أَن أَبنَاء جمع ابْن، وَالْأَصْل كَأَنَّهُ إِنَّمَا جمع بَناً وبِنْو، فَهُوَ يصلح أَن يكون فَعَلاً وفِعْلاً كَأَن أَصله بَناً، وَالَّذين قَالُوا بَنون كَأَنَّهُمْ جمعُوا بَناً وأبْناء جمع فَعَل أَو فِعْل، وَبنت يدل على أَنه يَسْتَقِيم أَن يكون فِعْلاً وَيجوز أَن يكون فَعَلاً نقلت إِلَى فِعْل كَمَا نقلت أُخْت من فَعَل إِلَى فُعٍل، فَأَما بَنَات فَلَيْسَ جمع بِنت على لَفظهَا إِنَّمَا رُدّت إِلَى أَصْلهَا فَجمعت بَنات على أَن أصل بِنْت فَعَلَة مِمَّا حُذفت لامُه والأخفش يخْتَار أَن يكون الْمَحْذُوف من ابْن الْوَاو قَالَ: لِأَن الْعَرَب مِمَّا تحذف الْوَاو لثقلها، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَالْيَاء تحذف أَيْضا لِأَنَّهَا تَثقل، الدّليل على ذَلِك أَن يَد قد أَجمعُوا أَن الْمَحْذُوف مِنْهُ الْيَاء وَلَهُم دَلِيل قَاطع مَعَ الْإِجْمَاع يُقَال يديت إِلَيْهِ يَداً، ودَم مَحْذُوف مِنْهُ الْيَاء يُقَال دم ودَمَيان، وَأنْشد: جَرَى الدّمَيانِ بالخَبر اليَقينِ والبُنُوَّة لَيْسَ بِشَاهِد قَاطع فِي الْوَاو لأَنهم يَقُولُونَ الفُتُوَّة والتّثنية فَتَيان فَابْن يجوز أَن يكون الْمَحْذُوف مِنْهُ الْوَاو أَو الْيَاء وهما عِنْدِي متساويان، قَالَ الْفَارِسِي: فِي هَذَا الْفَصْل إغفال فِي غير مَوضِع، فَمن ذَلِك قَوْله فِي ابْن: يصلح أَن يكون فِعْلاً وفَعَلاً وَلَا يجوز فِي ابْن أَن يكون وَزنه فِعْلاً لِأَنَّهُ لَا دلَالَة على أَن الْفَاء مِنْهُ مَكْسُورَة بل الدّليل قَامَ على أَن الْفَاء مَفْتُوحَة وَذَلِكَ فِي قَوْلهم: بَنون، فَلَو كَانَ أَصله فِعْلاً لم تفتح الْفَاء فَإِن اسْتدلَّ على أَنه فِعْل مكسور الْفَاء بقَوْلهمْ أَفعَال وأفعال تكون جمعا لفِعْل نَحْو عِدْل وأعدال وقِنْو وأقْناء، لزمَه أَن يُجِيز فِي بنائِهِ فُعْلً وفِعلاً وَغير ذَلِك لِأَن هذَيْن البناءين يجمعان على أَفعَال أَيْضا فَإِن حكم على ابْن أَنه فِعْل بِهَذَا الدّليل فليحكم أَيْضا بِأَنَّهُ يجوز أَن يكون فُعْلاً وفَعِلاً بِهَذَا الدّليل نَفسه لِأَن دلالتّه لَيْسَ على أحد ذَلِك دون الآخر فَإِذا اسْتَوَى فِعْل وَغَيره فِي أَنه يجمع على أَفعَال لم يجز أَن يَجْعَل لأحد هَذِه الْأَبْنِيَة دون الآخر إلاّ أَن يغلب أَفعَال على بِنَاء من هَذِه الْأَبْنِيَة فَيكون بَابه أَن يجمع عَلَيْهِ فَلَيْسَ أَفعَال بِدَلِيل على أَن ابْنا أَصله فِعْل لما أعلمتك فقد ثَبت أَن الْفَاء مَفْتُوحَة لقَولهم بَنون فاما الْعين فالدّليل على أَنَّهَا مَفْتُوحَة أَيْضا قَوْلهم فِي جمعه أَفعَال وأفعال بَابه أَن يكون لفَعَل نَحْو جَبَل وأجبال وَلَيْسَ يجب أَن يُعدل بالشّيء عَن بَابه وَأَصله حَتَّى يقوم دَلِيل يُسوِّغ ذَلِك وَلم نعلم شَيْئا دلَّ على أَن الْعين سَاكِنة من ابْن وَعلمنَا أَنه يَنْبَغِي أَن تكون متحركة وَلِأَن أفعالاً بَابه فَعَل كَمَا أَن فَعْلاً المعتل الْعين بَابه أَفعَال مثل حَوْض وأحْواض وسَوْط وأسواط وَلذَلِك قُلْنَا فِي فَم إِن أصل بنائِهِ فَعْل وكما أَن فَعْلاً نَحْو فَرْخ حكمه أفْعُل، وَهَذَا الَّذِي ذَهَبْنَا إِلَيْهِ فِي ذَلِك مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَقِيَاس قَوْله وَمذهب أبي الْعَبَّاس ومالا يجوز غَيره فَإِن قَالَ قَائِل فأجِز فِي ابنٍ أَن يكون وَزنه فِعْلاً وفُعلاً لجمعِك لَهُ على أفعالٍ كَمَا أجزتَ فِي اسْم أَن يكون فُعْلاً وفِعْلاً لجمعك لَهُ على أَفعَال لِأَن أفعالا بناءٌ تجمع بِهِ الصِّنفين فَالْجَوَاب أَنا لم نقل فِي اسْم أَنه يحْتَمل أَن يكون فِعلاً وفُعلاً لقَولهم أَسمَاء وَلَكِن لما سمعناهم يَقُولُونَ سِمُهُ وسُمُه حملنَا الْكَلِمَة على الوزنين جَمِيعًا وَلَو حمَّلنا الْفَاء حَرَكَة ثالثّة لَكَانَ خطأ أَو مُخَالفَة للفظ الْعَرَب فِيهِ كَمَا أَن من حمَّل الْفَاء من ابنٍ حَرَكَة غير الفتحة كَانَ مُخَالفا للفظ الْعَرَب بذلك، وَلَا يجوز إِذا سمع الْفَاء من حَبْلٍ وغَيْلٍ وَمَا أشبهه مَفْتُوحًا أَن يجوز فِيهِ غير الْفَتْح المسموع فَإِنَّمَا أجزنا فِي اسْم أَن يكون فِعْلاً وفُعلاً لما ذكرت لَك فَأَما قَوْله وبِنْتٌ يدل على أَنه يَسْتَقِيم أَن يكون ابْن فِعلاً فَلَا دِلالة فِي قَوْلهم بنتٌ على أَن ابْنا وَزنه فِعْلٌ لِأَن بِنْتا من ابنٍ لَيْسَ كصَعْبَةٍ من صَعْبٍ فَيحكم بِأَن الْفَاء من ابْن مَكْسُورَة كَمَا أَنَّهَا فِي بنت مَكْسُورَة لِأَن هَذَا الْبناء صِيغَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute