للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تركتَ السواكنَ على حَالهَا يُرِيد أَنَّك تجْعَل طاسين اسْما وَتجْعَل مِيم اسْما آخر فَيصير بِمَنْزِلَة اسْمَيْنِ جعلا اسْما وَاحِدًا كحَضْرَمَوْتَ فَتَقول هَذَا طاسين مِيم وقرأت طاسين مِيم وَنظرت فِي طاسين مِيم وَإِن شِئْت تركتهَا سواكن وَأما طهيعص والمر فَلَا يَكُنَّ إِلَّا حِكَايَة وَإِن جَعلتهَا بِمَنْزِلَة طاسين لم يجز لأَنهم لم يجْعَلُوا طاسين كحضرموت وَلَكنهُمْ جعلوها بِمَنْزِلَة هابيلَ وهاروتٌ وَإِن قلت أجعلها بِمَنْزِلَة طاسين وَمِيم لم يجز لِأَنَّك وصلت مِيم إِلَى طاسين وَلَا يجوز أَن تصل خَمْسَة أحرف إِلَى خَمْسَة أحرف فتجعلَهن اسْما وَاحِدًا وَإِن قلتَ أجعلُ الْكَاف وَالْهَاء اسْما ثمَّ أجعَل الْيَاء وَالْعين اسْما فَإِذا صَار اسْمَيْنِ ضممتُ أَحدهمَا إِلَى الآخر فجعلتُهما كاسم وَاحِد لم يجز ذَلِك لِأَنَّهُ لم يَجِيء مثل حَضْرَمَوْتَ فِي كَلَام الْعَرَب مَوْصُولا بِمثلِهِ وَهَذَا أبعد لِأَنَّك تُرِيدُ أَن تصله بالصَّاد فَإِن قلت أدَعُه على حَاله وأجعله بِمَنْزِلَة إِسْمَاعِيل لم يجز لِأَن إِسْمَاعِيل قد جَاءَ عدَّة حُرُوفه على عدَّة حُرُوف أَكثر الْعَرَبيَّة نَحْو اشهيباي وكهيعص لَيْسَ على عدَّة حُرُوفه شَيْء وَلَا يجوز فِيهِ إِلَّا الْحِكَايَة قَالَ أَبُو سعيد: طوَّل سِيبَوَيْهٍ هَذَا الْفَصْل لِأَنَّهُ أورد وُجُوهًا من الشُّبَهِ على مَا ذهب إِلَيْهِ فِي حِكَايَة كهيعص والمر وَذَلِكَ أَن أصل مَا بنى عَلَيْهِ الْكَلَام أَن الاسمين إِذا جعلا اسْما وَاحِدًا فَكل وَاحِد مِنْهُمَا مَوْجُود مثله فِي الْأَسْمَاء المفردة ثمَّ تضم أَحدهمَا إِلَى الآخر فَمن أجل ذَلِك أجَاز فِي طسم أَن يَكُونَا اسْمَيْنِ جعلا اسْما وَاحِدًا فَجعل طاسين اسْما بِمَنْزِلَة هابيل وأضافه إِلَى مِيم وَهُوَ اسْم مَوْجُود مثله فِي الْمُفْردَات وَلَا يُمكن مثل ذَلِك فِي كهيعص والمر إِذا جعل الاسمان اسْما وَاحِدًا لم يجز أَن يضم إليهام شَيْء آخر فَيصير الْجَمِيع اسْما واحداص لم يجز لِأَنَّهُ لم يُوجد مثل حَضرمَوْت فِي كَلَام الْعَرَب مَوْصُولا بِغَيْرِهِ فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: لم يجْعَلُوا طاسين كحَضْرَمَوْتَ فيضموا إِلَيْهَا مِيم لِئَلَّا يَقُول قَائِل إِن اسْمَيْنِ جعلا اسْما وَاحِدًا ثمَّ ضم إِلَيْهِمَا شَيْء آخر وكأنَّ قَائِلا قَالَ اجعلوا الْكَاف وَالْهَاء اسْما ثمَّ اجعلوا الْيَاء وَالْعين اسْما ثمَّ ضمُّوها إِلَى الأول فَيصير الْجَمِيع كاسم وَاحِد ثمَّ صِلُوه بالصَّاد فَقَالَ لم أَرَ مثلَ حَضْرَمَوْتَ يضم إِلَيْهِ مثل مثله فِي كَلَامهم وَهَذَا أبعد لِأَنَّهُ يضم إِلَيْهِمَا الصَّاد بعد ذَلِك ثمَّ احْتج على من جعله بِمَنْزِلَة إِسْمَاعِيل بِأَن لإسماعيل نظيراً فِي أَسمَاء الْعَرَب المفردة فِي عدَّة الْحُرُوف وَهُوَ اشهيباب وكهيعص لَيْسَ كَذَلِك وَذكر أَبُو عَليّ: أَن يُونُس كَانَ يُجِيز كهيعص وتفريقَه إِلَى كَاف هَا يَا عين جعلت ن اسْما للسورة فَهِيَ عِنْد سِيبَوَيْهٍ تجْرِي مجْرى هِنْد لِأَن النُّون مؤنث فَهِيَ مؤنث سُمِّيَت بمؤنث وَاسْتدلَّ سِيبَوَيْهٍ على أَن حم لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب أَن الْعَرَب لَا تَدْرِي معنى حم قَالَ: فَإِن قلت إِن لفظ حُرُوفه لَا يشبه لفظ حُرُوف الأعجمي فَإِنَّهُ قد يَجِيء الِاسْم هَكَذَا وَهُوَ أعجمي قَالُوا قَابُوس وَنَحْوه من الْأَسْمَاء لِأَن حا من كَلَامهم وَمِيم من كَلَامهم يَعْنِي من كَلَام الْعَجم كَمَا أَنَّهُمَا من كَلَام الْعَرَب وَكَذَلِكَ الْقَاف وَالْألف وَالْيَاء وَالْوَاو وَالسِّين ولغات الْأُمَم تشترك فِي أَكثر الْحُرُوف وَإِن أردْت أَن تجْعَل اقْتَرَبت اسْما قطعت الأللف ووقفت عَلَيْهَا بِالْهَاءِ فَقلت هَذِه إقتربه فَإِذا وصلت جَعلتهَا تَاء وَلم تصرف فَقلت هَذِه اقْتَرَبَتُ يَا هَذَا وَهَذِه تَبَّتٌ وَتقول هَذِه تَبَّهْ فِي الْوَقْف فَإِذا وصلت قلتَ: هَذِه تَبَّت يَا هَذَا وَيجوز أَن تحكيها فَتَقول هَذِه اقتربتْ وَهَذِه تَبَّتْ بِالتَّاءِ فِي الْوَقْف كَمَا تَقول هَذِه إِنَّ إِذا أردْت الْحِكَايَة

١ - هَذَا بَاب أَسمَاء الْقَبَائِل والأحياء وَمَا يُضَاف إِلَى الْأُم وَالْأَب

أما مَا يُضَاف إِلَى الْآبَاء والأمهات فنحو قَوْلك هَذِه بَنو تَمِيم وَهَذِه بنوسَلُول ونحوُ ذَلِك فَإِذا قلت هَذِه تميمُ وَهَذِه أَسَدٌ وَهَذِه سَلُول فَإِنَّمَا تُرِيدُ ذَلِك الْمَعْنى غير أَنَّك حذفتَ المضافَ تَخْفِيفًا كَمَا قَالَ عز وَجل: {واسْئَلِ القَرْيَةَ} [يُوسُف: ٨٢] ويَطؤُهم الطَّريقُ وَإِنَّمَا يُرِيد أهلَ الْقرْيَة وَأهل الطَّرِيق قَالَ الْفَارِسِي: اعْلَم أَن آبَاء الْقَبَائِل

<<  <  ج: ص:  >  >>