للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهَذَا إِنَّمَا حَمَل الحوادِثَ على الحَدَثان ولَمَّا كَانُوا يقولُون الحَدَثان فيريدون بِهِ الكَثْرة والجُنْس كَمَا يُراد ذَلِك بِلَفْظ الْجَمِيع فَجعل الجمعُ كالواحد لموافقته لَهُ فِي الْمَعْنى بإرادتِهِ الْكَثْرَة باللفظين ومنْ ثَمَّ أنَّث الحَدَثان فِي الشِّعر أَيْضا لَمَّا جَازَ أَن يُعْنَى بِهِ مَا يعْنى بالحَوَادث قَالَ الشَّاعِر:

(وحَمَّالُ المِئِينَ إِذا ألمَّتْ ... بِنَا الحَدَثانُ والأَنِفُ النَّصُور)

١ - بَاب أَسمَاء المؤنَّث

الْأَسْمَاء المؤنَّثة على ضرْبين اسمٌ لَا علامةَ فِيهِ للتأنيث واسمٌ فِيهِ علامةٌ فَمَا لم تكن لَهُ فِيهِ علامةٌ فَلَا يَخْلُو من أَن يكونَ على ثَلَاثَة أحرُف أَو أكثَر من ذَلِك فَالَّذِي على ثَلَاثَة أحْرُفٍ نَحْو عَيْن وأُذُن وشمْس ونارٍ ودارٍ وقِدْر وعَنْز وسُوق فَمَا كَانَ من هَذَا الضَّرْب فَإِنَّهُ إِذا حُقِّر لَحِقتْه هاءُ التأنيثِ فِي التحقير كأَذيْنةٍ وعُيَيْنةٍ وسُوَيْقةٍ ودُوَيْرةٍ وَإِنَّمَا لَحِقت التاءُ فِي التحقير لِأَنَّهُ يَرُدّ مَا كَانَ ينبغِي أَن يكون فِي بِناء المكَبَّر فرُدّت كَمَا رُدَّت اللامُ فِي نَحْو يَدٍ ودمٍ وَنَحْو ذَلِك أَلا ترى أَنهم جمعُوا مَا حُذِفت الهاءُ فِي مكبَّره من الْمُؤَنَّث بِالْوَاو وَالنُّون كَمَا جمعُوا مَا خُذِفت مِنْهُ اللامُ فَقَالُوا أرَضُون كَمَا قَالُوا سِنُونَ وثِبُونَ ومِئُونَ وَقد تركُوا رَدّ الْهَاء فِي التحقير فِي حُرُوف مؤنَّثه من ذَوَات الثلاثةِ شَذَّتْ عَمَّا عَلَيْهِ الجُمْهورُ فِي الِاسْتِعْمَال مِنْهَا حَرْب وقَوْس ودِرْع لِدرْع الْحَدِيد وَإِنَّمَا قُلْنَا لِدرْع الْحَدِيد لِأَن الدِّرْع من الثِّياب مذكَّر وَمِنْهَا عُرْس وعَرَب قَالُوا عُرَيْب وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة:

(ومَكْنُ الضِّبابِ طَعامَ العُرَيْب ... وَلَا تَشْتهيه نُفُوسُ العَجَمْ)

والعَرَب مؤنَّثة لقَولهم العَرَبُ العارِبَةُ والعَرَب العَرْباءُ - وَأما مَا كَانَ على أَرْبَعَة أحرف من الْمُؤَنَّث فَلَا تَلْحَقُه التاءُ فِي التحقير وَذَلِكَ قَوْلهم فِي عَنَاق عُنَيِّق وَفِي عُقَّاب عُقَيِّب وَفِي عَقْرَبٍ عُقَيْرِب كَأَنَّهُمْ جعلُوا الْحَرْف الزَّائِد على الثَّلَاثَة فِي العِدّة وَإِن كَانَ أصلا بِمَنْزِلَة الزِّيادة الَّتِي هِيَ التَّاء فعاقَبتْها كَمَا جعلُوا الأصلَ كالزائدِ فِي يَرْمِي ويَغْزُو ويَخْشَى حَيْثُ حُذِفَت فِي الْجَزْم كَمَا حذفت الحركاتُ الزَّائِدَة وكما جعلت الْألف فِي مُرَامىّ بِمَنْزِلَة الَّتِي فِي حُبارَى وكما جعلت الياءُ فِي تَحِيَّة بِمَنْزِلَة الأُولَى فِي غَذِيّ وَالْيَاء فِي حَنِيفة فِي قَوْلهم تَحَوِيُّ وَقد شذَّ شيءٌ من هَذَا الْبَاب أَيْضا فأُلْحقت فِيهِ الهاءُ وَذَلِكَ وَرَاء وقُدَّام قَالُوا وُرَيِّثة وقُدَيْدِيمةٌ قَالَ الشَّاعِر:

(وَقد عَلَوْت قُتُودَ الرَّحْلِ يَسْفَعُني ... يَوْمٌ قُدَيْدِيمةَ الجَوْزاءِ مَسْمُومُ)

ولَحاقُ الهاءِ فِي هَذَا الضَّرب شاذٌّ عمَّا عَلَيْهِ استعمالُ الكَثْرة وَإِنَّمَا جَاءَ على الأَصْل المرْفُوض كَمَا جَاءَ القُصْوَى على ذَلِك ليُعْلَم أَن الأَصْل فِي الدُّنْيا والعُلْيا الواوُ كَمَا جَاءَ الْقَوَد ليُعْلم أَن الأصلَ فِي دارٍ وبابٍ الحركةُ فَأَما حُبَيِّرةٌ ولُغَيْغِيزةق فِي قَول من ألحقَ التَّاء فِي التحقير فَلَيْسَ على حَدّ قُدَيْدِيمة وَلَكِن على حدّ زَنادِقةٍ وفَرَازنَة - وَمِمَّا غَلَب عَلَيْهِ التأنيثُ فَلم يُعْرَف فِيهِ التذكيرُ يَقُولُونَ ثَلاثُ أَعْقُبِ غَلَب عَلَيْهِ التأنيثُ وَلم تكن كالضَّبُع لِأَن الضّبُع ذَكَرُها ضِبُعانُ وَلم يَقُولُوا ثلاثةٌ أعْقُب ذكورٍ وَلَا إناثٍ كَمَا قَالُوا حمامٌ ذكَرٌ وَله ثلاثُ شِيَاهِ ذُكُور لِأَن العُقَاب لَا تكون عِنْدهم إِلَّا أُنْثَى وَهَذَا قَول أبي الْحسن

١ - بَاب لَحَاق علامةِ التَّأْنِيث للأسماءِ وتقسيمِ العَلاماتِ

العَلامةُ الَّتِي تَلْحَق الأسماءًَ للتأنيث علامتانِ متَّفِقتان بكونهما عَلامتَيْ تأنيثٍ ومُخْتَلفتان فِي الصُّورَة فإحداهما ألِفٌ والأُخْرَى هَاء وَإِن شِئْت قلت تَاء وَهِي التَّاء الَّتِي تُقْلَب فِي الوقْف هَاء فِي أَكثر الِاسْتِعْمَال لِأَن نَاسا يَدَعُون التاءَ فِي الْوَقْف على حَالهَا فِي الْوَصْل كَمَا قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>