للتأنيث على غير بِنَاء التّذكير فَهُوَ كحمراء من أَحْمَر وَلَيْسَ كصعبةٍ من صَعْبٍ وغُيِّر الْبناء عمّا كَانَ يجب أَن يكون عَلَيْهِ فِي أصل التّذكير وأُبدِل من الْوَاو تَاء فاُلحِق الِاسْم بِهِ بشِكْسٍ ونِكْسٍ وَمَا أشبه ذَلِك فَلَا دلَالَة فِي بنت إِذا على أَن ابْنا أصل وَزنه فِعلٌ وَهُوَ أَنا وجدناهم يَقُولُونَ أُخْتُ فَلَو كَانَ ابنُ فِعلاً لقَولهم بنتٌ لَكَانَ أخٌ فُعْلاً لقَولهم أختٌ فَكَمَا لَا يجوز أَن يكون أخُ فُعلاً وَإِن جَاءَ أختٌ كَذَلِك لَا يجوز أَن يكون ابنٌ فِعلاً وَإِن قيل بنتُ، وكما لَا يجوز لقَائِل أَن يَقُول إِن أَخا فُعْلٌ لفتحة الْفَاء مِنْهَا كَذَلِك لَا يجوز أَن يُقَال فِي ابْن إِنَّه فِعْلٌ لفتحة الْفَاء مِنْهَا فِي قَوْلهم بنونَ وكما دلَّ قَوْلهم آخاءٌ فِيمَا أنشَدَناهُ أَبُو بكر عَن أبي الْعَبَّاس عَن أبي عمر: وَجَدْتُمْ بَنيكم دُوننَا إِذْ نُسِبْتُم وأيُّ بني الآخاء تَنْبو مَناسبُه على أَن أَخا فَعَلٌ كَذَلِك يدل أَبنَاء على أَن ابْنا أصل وَزنه فَعَل لما ذكرنَا من أَن بَاب أَفعَال فَعَل كَمَا أَن أيْدٍ حُكِمَ من أَجله أَن يدا فَعْلٌ للْحَمْل على الْأَكْثَر كَذَلِك يُحكم لأبناء أَن واحده فَعَلٌ لِأَن أفْعُلاً بَابه فَعْلٌ كَمَا أفعالا بَابه فَعَلٌ، فَأَما قَوْلهم بناتُ فِي جمع بنتٍ فَهُوَ مِمَّا يدل على مَا قُلْنَا من أَن أصل الْفَاء من ابنٍ الفتْح ورُدَّ فِي الْجمع إِلَى أصل بِنَاء الْمُذكر كَمَا ردَّ أُخْت إِلَى أصل بِنَاء الْمُذكر فَقيل بناتٌ كَمَا قيل أخَواتٌ لِأَن أصل بِنَاء الْمُذكر من كل وَاحِد مِنْهُمَا فَعَلٌ لما قدَّمنا وَهَذَا الضّرب من الْجمع أَعنِي الْجمع بِالْألف والتّاء قد يُرَدُّ فِيهِ الشّيء إِلَى أَصله كثيرا كردِّهم الّلاماتِ السّاقطة فِي الْوَاحِد لَهُ كَقَوْلِهِم فِي عِضَّة عِضَوات وأُختٍ أخَوات وكما ردُّوا الْحَرْف الْأَصْلِيّ فِيهِ كَذَلِك رُدَّتِ الْحَرَكَة التّي كَانَت فِي الأَصْل فِي بِنَاء الْمُذكر فقد تبيَّن مِمَّا ذكرنَا أَن ابْنا أصل بنائِهِ فَعَلٌ، أما الدّلالة على حَرَكَة الْفَاء بالفتحة فَقَوْلهم بنُونَ، وَأما الدّلالة على حَرَكَة الْعين بِالْفَتْح فأفعال فَتبين أَن تجويزه فِي ابْن أَنه فِعْلٌ خطأٌ وَكَذَلِكَ تبين أَن استدلاله بقَوْلهمْ بنتٌ على أَن أصل وزنِ ابْن يجوز أَن يكون فِعْلاً خطأٌ، فَأَما قَوْله فِي اللَّام المحذوفة أَنه يحْتَمل أَن يكون عِنْده واواً أَو يَاء وأنهما عِنْده متساويان فِي الْحَذف فَلَيْسَ الْأَمر عِنْدِي كَمَا قَالَ والمحذوف الْوَاو دون الْيَاء لما أذكرهُ الدّليل على أَن الْمَحْذُوف من ابْن وَاو أَن هَذِه الْأَشْيَاء المحذوفة إِذا أُرِيد علم الْمَحْذُوف مِنْهُ أهوَ وَاو أَو يَاء أَو غير ذَلِك وَجب أَن يُنْظَر فِي تثنيته أَو جمعه بالتّاء أَو فِعْلٍ مَأْخُوذ مِنْهُ أَو جمعه المكسر فَإِن وجد فِي أحد ذَلِك يَاء أَو وَاو أَو غير ذَلِك حكم أَن الْمَحْذُوف فِي الْوَاحِد هُوَ مَا يظْهر من أحد هَذِه الْأَشْيَاء كَمَا حكمت بأخْوة على أَن الْمَحْذُوف وَاو بغَدَوْتُ وبدَمَيانِ أَن الْمَحْذُوف من دمٍ يَاء وَمن غدٍ وَاو وبعِضَوات أَن الْمَحْذُوف من عِضَةٍ واوٌ وَلَيْسَ فِي ابْن وَاو أَو يَاء فيستدلّ مِنْهُ على أَن الْمَحْذُوف مِنْهُ الْوَاو أَو الْيَاء فَإِذا لم يكن شيءٌ من هَذَا كَانَ أولى الْأَشْيَاء أَن يحمل على نَظِيره فَيجْعَل الْمَحْذُوف كالمحذوف فِي نَظِيره وَنَظِيره أُخْتٌ لِأَنَّهُ صفة قد أُلْحِقَت فِي التَّأْنِيث بقُفْل كَمَا ألحقت بنتٌ بعِدْل، فالمحذوف من أختٍ الْوَاو لقَولهم إخْوَة، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَن يكون الْمَحْذُوف من بنت واوا، وَشَيْء آخر يدل على أَن الْمَحْذُوف مِنْهُ الْوَاو دون الْيَاء وَهُوَ قَوْلهم بنتٌ وإبدالهم التّاء من لامه وَهَذِه التّاء لَا تَخْلُو أَن تكون بَدَلا من لَام الْفِعْل أَو عَلامَة للتأنيث فَلَو كَانَت عَلامَة للتأنيث لَا نفتح مَا قبلهَا كَمَا ينفتح مَا قبلهَا فِي غير هَذَا الْموضع، فَلَمَّا لم ينفتح علمنَا أَنَّهَا بدل وَأَنه لَيْسَ على حَدِّ طَلْحة وثُبةٍ، وَإِذا كَانَ بَدَلا فَلَا يَخْلُو أَن يكون من يَاء أَو وَاو وَلَا يجوز أَن يكون من الْيَاء لأَنا لم نجدهم أبدلوا التّاء من الْيَاء إلاّ فِي افتعل من الْيَسَار وَنَحْوه وَفِي حرف وَاحِد قَوْلهم أسنتوا، وَأما أصل إِبْدَال التّاء من الْوَاو دون الْيَاء فَذَلِك كثير جدا فَعلمنَا بذلك أَن التّاء فِي بنت بدل من وَاو كَمَا كَانَت فِي أُخْت كَذَلِك وكما كَانَت فِي هنة كَذَلِك والدّليل على أَن التّاء فِي هَنَةٍ بَدلٌ من الْوَاو قَوْله: على هَنَواتٍ شأنُها مُتَتابع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute