للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقد حُكِي أَنهم قَالُوا حِمَارة ورُبَّما ألْحَقُوا التاءَ فِي هَذِه الأسماءِ الموضُوعةِ للمؤَنَّث وَإِن كانتْ مستَغْنَى عَنْهَا كَقَوْلِهِم كَبْش ونَعْجة وجَمَل وناقةٌ فأمَّا البَعِير فكالإنسانِ يَشْمَلُ الجَمَل والناقةَ كَمَا أَن الإنسانَ يَشْمَلُ الرجُل والمرْأةَ والفَحْلُ كالرَّجُل من كل ذِي أربَع وجمْعه أفْحُلٌ وفُحُول وفُحُولَةٌ وفِحَال وفِحَالةٌ وفَحَلْت إبِلِي فَحْلاً كرِيماً وافْتَحلْتُ لِدَوابِيّ فَحْلاً - اتَّخذتُه لَهَا وبَعيرٌ ذُو فِحْلة - يَصْلُحث للافْتِحال وفَحْلٌ فَحِيل - كريمٌ وَمِنْه الاستِفْحال - شيءٌ تَفْعَله أعْلاجُ كابُل إِذا رأَوْا رجُلاً جَمِيلاً جَسِيماً من العَرَب خَلَّوْا بَينه وبيْنَ نِسائِهم رَجاء أَن يُولَد فيهم مثلُه وكالبَعير فِي هَذَا قولُهم الدَّجَاج فِي وُقُوعه على المذكَّر والمؤنَّث اللَّذين هما الدِّيك والدَّجَاجةُ قَالَ جرير:

(لَمَّا تَذَكَّرت بالدَّيْريْنِ أرَّقَنِي ... صَوْتُ الدَّجَاجِ وقَرْعٌ بالنَّواقِيس)

الْمَعْنى انتظارُ صَوت الدِّيَكَة لِأَنَّهُ مُزْمِع للخُرُوج وَقَالُوا فَرَسٌ وحِجْر للْأُنْثَى وَقَالُوا فَرَس أُنْثَى وَلم يقُولوا فَرَسه وَمن ذَلِك مَا كَانَ تأنيثُه بِغَيْر علامةٍ وَلَا صيغةٍ مختَصَّة للمؤَنَّث كأُذُن وعَيْن وَقد يكونُ الاسمُ الَّذِي فِيهِ عَلامةُ التأنيثِ واقِعاً على المذَكَّر والمؤنَّث كَقَوْلِهِم شاةق للذَّكَر والأُنثَى وَكَذَلِكَ جَرَادةٌ وبَقَرةٌ وَقد يكون الاسمُ وَاقعا على المذَكَّر والمؤنَّث وَلَا علامَةَ للتأنيث فِيهِ كَقَوْلِهِم عَقْرَبٌ أُنثَى وَيُقَال رأيتُ عَقْرَباً على عَقْرَب وَيُقَال لذَلِك العَقَارِب عُقْرُبَانٌ وَقيل العُقْرُبَّان بتَشْديد الْبَاء من دَوَابِّ الأرضِ يُقَال إِنَّه دَخَّال الأُذُن وَقد قيل عَقْرَبة بِالْهَاءِ على حدِّ رَجْلةٍ قَالَ الشَّاعِر:

(كَأَن مَرْعَى أُمَّكُمْ إِذا غَدَتْ ... عَقْرَبةٌ يُكُومُها عُقْرُبَانُ)

مَرْعَى - اسمُ أُمِّهم وعَقْرَبُ الشِّتاءِ - أوَّلُه مُؤَنَّث وَكَذَلِكَ العَقْرَب من النُّجوم والعَقْرَب - النَّمِيمة قَالَ أَبُو حَاتِم: العَقَارِب كلُّها إنَاثٌ لَا يُعْرَف ذكُورُها من إناثِها فَأَما العُقْرُبَّان فدابَّة غيْرُها قَالَ: وَقد زعَم بعضُهم أَن العُقْرُبَّان ذكَرُ العَقارب وَلم أسمَعْه من الفُصَحاء والأفْعَى على المذَّر والمؤنَّث وَقد يُقَال للذّكر أُفْعُوَانٌ وَأنْشد:

(قد سالَمَ الحَيَّاتُ مِنْهُ القَدَما ... الأُفْعُوانَ والشُّجَاعَ الشَّجْعَمَا)

قَالَ الْفَارِسِي الأَفْعَى مُؤنَّثة يُقَال رَمَاه اللهُ بأَفْعًى حارِيَةٍ - أَي نَقَص جِسْمُها وصَغُر قَالَ الشَّاعِر:

(حارِيَّة قدْ صَغُرَتْ من الكِبَرْ)

وَقد استُعْمِلتِ اسْما ووَصْفاً فَمن جَعَلها وَصْفاً لم يَصْرِف كَمَا لَا يَصْرِف أحمَرَ وَمن جعلهَا اسْما صَرَف كَمَا يَصْرِف أرْنباً وأفْكَلاً قَالَ: والأسَدُ يقَع على المذكَّر والمؤنَّث يُقَال أسَدٌ ذكَرٌ وأسَدٌ أُنثَى ورُبَّما أدخَلُوا الهاءَ فَقَالُوا أسَدٌ وأسَدةٌ وَيُقَال للْأُنْثَى اللَّبُؤَة وفيهَا أربعةُ أوجُه اللَّبُؤَة بِضَم الْبَاء مَعَ الْهمزَة واللَّبْأة على وَزْن الحَمْأة واللَّبَة على ترك الهَمْزة كَمَا تَقول فِي الحَمْأة إِذا تركتَ همزَها حَمَة واللَّبَاة على مِثال الكَمَاة والمَرَاة وَهِي قَليلَة عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَقَالَ الْفَارِسِي فِي التذكِرَة: كَأَنَّهُمْ يتَوهَّمُون الحركةَ الواقِعةَ على الْهمزَة واقِعةً على الحَرْف الَّذِي قبلَها فَكَأَنَّهَا همزةٌ مسَكَّنة قبلهَا فتْحة وغذا أُرِيد تخفيفُ الهمزةِ الَّتِي هَذِه صورَتُها كَانَ تخفيفُها هَكَذَا أَلا تَراهم قَالُوا كاسٌ وراسٌ فَكَذَلِك لَبْأة كَأَنَّهَا لَبَأْةٌ وَنَظِير ذَلِك همزُهُم مُؤْسَى قَالَ: وَزعم أَبُو العَبَّاء محمدُ بنُ يزيدَ أنَّ أَبَا حَيَّة النُّمَيْرِيَّ كَانَ يَهمِز كلَّ وَاو ساكنةٍ قبلهَا ضَمَّة وَذَلِكَ أنَّ الواوَ المضمومةَ تُهمَزُ بأطراد فتُتَوهَّم الضمةُ الَّتِي قبل الواوِ واقِعةً على الْوَاو وعَلى هَذَا قَرَأَ بَعضهم: {فاسْتَغْلَظ فاستَوَى على سُؤقِه} {وعاداً اللَّؤْلَى} أدغم قَالَ: وَكَانَ أَبُو حَيَّة النميريُّ ينشد:

<<  <  ج: ص:  >  >>