فالزكاة فِي هَذَا كَالصَّلَاةِ وَكَأن الْمَفْرُوض والمتنفَّل بهَا سميت صَلَاة لما فِيهَا من الدّعاء إلاّ أَنه اسْم شَرْعِي فَلَا يكون الدّعاء على الِانْفِرَاد حَتَّى تنضم إِلَيْهَا خِلالٌ أُخَر جَاءَ بهَا الشّرع كَمَا أَن الْحَج الْقَصْد فِي اللُّغَة فَإِذا أُرِيد بِهِ النّسك لم يتم بِالْقَصْدِ وَحده دون خِصَال أخر تنضم إِلَى الْقَصْد كَمَا أَن الِاعْتِكَاف لُبْثٌ وَإِقَامَة والشّرعي يَنْضَم إِلَيْهِ معنى آخر وَكَذَلِكَ الصَّوْم وحسَّن ذَلِك جمعهَا حَيْثُ جُمعت لِأَنَّهَا صَارَت فِي التّسمية بهَا وَكَثْرَة الِاسْتِعْمَال لَهَا كالخارجة من حكم المصادر وَإِذا جُمعت المصادر نَحْو قَوْله: إِن أنكر الْأَصْوَات فَأن يُجمع مَا صَار بالتّسمية كالخارج عَن حكم المصادر أَجْدَر. إلاّ ترى أَن سِيبَوَيْهٍ جعل دّرَّاً من قَوْلك لله دَرُّك بِمَنْزِلَة لله بلادك وَجعله خَارِجا عَن حكم المصادر فَلم يُعمله إعمالها مَعَ أَنه لم يُخص بالتّسمية بِهِ شَيْء وَجعله بِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال خَارِجا عَن حكم المصادر، وَلم يُجز أَن يُضيف دَرّ إِلَى الْيَوْم من قَوْله: لله دَرُّ اليومَ مَن لامَها على حد قَوْله: (بل مكر اللَّيْل والنّهار) فَهَذَا قَول من جمع فِي نَحْو قَوْله: (حَافظُوا على الصَّلوات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى) . فَإِن قلت فَهَلا جعل بِمَنْزِلَة دَرّ فَلم يجز فِيهِ إلاّ الإِفراد إلاّ أَن تخْتَلف ضروبه كَمَا لم يجز فِي درّ الْأَعْمَال قيل لَيْسَ كل شَيْء كثر اسْتِعْمَاله يُغير عَن أَحْوَال نَظَائِره فَلم تُغير الصَّلَاة عَمَّا كَانَت عَلَيْهِ فِي الأَصْل من كَونهَا مصدرا وَإِن كَانَ قد سمي بِهِ لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ قد انْضَمَّ إِلَى الدّعاء غَيره لم يخرج من أَن يكون الدّعاء مرَادا بهَا وَمثل ذَلِك من كَلَامهم قَوْلهم أَرَأَيْت زيدا مَا فعل. فَلم يُخرجه عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ دُخُول معنى فالتّسمية بِهِ مِمَّا يُقوي الْجمع فِيهِ إِذا عُني بِهِ الرّكعات لِأَنَّهَا جَارِيَة مجْرى الْأَسْمَاء والإفراد لَهُ فِي نَحْو: (وَمَا كَانَ صلَاتهم عِنْد الْبَيْت) يُجوِّزه أَنه فِي الأَصْل مصدر فَلم يُغير عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فِي الأَصْل وَمن أفرد فِيمَا يُرَاد بِهِ الرّكعات كَانَ جَوَازه على ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا على أَنه فِي الأَصْل مصدر من جنس المصادر لِأَنَّهَا أَجنَاس مِمَّا يفرد فِي مَوْضِع الْجَمِيع إلاّ أَن تخْتَلف فتجمع من أجل اختلافها وَالْآخر أَن الْوَاحِد قد يَقع فِي مَوْضِع الْجمع كَقَوْلِه: يُخرجكم طفْلا، وَقَوله: قد عضّ أَعْنَاقهم جِلدُ الجواميسِ صَاحب الْعين: قد يكون التّسبيح بِمَعْنى الصَّلَاة وَفِي التّنزيل: (فلولا أَنه كَانَ من المُسبِّحين) . أَي المُصلين قبل ذَلِك، وَأنْشد: وسَبِّح على حينِ العشيَّةِ والضّحى أَي صلِّ بالصباح والمساء وَهُوَ معنى قَوْله عز وَجل: (فسبحان الله حِين تُمسون وَحين تُصبحون) وَقيل: السّبْحَة: الدّعاء وَصَلَاة التّطوع وَسَيَأْتِي ذكر سُبْحَانَ الله بِمَعْنَاهُ وتعليله وافتتاح الصَّلَاة التّكبيرة الأولى وفواتح السّوَر أوائلها مِنْهُ وفاتحة الْقُرْآن الْحَمد وَقَالَ التّثويب: الدّعاء للصَّلَاة وَغَيرهَا وَأَصله أَن الرَّجُل إِذا جَاءَ مُستصرخاً لوَّح بِثَوْبِهِ فَكَانَ ذَلِك كالدّعاء. ابْن السّكيت: هِيَ صَلَاة الوِتْر. صَاحب الْعين: وَقد أوْتَرْت: صليت الوِتر. أَبُو عُبَيْد: أَحرمت بِالصَّلَاةِ وأحرمت فِيهَا وأحرمتها وَالْإِحْرَام عقدُها ودخولها الِاسْم والمصدر فِي ذَلِك سَوَاء وَقد قيل الإِحرام الْمصدر والحُرْم الِاسْم. قَالَ أَبُو عَليّ: الإِحرام الِاسْم والمصدر. أَبُو عُبَيْد: حَرُمَت الصلاةُ على الْمَرْأَة حُرْماً وحُرُماً لُغَتَانِ وحَرِمَت عَلَيْهَا حَرَماً وحَراماً والهَيْنَمة: الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة بالسّر والجهر وَقد تقدم أَنَّهَا الْأَصْوَات المختلطة فَأَما القَنْت والقُنوت فقد قيل هُوَ الْقِرَاءَة فِيهَا وَقيل الدّعاء وَقيل إطالتّها. صَاحب الْعين: القُنوت: الطّاعة لله تَعَالَى وَقيل هُوَ الإِمساك عَن الْكَلَام والخشوع وَمِنْه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute