والمَشْرَبُ البارِدُ والظِّلُّ الدَّوُمْ وَهَذَا على ضَرْبَيْنِ: إِمَّا أَن يكون الْفِعْل المتكوِّنُ عَن هَذَا الْمصدر ملْفوظاً بِهِ كَقَوْلِهِم أَحْسَبني من حَسْب وكفاني من كَفْيَك وَإِمَّا أَن يكون متوَّهماً كَفعل شَرْعٌ وَقَالُوا هَذَا رجل هَدُّك من رجل. قَالَ: وَذَلِكَ لَا يثنّى وَلَا يجمع وَلَا يؤنَّث وَحكى سِيبَوَيْهٍ أَن من الْعَرَب من يَجْعَل هَدَّ فِعالاً فَيَقُول مَرَرْت بِرَجُل هَدَّك من رجلٍ وبامرأة هَدَّتْك من امْرَأَة.
دُخُول بعض الصِّفَات على بعض
تدخل مِن على عِنْد تَقول جِئْت مِن عِندك، وَتدْخل على على، أنْشد الْكسَائي: بانَتْ تَنوشُ الحوضَ نَوْشَاً مِنْ على وَدخل على عَنْ، قَالَ ذُو الرمة: إِذا نَفَحَتْ مِن عَنْ يَمينِ المَشارِقِ وَتقول: كنت مَعَ أصحابٍ فأقْبَلْت مِن مَعِهم وَكَانَ مَعَهَا فانتزعه مِن مَعِها، وَقَالَ: مِنْ تدخل على جَمِيع حُرُوف الصِّفَات إِلَّا على الْبَاء وَاللَّام، قَالَ الْفراء: وَلَا تدخل أَيْضا عَلَيْهَا نفسِها. قَالَ: وامْتَنَعَتِ العربُ من إدخالها على الباءِ واللامِ لِأَنَّهُمَا قَلَّتا فَلم يتوَهَّموا فيهمَا الأسماءَ لِأَنَّهُ لَيْسَ من أَسمَاء الْعَرَب اسْم على حَرْف وأُدخِلت على الْكَاف لِأَنَّهَا فِي معنى مِثْل وَالْبَاء تدخُل على الْكَاف، قَالَ الشَّاعِر: وَزَعْتُ بِكالهِراوةِ أَعْوَجِيٍّ إِذا وَنَتِ الرِّكابُ جَرَىَ وَثابا وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ: وصَالِياتٍ كَكما يُؤَثْفَيْنْ فَأدْخل الكافَ على الْكَاف وجملةُ هَذَا الْبَاب أنَّ حروفَ الجرِّ على ضَرْبَين فضربٌ يكون حَرْفَاً واسماً كعلى وعَنْ وضربٌ لَا يكون إِلَّا حرفا كالباء وَاللَّام وَإِلَى وَفِي فَمَا كَانَ مِنْهُ حرفا لم يدْخل عَلَيْهِ الْحَرْف وَمَا كَانَ مِنْهُ اسْما دخل عَلَيْهِ الحرفُ فَأَما الْكَاف فَإِنَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا الحرفُ لِأَن مَعْنَاهَا معنى مِثْل وَإِنَّمَا أدخلَ هَذَا سِيبَوَيْهٍ فِيمَا يُضْطَرُّ إِلَيْهِ الشَّاعِر، ثمَّ قَالَ: فعلوا ذَلِك لِأَن معنى الكافِ معنى مِثْل وعادلَ بِهِ سِوى حِين قَالَ وَجعلُوا مَا لَا يجْرِي فِي الكلامِ إِلَّا ظَرْفَاً بِمَنْزِلَة غَيره من الْأَسْمَاء، ثمَّ أنْشَد: وَلَا يَنْطِقُ الفَحْشاءَ مَنْ كَانَ منهُمُ إِذا جَلَسُوا مِنَّا وَلَا مِنْ سِوائِنا وكما استُجيز ذَلِك فِي الْكَاف إِذْ كَانَ مَعْنَاهَا معنى مِثْل استُجيز ذَلِك فِي سِوى إذْ كَانَ مَعْنَاهَا معنى غَيْرَ. أَبُو عبيد: جِئْتُ مِن عَلَيْك: أَي من عِنْدك، وَقَالَ الشَّاعِر: غَدَتْ مِن عَلَيْه بَعْدَما تَمَّ خِمْسُها وَكَذَلِكَ مِنْ مَعِهم: أَي مِن عِندِهم
دُخُول بعض الصِّفَات مَكَان بعض
فِي مَكَان على: تَقول لَا يدخُ الْخَاتم فِي إصْبِعي: أَي على إصْبِعي، قَالَ الله تَعَالَى: (لأَصَلِّبَنَّكُم فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute