ لوقوعها بَين يَاء وكسرةٍ كَقَوْلِهِم يَئِسَ يَيْئِس ويَبِسَ يَيْبِس وَيسر ييْسِر من المَيسرِ ويَمَنَ يَيْمِنُ من اليُمن لِأَن الْيَاء أخفُّ من الْوَاو لأَنهم يفِرُّون من الواوِ إِلَى الياءِ وَلَا يفِرُّون من الياءِ إِلَى الواوِ فَلَمَّا كَانَت الياءُ أخفّ سلَموه إِذا كَانَت فاءَ الفِعلِ وَمن الْعَرَب من يجْرِي الْيَاء مُجْرى الْوَاو وَهُوَ قَلِيل فَيَقُول: يَئِسَ يَئِسُ وَالْأَصْل يَيْئِسُ فَسَقَطت الياءُ الثَّانِيَة لوقوعها بَين ياءٍ وكسرةٍ كسقوطِ الواوِ فِي يَعِدُ ويَزِنُ.

هَذَا بَاب افْتراقِ فَعَلْتُ وأَفْعَلتُ فِي الْمَعْنى

تَقول دخلَ وَخرج وجلسَ فَإِذا أخْبرت أَن غَيره صيَّره إِلَى شَيْء من هَذَا قلت أدخلهُ وأخرَجه وأجلَسه وَتقول فَزِعَ وأفْزَعته وخافَ وأَخفْته وجال وأَجَلْته فَأكْثر مَا يكون على فَعَلَ إِذا أردتَ أَن غَيره أدخلهُ فِي ذَلِك يبْنى الفعلُ مِنْهُ على أفْعلْت وَمن ذَلِك أَيْضا مكُث وأمكثْته وَقد يَجِيء الشَّيْء على فعَّلْت فتشرَك أفعلْت كَمَا أَنَّهُمَا قد يَشْتَرِكَانِ فِي غير هَذَا وَذَلِكَ قَوْلك فَرِحَ وأفرحْته وَإِن شِئْت قلتَ وفرَّحته وغرِمَ وغرَّمته وأغْرَمته إِن شِئْت كَمَا تَقول أفزعته وَقَالُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>